لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"لو كنت أنثى"... شاب سوري يتمرّد على المجتمع بفيلم قصير

03:53 م الأربعاء 18 يوليو 2018

كتبت- دعاء الفولي:

تجارب عديدة خاضها الشاب السوري سماح الحسين؛ بحثا عن عمل. طرق أبوابا كثيرة، لكنها أُغلقت في وجهه، آخرها تلك المرة حينما أنهى مقابلة شخصية في شركة، وتم إخباره بقبوله في المكان، على وعد باتصال قريب، غير أنه فوجئ بأن صديقة له حصلت على الفرصة، رغم أن خبرتها ليست ملائمة للوظيفة؛ غضب الشاب، لكنه قرر صُنع فيلم وثائقي قصير عن معاناته، تحت عنوان "لو كنت أنثى".

خلال 18 دقيقة، رصد الحسين معاناته في شكل تحقيق تليفزيوني، نشره عبر موقع يوتيوب، وأنجزه كمشروع تخرج للجامعة الافتراضية بدمشق، لعام 2017. كانت الفكرة جريئة بالنسبة له "بس كنت حابب أنتقم بطريقتي الخاصة".

مطلع شهر مارس 2017 أنشأ الحسين حسابين افتراضيين عبر موقع فيسبوك؛ الأول باسم نور جعفر والثاني باسم ميريام بيطار، اقتضت التجربة أن يتخفّى الشاب خلف الشخصيتين بشكل متوازي لعدة أشهر ويكتسب أصدقاء عبر الفضاء الإلكتروني ثم يطلب فرصة عمل ويرصد رد الفعل.

على مدار أربعة أشهر تابع صاحب الـ25 عاما خطته، حدد لكل شخصية سماتها "نور عنده خبرة بالمجال الإعلامي كويسة.. وبيشتغل بالتسويق ودارسه وصوته حلو وبيدور على أي فرصة شغل"، بينما ميريام ليس لديها خبرة عملية "هي دارسة إدارة أعمال وفقط شكلها حلو"، أتقن صاحب الـ25 عاما دوره جيدا "بس كان أصعب شيء هو إتقان الشكل".

1

حينما عرض الحسين الفكرة على مشرف المشروع بقسم الإعلام الإلكتروني "استغرب كتير.. خاصة إني قررت أعمل دور الفتاة"، أصرّ الشاب أن يكون الحسابين لشخص واحد "كان بدي قول إنه نحنا عالم بتوع مظاهر.. ننظر فقط للقشور"، ولمزيد من المصداقية "كان لازم يكون الاتنين لهم صور تبعهم على فيسبوك".

استعان السوري بصديقة له لتغيير شكله ليصبح "أنثويا بطريقة لا تثير الشك.. كان لازم ما حدا يشك كمان إني متحول جنسيا أو إشي"، لم يكن الشكل هو الأزمة فقط "الصوت كان الأصعب"، تدرّب الطالب وقتها على تغيير صوته تماما، علم أنه سيحتاج ذلك حينما يُسجل مقطع الفيديو الأول له كـ"ميريام"، فليس هناك مساحة للخطأ "أي غلطة بسيطة قد تفسد التجربة والمشروع كله".

قبل نشر مقطع الفيديو على حساب نور وميريام بالتوازي " كنت كل يوم فوت على الحسابين ونزّل بوست يعبر عن شخصية كل واحد أو أطلب شغل". من البداية تلقّى نور اهتمام قليل بما يكتب، فيما حصلت ميريام "ذات الصورة الجميلة" على طلبات صداقة عديدة، تخطت الـ600 خلال الأسابيع الأولى، غير أن ما حدث بعد نشر مقطع الفيديو للشخصيتين كان "غريب ومرعب كتير.. وقتها تأكدت إنه عنّا مشكلة حقيقية بالوطن العربي".

2

لم تتجاوز مدة الفيديو الذي نشرته الشخصيتان عبر فيسبوك بضع دقائق، لكن التفاعل اختلف؛ فبينما حصل نور على قليل من التعليقات عن طبيعة الوظيفة التي يريد، ورسالة واحدة من شخص يخبره أنه سيسأل في بعض الشركات لمساعدته، حصدت ميريام مئات التعليقات والرسائل لوظائف في دول متفاوتة بالعالم.

أكثر من ١٨ ألف شخصا شاهدوا فيديو الفتاة الوهمية عبر موقع فيسبوك، فيما لم تتخط مشاهدات فيديو نور ثلاثة آلاف. ورغم الحزن الشديد الذي شعر به الحسين بعد نشر المقطعين، لكن ثمة مواقف طريفة مرت به.

3

"في واحد عرض علي الزواج اما كنت ميريام".. يتذكر الحسين ضاحكا، إذ واجهته أزمة لتنقية محتوى الرسائل التي وصلت لميريام قبل وضعها في الفيلم "اخترت الأكثر أخلاقية والرسائل اللي ما تضر حدا".

قبل عرض الفيلم على موقع يوتيوب، واجه الحسين اختبارا عصيبا؛ لجنة الأساتذة الذين قيموا المشروع "لسة بتذكر وجوههم كيف كانت مستغربة وقت عرضت الفيلم"، لحسن الحظ لاقى الأمر نجاحا كبيرا "أهم إشي انهم حبوا تمثيل البنت وصدقوا فيها"، فيما حصل الحسين على علامة ٩٨ من المائة في المشروع.

بإمكانيات بسيطة أنجز الحسين فيلمه "صورته بالموبايل وحتى الصوت ما كان مرتفع بشكل كافي لأني لا أملك المعدات اللازمة"، اعتمد على صديق له ليقوم بالمونتاج وصديقة لوضع مستحضرات التجميل.

حينما ضاقت الحياة في سوريا، لم يبتغ ابن ريف دمشق الخروج "كنت حابب كمل تعليمي وأحاول أدور على عمل"، ظن الشاب أن الأمور قد تتحسن بعد تخرّجه "إنه الفيلم يجد صدى هون ويفتح مجالات لي"، لكن التفاعل لم يتعد حدود موقع فيسبوك، أصابه الإحباط وقتها، لم يساعده سوى سيرة الفيلم الجيدة "عرفت إنه عم ينعرض على الطلبة بالجامعة كنموذج للعمل الجيد".

4

صدفة أعادت مقطعا من فيلم الحسين لموقع فيسبوك "فيه حدا نشره ولقيت الفيديو فجأة اتنشر كتير جدا"، تلقى الشاب ردود فعل جيدة على المُنتج رغم مرور عام، استمتع الحسين بانتقادات المتابعين "حبيت إنه الفكرة أثارت الجدل"، البعض طلب منه مناقشة التفرقة بصورة أعمق "بس انا كان قصدي أعمل هيك بشكل خفيف، لأنه بالنهاية الفكرة موجهة لجمهور الأونلاين".

5

في المقابل عاين الحسين أيضا تعليقات روى أصحابها تجارب شبيهة حدثت معهم "بعضهم بنات حتى.. تقدموا لوظائف وكانوا ملائمين لها لكن تم اختيار الفتاة ذات المظهر الحسن بغض النظر عن أي إشي آخر".

6

مازال الشاب في انتظار عمل ملائم، يتمنّى ألا يعاني من الظلم مرة أخرى، لكنه قرر البحث خارج سوريا "استنفذت قدرة البقاء هون".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان