"تنسيق الثانوية العامة مش آخر الدنيا".. هل فكرت في تغيير عملك؟
كتبت-رنا الجميعي:
تعتبر مرحلة الثانوية العامة فَيْصل في حياة الكثيرين، هي العَتبة التي ينتقل عبرها الطلبة إلى مرحلة جديدة إلى الدراسة الجامعية، تُصبح درجات التنسيق هي المُحرّك الأساسي لتلك النقلة، يتحدد كيان شخص من خلالها، يأتي من بعده الكلية ثم الاصطدام بالواقع ومجال العمل، غير أنها ليست نهاية العالم كما يعتقد الكثير، هُناك من تمكّن من تغيير مجال عمله، وصار أكثر سعادة.
عام1999 كانت نسرين شرارة تتلقى درجة التنسيق الخاصة بمرحلة الثانوية العامة، حصلت على 91%، كان مجموع مُحبط بالنسبة لها "أهلي كانوا عايزيني أدخل طب"، خاصة أنها طلبة متفوقة "رغم إني اصلا كنت بحب الفن وعايزة أدخل فنون جميلة"، لم تلتحق نسرين بكلية الفنون الجميلة "أهلي كانوا شايفين إني ببص على الحياة بشكل وردي، بعدت عن فنون ودخلت تجارة انجليزي".
خلال تلك المرحلة اقتنعت نسرين بوجهة نظر أهلها "حسيت إني لازم أفكر بشكل عملي"، نجحت الشابة في دراستها، فقد كانت مُحبة للمعرفة بشكل عام "كمان التخصص بتاعي كان إدارة أعمال ودا فيه جزء إنساني، هدفي إني أنجّح الشركة بس لازم آخد بالي من الموظفين"، بالتالي استمرّت نسرين لأعوام بعد التخرج كواحدة من العاملين في قسم الموارد البشرية بإحدى الشركات ثُم كمستشارة، تدريجيًا بدأت نسرين في الشعور بعدم الراحة، كما أنها فقدت الإيمان بعملها تدريجيًا "بدأت أحسّ إن عالم الشركات دا قاسي ومش عايزة أكمل فيه".
لم تترك نسرين عملها فورًا، غير أن نفسها التي كانت تميل لمحبّة الفن جعلتها تتعلم التصوير كبداية "وعملت معرض تصوير كهاوية"، لكنها تمكّنت من الاستقالة ومُغادرة ذلك العالم نهائيًا عام 2013 "في الوقت ده كنت بعمل ورش عمل في مجال الموارد وده خلاني أحتكّ أكتر بالمجتمع المدني"، وهو ما دفعها للعمل كمُنسّقة لمؤسسة "سفّرني" بالمجتمع المدني.
خمسة أعوام منذ تركت نسرين عملها كموظفة، حيث أنها لا تعمل بشكل دائم الآن "فريلانس"، جُزء من عمل نسرين هو التعامل مع الأطفال "لما بحس بنتيجة شغلي على الأطفال بيديني دفعة أمل رهيبة"، احساس بالراحة بدأت تشعر نسرين به أكثر كلما ابتعدت عن ذلك المجتمع المعقد الذي تسميه بـ"عالم الشركات"، ورغم تعليقات الاستنكار التي تتلقاها من الأهل "بس أنا عارفة إنهم بيشوفوا دايمًا إني جوايا فنان مكبوت ولما بيشوفوا اللي بعمله بيكونوا مبسوطين"، تحديدًا حينما تنعكس معاملتها للأطفال مع "ولاد العيلة".
دائمًا ما يتوّلد صراع داخلي لدى نسرين "هل قدرت أحقق اللي أنا عايزاه ولا أنا مبسوطة باللي بعمله بس؟"، تجد الشابة الثلاثينية الإجابة دومًا في أنها مُتسّقة مع ما تؤمن به ومع فكرة الجمال والفن التي تُحبهما.
اضطرارًا ترك يحيى زكريا مجال عمله الذي يُحبه، وهو خريج هندسة ميكانيكا عام 2008، وقتها كان يعمل لدى إحدى الشركات الكبيرة، وقد أُغلق القسم الذي عمل به، لكنه لم يسمح لنفسه بالإحساس بقلة الحيلة، في ذات الوقت كان زكريا يعمل بمجال السياحة الداخلية، يُمكن القول أن مؤسسة "escape" كانت من الأوائل في ذلك المجال عام 2012، حيث أسسها زكريا "كنت بفكر فعلًا في تغيير مجال عملي بس مكنتش محدد الوقت بالظبط".
بجانب حُب الشاب لهندسة الميكانيكا كان شغوفًا بالسفر والاستكشاف، تجوّل مرات داخل مصر ليستكشف مواطن الجمال من مرسى علم إلى شلاتين، وجنوب سيناء، والواحات.
يتذّكر زكريا كيف حصل على التنسيق المُراد "أنا فاكر إني مكنتش واخد الموضوع على أعصابي ومقتنع إنها مش بالمجموع، بس عرفت أجيب 96% وهو المجموع اللي كنت بحلم بيه عشان أدخل هندسة"، تفوّق زكريا دفعه للاختيار بين العديد من الأقسام المتخصصة بالكلية واختارت ميكانيكا عشان بحبها"، وقت تخرّج زكريا كانت الأزمة المالية تَشْغل العالم "لكن مع الوقت الدنيا بدأت تفتح وبقى عندي سيرة ذاتية مُحترمة".
في نفس الوقت بعد ثورة يناير اندفع زكريا لمجال مُختلف تمامًا هو السياحة الداخلية، وقام بتأسيس شركته الصغيرة، كانت الميزة الأكبر بالنسبة لزكريا أن الناتج من تلك الفكرة كمّ ناس يستفيدون منها "عشان رحلة تطلع فيه كامبات بتستفيد وأتوبيسات وعالم كبير، حسيت إن الفكرة بقت حاجة كبيرة مع الوقت".
مع إغلاق القسم الذي عمل فيه زكريا حتى عام 2014، وجد أنه لن يخسر الكثير بتغيير مجال عمله تمامًا، ضمن ما يُحبه في عمله أيضًا هو التعامل مع الكثيرين خارج القاهرة "وبقى عندي صحاب كتير منهم"، فضلًا عن شعور الراحة الذي يتركه ما إن يرى سعادة المُشتركين في برامج رحلاته.
كذلك لم يخذل مريم جمال التنسيق، تمكنّت من الحصول على المجموع لتلحق بكلية الصيدلة "صحيح دخلت جامعة خاصة بس دخلت الكلية اللي نفسي فيها، وأهلي كمان كانوا حابين أدخل الكلية اللي عايزاها".
لم تُواجه مريم داخل الكلية أية مشكلة "فيه اهتمام كبير على الجزء العملي، وكانوا بيخلونا نشغّل دماغنا"، لكن الصعوبة الأساسية جابهت مريم بعد التخرّج "معجبنيش الشغل، لأني كنت بشتغل في صيدليات ومعرفتش أندمج لأني أخري أبقى حافظة أسماء الأدوية والشركة المنتجة، شغل مفيهوش أي ابداع".
حاولت مريم البحث عن عمل مُختلف، وجدت أن التغذية العلاجية هو مجال فيه تنوّع "ويمكن أغلب البلاد النامية مش مهتمين بيه زي الدول المتقدمة"، لتتمكّن مريم من العمل داخل ذلك المجال اجتهدت كثيرًا "درست تغذية في الجامعة الأمريكية، وفي انجلترا وأخدت كورسات في جامعة عين شمس"، تعمل مريم في مجال التغذية لأربعة أعوام إلى الآن، أحبّت الشابة مجالها "مؤمنة إنه مهم لأنه بيأثر على الصحة النفسية واحتمال الإصابة بأمراض خطيرة لو أهملنا التغذية السليمة اللي هي مش مجرد تقليل في الأكل".
تلك التجارب الشخصية يُمكن أن تكون دافعًا لمن يُريد تغيير مجال عمله، والقاء درجة التنسيق وراء ظهره.
فيديو قد يعجبك: