إعلان

"الطوب" يُربك سوق العقارات.. والأسعار "نار"

05:32 م الإثنين 02 يوليو 2018

سوق العقارات

كتب - مها صلاح الدين ومصطفى عيد:

قبل عامين، اتخذ "علي"، الذي كان قد تخطى الثلاثين من عمره، قرار الزواج، لكن رحلته للبحث عن شقة الأحلام ما زالت مستمرة، بدأت بما يسمى بـ"الكومباوند"، مرورًا بالعقارات العادية في المناطق الراقية، إلا أنه وجد نفسه مع تضاؤل قيمة المبلغ الذي يحمله، يبحث عن شقة في عقار جديد داخل مناطق شعبية.. أمر قد يتسبب في إفساد الزيجة كلها.

منذ ما يقرب من أسبوع، زادت أسعار الطوب بنسبة 45%، وكشف التقرير الصادر عن الإدارة العامة للاحتياج ومواد البناء التابعة لوزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية، عن زيادة أسعار مواد البناء خلال شهر يونيو بنسب مختلفة في كل منتج عن الآخر بمتوسط زيادة وصل إلى 30%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، الأمر الذي جعلنا نسير على درب خطوات "علي"، من الكومباوند إلى المناطق الشعبية، لرصد ما خلقته زيادة أسعار مواد البناء من آثار، على أسعار العقارات في كافة المناطق.

** أسعار مواد البناء قبل وبعد الزيادة**

كان حي "حدائق الأهرام" خير مثال، في ثمانينيات القرن الماضي، أُنشئ كـ"كومباوند" محاطًا بالأسوار، في إطار مخطط تطوير صحراء الهرم، يبعد عن منطقة الرماية كيلو متر واحد فقط، على هضبة تطل على أهرام الجيزة، والآن، تجد داخله عقارات "الكومباوند" التي بنيت على ارتفاع وطراز واحد، وتجاوره أسواره، جوار البوابات، وعقارات أخرى بنيت بتصميمات مختلفة، وعقارات أخرى بنيت بارتفاعات مختلفة غالبا ما تخالف عدد الأدوار المسجلة برخصتها.

وبين التصنيفات الثلاثة بدأت جولتنا من مكتب السمسار محمد عبدالستار، الذي يعمل في المنطقة منذ 20 عاماً، اختلف خلالها كل شيء في المنطقة، فأطلال الكومباوند التي كانت أسعار المتر فيه بين الـ4000 جنيه إلى الـ5000 جنيه، حسب الإطلالة والمساحة، قبل عيد الفطر الماضي، أصبحت الآن ومنذ خبر رفع أسعار الطوب، يبدأ سعر المتر بها بـ5000 جنيه.

صورة 1

لم ترتفع الأسعار في شقق وفيلات كومباوند حدائق الأهرام فقط، لكنها اجتاحت سوق الأسعار بأكملها. يقول علاء فكري رئيس مجلس إدارة شركة بيتا إيجيبت للتنمية العمرانية، وعضو مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري، لـ"مصراوي"، إن شركته تدرس حاليا آثار زيادة تكلفة مواد البناء بسبب رفع أسعار الطاقة، ومدى استيعاب السوق لهذه الزيادة، وخلال شهر سيتم تحديد نسبة الزيادة في أسعار العقارات.

المصدر - موقع عقار ماب

ورغم أن "فكري" لم يحدد نسبة الزيادة في الأسعار التي ستطبقها شركته إلا أنه يتوقع أن ترتفع أسعار العقارات بالسوق المصرية بشكل عام بمتوسط 15% خلال العام الجاري مقارنة بعام 2017.

وقال ماجد عبدالفضيل رئيس ثمار العقارية إنه من المتوقع أن تطبق الشركة زيادة تدريجية على أسعار العقارات بنسبة لا تتعدى 15% وذلك بعد تحديد آثار زيادة التكلفة وهو ما قد يتضح منتصف الشهر المقبل أو أول أغسطس.

بعد أن تجاوزنا المباني المتشابهة التي تجاور بوابات حدائق الأهرام كنا في مواجهة بنايات أخرى ذات تصميمات مختلفة، تتراوح ارتفاعاتها بين الـ4 والـ5 أدوار، بحسب السمسار، كان سعر المتر بها يتراوح بين 2700 جنيه و3100 قبل عيد الفطر، أما بعد العيد، فأصبحت سعر المتر يبدأ من 3200 جنيه ويرتفع باختلاف الموقع والواجهة.

يتوقع رؤساء شركات ومحللون أن ترتفع أسعار العقارات بمتوسط 15% خلال العام الجاري مقارنة بمستوياتها في عام 2017 تأثراً بزيادة التكلفة. وحسب تقديرات المحللين، ارتفعت أسعار العقارات خلال عام 2017 بين 20 و40% في المتوسط.

صورة 2

يتوقع أدهم هشام محلل العقارات ببنك الاستثمار بلتون، أن ترتفع أسعار العقارات بمتوسط 15% تأثراً بزيادة تكلفة مواد البناء بعد رفع أسعار الوقود، هي نسبة تتوافق مع متوسط معدل التضخم خلال العام الحالي.

ويرى هشام أن الزيادات التي حدثت العام الماضي في أسعار العقارات مع ارتفاع التكلفة بسبب زيادة أسعار الطاقة صاحبها تأثير التعويم وبالتالي كانت الزيادة أكبر من المتوقعة للعام الجاري.

وقال أدهم هشام إن بعض الشركات لجأت إلى زيادة تدريجية في أسعار الوحدات بنسب تصل إلى 1 و1.5% شهرياً منذ بداية 2018، مع توقعها بزيادة أسعار الطاقة خلال العام الجاري وفقا لبرنامج الحكومة المعلن في هذا الشأن.

وأضاف أن الشركات أصبحت الآن أكثر قدرة على توقع الزيادة في التكاليف التي تحدث سنويا بسبب زيادة أسعار الطاقة، وبالتالي حساب نسب الزيادة المتوقعة في أسعار العقارات وبدء تطبيقها منذ بداية العام حتى لا يشعر بها العميل.

وتوقع هشام ألا تواجه الشركات مشكلة في بيع الوحدات العقارية التي سيتم طرحها خلال الفترة المقبلة إلا أن ذلك قد يحدث بوتيرة أبطأ مما كان يحدث من قبل.

ويرى هشام أن هناك عوامل أخرى قد تدعم عدم تأثر الإقبال على العقارات خلال الفترة المقبلة منها الطلب المرتفع، وانتشار فكرة الشراء من أجل المستقبل مع التوقعات بزيادات أخرى في الأسعار في الأعوام المقبلة، إلى جانب حاجة بعض أصحاب شهادات الادخار ذات العائد 20% التي انتهت مدتها إلى استثمار السيولة التي توفرت معهم في أدوات استثمار أخرى.

وقدمت شركات العقارات المقيدة بالبورصة أداءً باهتا خلال الربع الأول من العام الجاري، مع عدد المشروعات المحدود الذي تم إطلاقه، ولكن محللين توقعوا في تقرير سابق لـ"مصراوي"، أن يشهد القطاع نشاطا ملحوظا خلال الفترة المتبقية من العام مع إطلاق مشروعات جديدة.

أرباح الشركات

يقول السمسار محمد عبدالستار، إن الزيادات المتلاحقة في أسعار العقارات لم تسهم في إحداث ركود في السوق، لكن الكل أصبح يلجأ للتقسيط، الذي بالطبع يزداد فيه سعر المتر بنحو 300 جنيه على الأقل، ما جعل أغلب العقارات تباع قبل أن تبنى من الأساس، فيدفع المشتري نصف السعر مع توقيع العقد والنصف الآخر يدفعه في أقساط على مدار عامين.

"سوق العقارات لن تقف.. والأسعار لن تشهد هبوطًا، لكن المشتري يجب أن يعرف أين يبحث بحسب المبلغ المتاح لديه" هكذا يقول سمسار حدائق الأهرام، أصحاب العقارات ليس لديهم استعداد لخفض الأسعار بعد زيادة مواد البناء، حتى وإن كانوا قد انتهوا من بنائها قبل الزيادة، لأنهم يشترون فيما بعد بالأسعار الجديدة، فلا يوجد في مصر ما يطلق عليه "البيع بالسعر القديم"، قد يكون هذا غباء، بحسب قول السمسار.

وهو ما يؤيده، المحلل أدهم هشام، الذي قال إنه من غير المتوقع حدوث فقاعة في سوق العقارات بمصر، لأن أكثر الشركات تبني بمواردها الذاتية وأموال العملاء، ولا تلجأ للاقتراض من البنوك إلا في حالة تغطية الجزء الذي تحتاجه من السيولة لاستكمال مشروعاتها، أو من أجل بناء مشروع تجاري سواء كانت ستؤجره أو ستبيعه بشكل سريع لأنها مشروعات أكثر طلبا.

صورة 3

وأضاف أن الطلب الحقيقي على العقارات في مصر يمنع أيضاً من حدوث فقاعة عقارية، فالأسعار لم تتراجع في مصر من قبل مع أي تباطؤ حدث في الطلب بخلاف ما يحدث حالياً في دبي.

وتوقع أدهم هشام أن تستمر الوتيرة المرتفعة لزيادة أسعار العقارات حتى العام المقبل مع الانتهاء من برنامج التخلص من دعم الوقود، ثم تتباطأ خلال السنوات الثلاثة التالية وهي المتبقية من برنامج رفع دعم الكهرباء المتوقع الانتهاء منه في 2022.

ويعتقد أن نسبة الزيادة السنوية في أسعار العقارات ستكون في حدود 5% بعد 2022، بسبب تكلفة المرافق فقط وبما يتماشى مع التضخم المتوقع أن يتراجع خلال السنوات المقبلة إلى هذه المستويات.

المصدر - موقع عقار ماب (2)

لن يخلو حي حدائق الأهرام من العقارات المخالفة، يقول محمد عبدالستار إن المدينة شهدت انفجاراً في بناء عقارات بارتفاعات شاهقة في فترة ثورة 25 من يناير وما بعدها، لكن هذا الزحف توقف الآن، ولا يوجد أي شخص يشيد عمارة جديدة ترتفع على 5 أدوار داخل حدائق الأهرام.

أما ما هو قائم فتنخفض أسعاره قليلاً عن الأسعار العادية، وعلى الرغم من المجازفة في شراء وحدة سكنية في عقار مخالف، إلا أن سعر متر "المخالف" الذي كان يبدأ من 2500 جنيه بحدائق الأهرام، ارتفع بعد خبر زيادة الطوب ليبدأ من 2800 فأعلى بحسب الموقع والواجهة.

صورة 4

ولأن كل ما سبق لا يناسب "علي" الذي يدخر من عمله محاسبًا على مدار عامين لتوفير سعر شقة الزوجية، قرر أن يستمع إلى نصيحة السماسرة، ويبتعد عن الـ1400 فدان التي بنيت عليها حدائق الأهرام، ويتجه نحو الأحياء المتفرعة من شارع الهرم، في منتصف الشارع يوجد حي المطبعة، تتدرج أسعار العقارات به بحسب قربها من الشارع الرئيسي، فالعقارات القريبة من شارع الهرم لا يقل ثمن الوحدة بها عن 500 ألف جنيه، أما العقارات في شوارعه الفرعية والضيقة، الأشبه بالحارات، تتراوح أسعارها بين 375 ألف جنيه والـ300 ألف جنيه، بحسب المساحة، هناك لا توجد رفاهية التقسيط، لكن نظام الإيجار الجديد موجود بكثرة، وبحسب كريم محمد، سمسار العقارات بالحي نفسه، لم يستقر أصحاب العقارات على الزيادة الجديدة بعد لكنها سوف تتضح بالتأكيد خلال أيام.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان