رغم حصول ابنتها على 98.5%.. "أبلة آمال" تبكي على باب التنسيق
كتبت - نانيس البيلي:
تصوير - علاء القصاص:
أمام أحد أجهزة الحاسب الآلي بكلية الهندسة جامعة القاهرة، كانت "آمال حلمي" تمسك دموعها وينتفض جسدها وهي تُسجل رغبات التنسيق لابنتها "دعاء" الحاصلة على 98.5% بشعبة علمي رياضة والثالثة على مدرستها الثانوية بالهرم.
بحذر شديد أدرجت "آمال" - التي تعمل مدرسة بالمرحلة الابتدائية - "هندسة القاهرة" كرغبة أولى، ورغم علمها بتجاوز مجموع نجلتها للنسبة المطلوبة للكلية التي تحلُم بها "بس مرعوبة متجيلهاش، ممكن التنسيق يزيد أوي والكلية تكتفي بعدد معين على حظ بنتي".
وانطلقت المرحلة الأولى من تنسيق القبول بالجامعات، الإثنين الماضي، وتستمر لمدة 5 أيام حتى الجمعة 20 يوليو.
رَعشة قوية كانت تدُب في جسد الأم الأربعينية كلما انتقلت بين الـ60 رغبة المطلوب تسجيلها، تزداد وتيرة خوفها بعد تجاوز كليات الهندسة بالجامعات الحكومية، لا تتصور ألا تلحق صغيرتها بمُبتغاها "كنت قاعدة على أعصابي، اتهزيت وأنا بكتب الرغبات اللي تحت هندسة لأن مش دي مكانة بنتي" تصف الأم شعورها طوال 30 دقيقة استغرقتها عملية التسجيل.
ليلة الإثنين الماضي، لم تذق "آمال" طعم النوم، ظلت تتقلب طوال الليل تنتابها تخوفات من حدوث أي خطأ في كتابة رغبات ابنتها، وفي الصباح الباكر مع انطلاق أول أيام تنسيق المرحلة الأولى، أسرعت الأم لـ3 أبناء إلى مدرستها، وعلى عجل "مضيت حضور الأول ورجعت البيت"، بعدها اصطحبت "دعاء" التي انتظرتها على أحر من الجمر "وجينا هنا عالتنسيق".
طوال الطريق، كانت "دعاء" ووالدتها يراجعان ترتيب الرغبات التي سيُدرج في استمارة الفتاة المتفوقة، وأمام بوابة جامعة القاهرة ودعت الطالبة أمها "كانت مخطوفة وخايفة وبتقولي ربنا يوفقني يا ماما معقولة خلاص فاضل خطوة على حلمي" وأوصتها بالحذر "خلي بالك يا ماما اوعي تلخبطي".
وحددت وزارة التعليم العالي الحد الأدنى للمرحلة الأولى، للشعبة العلمية 394 درجة فأكثر أي بنسبة 96.10% بمجموع عدد الطلاب 28001 طالب، والشعبة الهندسية بحد أدنى 385 درجة فأكثر أي بنسبة 93.90% فأكثر بعدد طلاب 15267 والشعبة الأدبية، بحد أدنى 328 درجة فأكثر أي بنسبة 80.00% 83539 طالبًا، بإجمالي 126807 طلاب.
تتذكر الأم كيف مر العام الماضي بصعوبة "هي تعبت وكانت بتموت نفسها، جفن عنيها ليلة الامتحان اتفرد من كتر الإجهاد والمذاكرة والتركيز بين السطور، مفيش مسألة محلتهاش في أي كتاب مراجعة".
تبتسم "آمال" وتحكي أنهم كانوا ينتظرون أن تكون "دعاء" من بين أوائل الجمهورية، ومع إعلان آخبار تهنئة وزير التعليم للمتفوقين انتابتهم صدمة "لأننا كنا ظابطين التليفونات بتاعتنا إن الوزير هيكلمنا يباركلنا".
التسجيل في معمل التنسيق التي وفرتها وزارة التعليم العالي كان خياراً وحيداً أمام الأم وابنتها، فرغم امتلاكهم جهاز كمبيوتر بالمنزل إلا أنه بدون انترنت منذ أكثر من عام "كنت لاغية كل شيء خالص عشان الثانوية"، واتفقت "آمال" مع نجلتها ان تتولي هي عملية التسجيل "عشان أنا أكثر خبرة منها ولو عايزة أعدل حاجة هسأل المشرفين، لكن هي خجولة مش عندها الجرأة دي".
مشدوهة، تُحدق بانبهار في مباني كلية الهندسة، واسمها المكتوب باللون الذهبي من وراء المسلة الشهيرة، هكذا تصف "آمال" ابنتها بعدما تركتها على بوابة الجامعة وتوجهت إلى معمل التنسيق "هي جاية النهاردة تفرح وتتفرج على الكلية اللي عاوزاها".
فيديو قد يعجبك: