فيديو| "التشجيع بالإشارة".. كيف تابع الصم مباراة مصر وروسيا؟
كتبت وتصوير - مها صلاح الدين:
كعادتهم في أيام المباريات، استغرق الثلاثي "أحمد وموسى ومحمد"، أكثر من ساعتين في محادثة جماعية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث يسهل عليهم التواصل عبر الكتابة، للاتفاق على موعد ومكان اللقاء.
منذ سنوات، والرفاق الثلاثة، يجدون في رفقتهم ضجيجا يملأ عالمهم الصامت، أحيانًا يقرأون حركة الشفتين، لكن لغة الإشارة تجمع بينهم في طريقة خاصة، للمزاح والشجار والمناوشات. وبعد مناقشة دارت طويلاً، أخيرًا اتفقوا أن يشاهدوا مباراة مصر وروسيا سويًا، في قهوتهم المفضلة، بحي حلمية الزيتون.
غادر كل منهم مقر عمله مبكرًا، والتقوا على رأس شارع ترعة الجبل، حيث يقبع المقهى الشعبي على أحد أرصفته، قبل بداية المباراة بساعة ونصف الساعة، حتى يتمكنوا من حجز أماكن في المقدمة.
قبل بداية المباراة، بدأ الرفاق في عرض توقعاتهم وتخوفاتهم، بدأ أحمد، الموظف بشركة أدوية، يحرك أصابعه بإشارات سريعة ومتتالية، كان يقول أنه متفائل، لكنه يتوقع أن المباراة ستكون صعبة. فيرد عليه موسى، موظف بإحدى شركات الاتصالات، بعلامات أخرى، لم يكن مفهوما منها سوى رقم واحد، فيفسر لنا أحدهم: "بيقول إن شاء الله هنكسب واحد صفر".
أما محمد، ففضل ألا يدلي بأية توقعات، وأن ينتظر، وفي الثامنة من مساء أمس بدأت المباراة، وبدأت صيحات الجماهير تعلو صعودًا وهبوطًا كالعادة، مع كل فرصة ضائعة للمنتخب المصري، وأي هجمة مرتدة للمنتخب الروسي، لكن انفعالات الثلاثي الصامت كانت أقل حدة، لم تزد عن تصفيق، أو شهقات هادئة نسبيًا، مع كل مما سبق.
من وقت لآخر خلال الشوط الأول، كان يقطع كل من أحمد وموسى ومحمد الصمت الخاص بهم، بإشارات لا يفهمها سواهم، يتبادلون بها وجهة نظرهم، حول أداء المنتخب، وما إن انتهى الشوط الأول، أومؤوا برؤوسهم ليعبروا عن رضاهم عن مستوى المنتخب، وعادوا للصمت من جديد.
غادر أحمد لدقائق، منذ الصباح الباكر لم يذهب إلى المنزل، حتى يستطيع حجز مكان جيد على المقهى، فذهب ليبدل ملابسه ويعود، بينما غدت لغة الإشارة تقطع صمت محمد وموسى بين الحين والآخر.
وقبيل بدء الشوط الثاني بدقائق، عاد أحمد برفقة شقيقه الأصغر، لا يتحدث هو أيضا إلا بلغة الإشارة، وعلى الرغم من كل ضجيج المقهى حولهم، ازداد صمتهم، وقلت انفعالاتهم، عن بداية المباراة، ومع الهدف الأول للمنتخب الروسي، بدأت علامات التوتر تغلبهم، يعقدون أذرعهم حول أجسادهم، وتتسارع ذبذبات أرجلهم اللا إرادية.
ومع الهدف الثاني للمنتخب الروسي توقف كل شيء، الانفعالات، ولغة الإشارة، وحتى علامات التوتر، آثر ثلاثتهم الصمت، وكأنهم تيقنوا من الهزيمة، حتى ركلة الجزاء التي أحرزها صلاح، لم تحرك لديهم ساكنا. فقط اكتست وجوههم بالوجوم منذ إحراز الهدف الثالث للمنتخب الروسي، وأصبحت علامات الغضب لا تحتاج إلى إشارات كي تعبر عنها.
استمر الحال هكذا، لم يصمت "أحمد وموسى ومحمد" فحسب، بل سيطر الصمت على ملامح كل جمهور المقهى، ومع صافرة النهاية، اندفع أحمد واقفًا، وأشار إلى رفاقه بانفعال، لا يوجد شيء يدفعهم للبقاء، عليهم الآن أن يغادروا، استجابوا إليه على الفور، ومضوا من دون إشارة أخيرة.
فيديو قد يعجبك: