لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مستشفى المنيرة ترفع أسعار العمليات "الطاق طاقين".. والإدارة: "لو معملناش كده هنقفلها"

04:21 م الإثنين 07 مايو 2018

مستشفى المنيرة العام

طوابير طويلة وانتظار لساعات.. وممرضة: "اللي مش عاجبه يمشي"

كتبت - نانيس البيلي:

على الرصيف المقابل لمستشفى المنيرة العام بالسيدة زينب، افترش "أبو أحمد" الأرض، بانحناءة ظهره جلس يُتمتم بكلمات غاضبة بعدما انتهي لتوه من إجراء أشعة على ذراعه الذي تعرض للكسر إثر حادث، حيث فوجئ بارتفاع أسعار الأشعة ودفع كل ما في جيبه، بينما لا يملك ثمن المواصلة التي ستقله إلى منزله في منطقة البساتين "خلصت فلوسي عالأشعة، مكنتش عارف إن فيه زيادة وجاي يدوب على القد".

p2

بجوار الرجل الذي تجاوز العقد السادس من عمره، وقفت "زينب" بينما تتعكز حماتها "ذكية" عليها بعدما انتهت الأخيرة من إجراء أشعة على ساقها المكسورة، تُطلق الشابة العشرينية زَفرة غضب وتقول إن أسعار عدد كبير من خدمات المستشفى ارتفعت إلى الضعف بشكل مُفاجيء "الأسبوع اللي فات حماتي عاملة الأشعة بـ33 جنيها، جينا النهاردة لقيناها بـ50 جنيها".

على وقع كلمات الشكوى التي ضَج بها الثلاثة، انضم إلينا "طارق" الذي خرج غاضبًا من بوابة المستشفى، التقط أنفاسه ليهدأ قليلاً وهو يقول إنه قدم ليستفسر عن الولادة القيصرية لزوجته التي ستضع مولودها بعد أيام "مرات صاحبي والدة هنا من أسبوعين بـ350 جنيها، النهاردة قالولي بقت بـ650 جنيه". يضرب كفًا بكف ويُصيح "طيب اللي ممعهوش يعمل إيه يا ناس، يروح يولد مراته في الشارع".

ins

"أبو أحمد، وزينب، وذكية، وطارق" نماذج من عشرات المرضى الذين ترددوا على المستشفى الحكومي، اليوم وأمس، واشتكوا من الزيادة المفاجأة في أسعار عدد من الخدمات بها التي ارتفعت أول الشهر الجاري بنسبة وصل أحيانا إلى الضعف.

مدير المستشفى: الصحة والمحافظ أصحاب قرار الزيادة.. "ولو معملناش كده هنقفلها"

"هما زودوا الأسعار ليه، طيب الناس هتجيب منين" قالتها "زينب" للواقفين، قبل أن تستوقف "محررة مصراوي" التي همت بدخول المستشفى لتبادرها قائلة "المفروض انتي تقوليلنا وتفهمينا".

حملنا تلك الأسئلة إلى الدكتور أشرف شفيع، مدير مستشفى المنيرة الذي رد قائلاً "بالفعل أسعار بعض الخدمات زادت أول شهر مايو، ده قرار وزارة الصحة ومحافظ القاهرة، إحنا مجرد أدوات تنفذ قرارات الوزير، ولو معملناش كده هنقفلها".

أمام عيادة العظام، وقفت "نورا" تنتظر صديقتها "أم محمود"، بعدما أرجأت الأولى إجراء الأشعة التي طلبها الطبيب منها "عشان عندي كيس على المبايض وهعمل عملية بعد العيد". تقول نورا: علمت اليوم بزيادة سعرها إلى 40 جنيهًا بفارق 15 جنيهًا عن الأسبوع الماضي، "قالوا لي كل حاجة غليت، الطاق بقى طاقين.. مكنتش عاملة حسابي".

ins2

بعد دقائق، خرجت "أم محمود" وهي تستند على طفلتها "ملك"، بادرتها "نورا" بالسؤال "طمنيني عملتي إيه"، قبل أن تومئ رأسها بضَجر وتقول إن الطبيب طلب منها إجراء أشعة ستتكلف 500 جنيه، "وأنا مش عاملة حسابي، مكنتش أعرف إنه هيكتبلي أشعة".

قبل حوالي شهر، كانت السيدة الثلاثينية تستقل الدراجة البخارية خلف زوجها قبل أن تفلت يداها وتسقط على الأرض وتنكسر ذراعها.
تقول إنها أجرت أشعة قبل أسبوع مجانًا في استقبال المستشفى ذاتها، وصُعقت اليوم بالمبلغ المطلوب "قلت للدكتور أنا مش إمكانياتي أدفع 500 جنيه، ممعييش والله"، بينما أخبرها بأنه لا مفر "قالي لو معملتيش الأشعة دراعك هيبوظ" تتلوى من الألم وهي تقول إنها ستنصرف الآن لحين ميسرة "هحاول أتدبر في الفلوس وربنا اللي بيرزق".

مدير المنيرة: المستشفى ستقتصر على حالات الطوارئ ومن لا يملك تأمينا صحيا

يقول مدير مستشفى المنيرة لمصراوي، إن هدف قرار رفع الأسعار هو جعل المترددين على المستشفى من حالات الطوارئ وممن لا يملكون تأمينا صحيا فقط "عاوز اللي يجيلي هنا الحالات الحرجة والمواطن الغلبان بس، لكن اللي له تأمين صحي بيجي هنا ليه، بيستهلك مواردنا وبيبقى العدد عبئ على طاقة المستشفى".

1

داخل ممر كبير يضم عددا من العيادات، اصطفت طوابير المرضى يحملون تذكرة الكشف الزرقاء، أمام عيادة الباطنة كانت طوابير السيدات والرجال هي الأطول حيث امتدت لأمتار خارج الممر.

الساعة تقترب من الحادية عشرة صباحًا، وسط همسات الضجر وتأفف المرضى من طول الانتظار، صاحت إحدى الممرضات التي تقف على باب عيادة الباطنة لتنظيم دخول المرضى "عاوزة نظام والتزموا الهدوء، اللي مش عاجبه يتفضل يمشي"، لتقاطعها فتاة عشرينية وهي تصرخ "أنا من 6 ونص الصبح واقفة، مش كفاية زودتوا الأسعار" قبل أن تجهش بالبكاء وتتلوى من ألم بطنها وتسندها بعض السيدات ثم يصطحبها أحد الأطباء إلى غرفة مجاورة.

birth

وحصل "مصراوي" على كشف الأسعار الجديدة للمستشفى، كان أبرزها زيادة ثمن الأشعة لترتفع من 33 جنيها إلى 40 و50 جنيها، ومضاعفة أسعار الولادة، فارتفعت الولادة القيصيرية إلى 650 جنيها مقابل 350 جنيها، والطبيعية لـ350 جنيها مقابل 50 جنيها.

شفيع: القرار مؤجل من يناير الماضي

يقول مدير المستشفى إن قرارات زيادة الأسعار كان من المفترض تطبيقها أول يناير الماضي، لكن تم تأجيلها قليلاً لبعد إجازات الأعياد والمناسبات المتتالية "عشان الناس وميحصلش بلبلة، قولنا نأخرها لبعد ذكرى ثورة يناير وأعياد الأقباط".

"وزارة الصحة جعلت مستشفى المنيرة ضمن المستشفيات الحكومية المسموح لها التعامل باللائحة 120 وتعني أن يكون العلاج بأجر مقابل تحسين الخدمة"، يقول "شفيع" موضحا أن قرار رفع أسعار خدمات المستشفيات الحكومية مطبق منذ فترة واتجاه تسلكه الوزارة وأن "المنيرة" هي آخر مستشفى تُنفذ القرار.

ds

لم يقتصر الحديث عن الزيادة المفاجأة في أسعار خدمات المستشفى على المرضى المترددين عليها، كان الأمر أيضًا هو لسان حال العاملين بها من أطباء وممرضين وعمال نظافة وأفراد أمن، وفي حين تحفظ القليل على التحدث مع محررة مصراوي، انطلق عدد كبير منهم في الشكوى.

"سيد" عامل نظافة و"حسن" فرد أمن يعملان بالمستشفى، يعبران عن ضيقهما من تلك الزيادة التي طبقت أول الشهر الجاري "الناس بتبقى زعلانة وعلى آخرها لما تعرف بالأسعار الجديدة" يقول "سيد"، ويشير "حسن" إلى معرفته من حديث سمعه دار بين طبيبين بالمستشفى أن هناك زيادة أخرى مقررة على أسعار تذاكر الكشف "قالوا هتزيد من أول شهر 7، بدل ما كانت بجنيه وربع هتبقى من 5 لـ10 جنيه".

3 آلاف مواطن يترددون على المنيرة يوميًا

3 آلاف مواطن يترددون يوميًا للكشف بمستشفى المنيرة، و300 عملية متنوعة تجريها المستشفى شهريًا، بحسب ما يقول مدير المستشفى لمصراوي. ويوضح أن المستشفى لديها نقص كبير في السرنجات والجوانتيات.

بصوت هامس، تؤكد "سالي" - اسم مستعار – وتعمل ممرضة بالمستشفى زيادة أسعار عدد من الخدمات بالمستشفى بنسبة كبيرة قد تصل للضعف "بقت أسعار خيالية ولا المستشفيات الخاصة، حرام ده الناس اللي بتيجي هنا معدمة أصلاً"، تقول إن إدارة المستشفى غير مسؤولة عن تلك الزيادة "هنا ملهومش ذنب، دي تعليمات بتجيلهم، دلوقتي وزارة الصحة بتقول الغلبان يموت".

tabor

نقص في المستلزمات الطبية تعاني منه مستشفى المنيرة وفق السيدة الأربعينية التي تعمل بها منذ نحو 15 عامًا "كل حاجة قلت عن الأول"، وتشير إلى خفض عدد بعض المستلزمات التي تصل إليهم خاصة بنج الأسنان والجوانتيات "دلوقتي بيدونا علبة واحدة كل شهر، بقيت بشيلها وأطلع للدكتور جوانتي حسب الطلب".

last

في حوالي الواحدة والنصف ظهراً، كان "أبو أحمد" لا يزال يفترش ذات الرصيف، يمسك بإحدى يديه كيس بلاستيكي مهتريء داخله الأشعة التي أجراها بآخر نقود في جيبه، بينما يمسك عكازه في اليد الآخرى "لسه قاعد مكاني، هو أنا معايا فلوس أروح"، ينعي حاله ويقول إنه لا يعلم كيف سيدبر ثمن الأشعة الآخرى التي طلبها الطبيب منه "معاشي 460 جنيه، هشتكي لمين الشكوي لغير الله مذلة".

minzar

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان