"عشان نور عين سليمان".. رشا تدور بين المستشفيات والوزارات
كتبت- رنا الجميعي:
عام كامل قضته رشا أحمد علي في طُرقات المستشفيات والكيانات الوزارية، لا تبتغي سوى تحقيق حُلمها بعودة نور عين أبيها، وتعويضه عن الضرر الذي أصيب به.
في يونيو 2017، أجرى أحمد علي سليمان عملية لإزالة المياه البيضاء بالليزر لعينه اليمنى، على نفقة الدولة. دخل غُرفة العمليات بأحد مستشفيات جراحات اليوم الواحد، ليقضي ثلاث ساعات: "إحنا استغربنا، ماما كانت عملتها قبل كدا ومخدتش عشر دقايق"، خرج سليمان من الجراحة لتكتشف رشا تغيير مسار العملية من الليزر إلى الجراحة، وبحسب رواية رشا حاول الطبيب التهرّب من العائلة، لكن مع إصرارهم لمعرفة ظروف العملية "عرفنا من مدير المستشفى إن جهاز الليزر كان فيه مشكلة والدكتور صرف نظر عنه، ولما أصرينا نعرف جه الدكتور قالنا إن دا هو اللي حصل".
خرجت رشا برفقة والدها قلقة على حالته، لم تمرّ نصف الساعة حتى نزفت عينه، خوف شديد اجتاحها فاضطرت لاصطحابه إلى طبيب آخر لتفهم ما حدث "قال إن فيه غرز فكّت وضروري الدكتور اللي عمله العمليه لازم يظبطها"، في اليوم التالي اتصلت بالطبيب المُعالج الذي أشار عليها بالذهاب إلى مستشفى خاص لعلاجه فيها، وحين وصول الطبيب أكمل علاجه لوقف نزيف العين "لكن لما كشفنا تاني لقينا إن العين فيها تلفيات وانخفاض في الضغط".
كان الأمل مُرافقًا لرشا، تُحاول إثبات حالة أبيها السيئة عبر التقارير الطبية، وتهرّب الطبيب المُعالج "كان مش همّه إننا نشتكيه، قالنا اعملوا اللي إنتو عايزينه"، لكن الوقت لم يكن في صالح سليمان الرجل الستيني: "اكتشفنا إن العين راحت"، مع الكشف على العين والتحاليل الطبية أيقن سليمان أن عينه لا ترى "كان بيكشف والدكتور يقوله لو شايف اضاءة قولي، بس بابا مكنش شايف أي اضاءة".
منذ ذلك الوقت بدأت رحلة رشا مع الوزارات؛ قدّمت شكاوى لوزارة الصحة والمحامي العام ونقابة الأطباء ومجلس الوزراء، كل الشكاوى التي قامت رشا برفعها تم التحفّظ عليها، لم تفلح في سوى إجبار الطبيب المعالج بالتوقف عن العمل لصالح المشفى الحُكومي، لكنه كان مُنتدبًا للعمل بها "شكيت وزارة الصحة اللي بعتت لمدير المستشفى تسأله، وعملوا لجنة ثلاثية، وطلعت تقرير قالت فيه إنه غير مسار العملية".
لم يُرضِ رشا توقف الطبيب عن العمل بالمشفى الحكومي فقط "هو بالأساس بيشتغل لمستشفيات خاصة"، رفعت قضية للنيابة العامة وتم تحويلها للطب الشرعي، لكن التقرير لم يكن في صالحها "قالوا إن نسبة العجز في العين 35%، وإنه خطأ طبي وارد"، تُكمل رشا حكايتها "طيب يعني كدا فيه نسبة شفا 65%، طب عالجوه".
منذ عام 1998 لا يستطيع سليمان التكفّل ببيته ماديًا، فقد تسببت عملية انزلاق غضروفي قام بها بخطأ طبي منعه من التحرّك وحده، ومنذ ذلك الوقت لا يعمل الرجل الستيني "مبيقدرش يمشي كويس، خطواته مش مستقرة"، تكره رشا ما حدث لوالدها "يعني حرام يحصله خطأ طبي مرتين"، أثّر ما حدث على نفسية سليمان "لما فقد عينه اتزانه قلّ كمان، ممكن حد من اخواتي يجي جمبه ميشوفوش".
"أنا بقالي سنة بلف حوالين نفسي".. بصوت مُنهك تقول رشا، تعمل الفتاة بمدرسة خاصة، وتضطر للتغيب عن عملها لمدة يوم أو أكثر شهريًا لاصطحاب أبيها لعمل الإجراءات الطبية، أو لطرق أبواب المسئولين لإيصال صوتها، لكن دون جدوى حتى الآن.
لمدة 20 سنة أو أكثر لم يكن هُناك دخل منتظم لأسرة سليمان "كان له معاش 65 جنيه واتوقف، ودلوقت بقى لينا معاش تكافل وكرامة 400 جنيه، وطبعًا الفلوس دي متعملش حاجة دلوقت"، الحالة المادية السيئة لسليمان اضطرته لأن يكون علاجه على نفقة الدولة، أحيانًا ما تمرّ لحظات غضب بنفس رشا تجعلها تُفكّر أن ضيق ذات ما اضطرتها للجوء للدولة "لو كان معايا فلوس مكنش حصل اللي حصل".
فيديو قد يعجبك: