رحلة تشكيل البيادق.. أكاديمية "عدلي" الدولية للشطرنج: "الحُلم يتحقق"
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
كتبت- علياء رفعت:
تصوير- محمود بكار:
فيديو- يمنى بدر:
قبل أربعة عشر عامًا، كانت بداية الرحلة التي لم يكن يعلم "أحمد عدلي" صبي السبع سنوات- آنذاك- أنه سيُصبح في مُنتصفها بطل العالم في شطرنج ما دون العشرين عام 2007. تلك القِطع الصغيرة التي تُشكل جيوشًا قوية، الرقعة المقسمة لمربعات بلونيها الأبيض والأسود، والتحدي الذهني لكسب الحرب؛ كُلها عوامل برقت في عين الصبي بذلك الوقت حين لاعبه والده أول "ماتش" شطرنج بهدف التسلية ليتحول الأمر بعدها لغوايةٍ، فهواية، فاحتراف، فبطولة.
من مركز شباب المنيل حيثُ أول مسابقة شارك فيها "عدلي" للشطرنج، إلى مسابقاتٍ لاحقة أفضت لمُعسكرات في ألمانيا، وإنجلترا كان الصبي يلهث حول حلم بطولة العالم التي توقف من أجلها عن الدراسة عقب المرحلة الثانوية لالتزامه بمعسكرات التدريب مُستغرقًا سنوات حتى عاد للدراسة مرة أخرى في الأكاديمية البحرية.
هُناك، حُيث تحقق حلم الأكاديمية على الورق لأول مرة "كانت سنة مشروع التخرج، قررت إنه هيكون الأكاديمية اللي نفسي افتحها فبدأت أخطط لها بشكل كامل".
أعوامٌ عديدة أعقبت تحقق الأكاديمية على الورق دون أن يجد "عدلي" سبيلًا لبنائها على أرض الواقع نظرًا للتكاليف المادية التي تتطلبها، والصورة الذهنية لدى البعض بأن الشطرنج لا يعدو كونه هواية لا تحتاج الدراسة ولا تخلق البطولة مثل الرياضات الأخرى. ولكن القدر كان له كلمة أخرى حين اجتمع "عدلي" كريم درويش، بطل الإسكواش المصري ومدير النشاط الرياضي بنادي وادي دجلة.
عرض درويش على "عدلي" أن ينشأ أكاديمية الشطرنج خاصته بالنادي الذي أبدى المسؤولون فيه الاستعداد لتحمل تكلفتها بالكامل "وقتها شريف قالي أنا مصدق حلمك، ووادي دجلة مجتمع للأبطال، يلا نعمل الأكاديمية ونربي أبطال شطرنج زي الاسكواش".
عقب ذلك الاجتماع انطلق عدلي في تحقيق حلمه مُجتمعًا بقيادات الإدارة في النادي، مُستعينًا بمشروع تخرجه ودراسات الجدوى القديمة، إلى جانب خطابات عديدة أرسلها للاتحاد الدولي للشطرنج ليطلع على الشروط الخاصة بإنشاء أكاديميته التي أراد لها أن تكون أول أكاديمية مصرية حاصلة على الاعتماد الدولي. ومن أجل ذلك الاعتماد كانت المواصفات الخاصة التي طالب بها الاتحاد الدولي مُشكلة بذلك عقبة جديدة.
"الاتحاد الدولي شروطه مش سهلة أبدًا وعشان نوافق معايره بعتنا اشترينا المناهج اللي بيتم تدرسيها من هولندا، والساعات بتاعة الماتشات من ألمانيا وبعض الأدوات من فرنسا ودبي" قالها عدلي وهو يتجول بين طلاب أكاديميته مُستطلعًا أحوال الماتش الذي يلعبوه في نهاية كُل درسٍ للتطبيق.
العقبات التي واجهت إنشاء الاكاديمية لم تكن بالقليلة بحسب، "إبراهيم صديق" مدير فروع نادي وادي دجلة بشرق القاهرة، خاصة وأنها الأولى من نوعها من حيث حصولها على ترخيص الاتحاد الدولي والشروط التي تطلبها ذلك، ولكن إيمان إدارة النادي بالفكرة دفعهم لخوض التجربة التي لم يتوقعوا نجاحها إلى هذا الحد في بدايتها "النجاح اللي لاقته الأكاديمية كان فوق المتوسط وفوق التوقعات نظرًا لأنها جديدة على المجتمع الرياضي لدرجة إننا مبهورين بيها وبنستعد للفروع الجديدة بشغف."
صناعة البطل هى الأهم، كان ذلك هو المبدأ الذي انطلق منه "صديق" في محاولة تذليل الصعاب التي واجهت إنشاء الأكاديمية، بدءًا من الميزانيات المرصودة لها، مرورًا بالحصول على ترخيص الاتحاد الدولي، ووصولًا للإعلان عنها وإشهارها الذي قررت من أجله إدارة النادي إقامة دورة شطرنج رمضانية قبل الافتتاح في الخامس والعشرين من مايو لتحفيز الأعضاء على الاشتراك.
وعلى العكس من تلك الشروط الصعبة لإنشاء الاكاديمية ، فالانضمام لها لا يتطلب سوى التقدم لملء طلب يقوم بعدها الطفل بعمل اختبار ذكاء لتحديد قدراته الحسابية والذهنية على الربط بين الأشياء إلى جانب سرعة التعلم، ومدى معرفته بقواعد اللعبة والمستوى الذي سيبدأ منه.
ويتكون المنهج الهولندي المعتمد من الاتحاد الدولي، والذي يدرس بالأكاديمية، من 6 مستويات، يتطلب إتمام كُل منها ثلاثة أشهر كاملة ليستعد اللاعب عقب إتمامهم للمشاركة في المسابقات العالمية والاحترافية، ولكن "عدلي" عمد إلى ترسيخ شيئًا آخر بأذهان طُلابه "الطلاب اللي عدوا المستوى الاول هنشارك بيهم في بطولة الجمهورية، مش مهم يحققوا مركز عالي لكن مهم نرسخ جواهم ثقافة البطولات والمسابقات عشان يتعودوا عليها من دلوقتي."
أما عن التكاليف المادية التي تتطلبها الأكاديمية للالتحاق بها فهي لا تتعدى 350 جنيها لكل طفل عن كُل مستوى وتشمل تلك التكلفة الدروس بمعدل تدريبين كل أسبوع، المتابعات الدورية مع الأهل، والامتحانات عقب الانتهاء من كل مستوى، ولكن الاشتراك بها متاح فقط لأعضاء النادي، وهو الأمر الذي خاض من أجله "عدلي" نقاشاتٍ طويلة على أمل ان يكون الاشتراك مفتوحًا غير أن الإدارة تمسكت بحصرها على الأعضاء فقط، حتى وافق عدلى في النهاية "مكنش قدامي حل تاني بعد ما حاربت سنين طويلة عشان افتح الاكاديمية وملقيتش دعم ولا إيمان بالفكرة وإمكانية التمويل في أى مكان".
ورغم ذلك يرى "عدلي" بأن تلك الخطوة وإن كان ستقتصر على البعض ولن تعم الجميع ولكنها ستشكل نواة في المجتمع المصري للتعديل من وضع "الشطرنج" كرياضة بين مصاف الرياضات الهامة، مما سيؤثر في افتتاح العديد من الأكاديميات لاحقًا.
"نجاح الأكاديمية ممكن يحمس ناس كتير ويفتح أبواب قدام أبطال ناجحين زي باسم سميرـ ثالث بطل عالم و بطل إفريقيا رجال 2018 و بطل إفريقيا تحت الـ20 عام 2005ـ عشان يفتحوا اكاديميات تانية" يقولها عدلي مُتمنيًا أن تحصل أكاديميته على النجاح الذي يطمح إليه فتقوم بتخريج لاعبين واعدين، مشيرًا إلى أن فرع شيراتون هو الفرع الرئيسي الذي سيعقب استقراره افتتاح خمسة فروع أخرى للأكاديمية داخل فروع نادي وادي دجلة في انحاءٍ مختلفة منها؛ أكتوبر، والتجمع، والاسكندرية أيضًا.
لا يحلم "عدلي" سوى أن يكون وأكاديميته جزءًا من صناعة أبطالٍ جُدد في مجال الشطرنج، ليوفي بالوعد الذي قطعه على نفسه عقب فوزه ببطولة العالم. ورغم أن تحقيق الحلم يتطلب بذل النفس والمجهود في سبيله إلا أنه جاهزًا تمامًا من أجله، مُثابرًا في مشوار صناعة الأبطال الجُدد. يأمل فقط أن تتغير ثقافة المجتمع في تربية الأطفال لتتاح له الفرصة لنقل العلم والمعرفة "عاوز أقول لأى أب وأم انك زي ما بتفكر تبني جسم ابنك رياضيًا، لازم تبني عقله كمان لأن ده هينعكس على تفكيره وشخصيته وهيغير نظرته للأمور وحياته بشكل جذري."
فيديو قد يعجبك: