في حفل موسيقى عالمي.. لماذا رفع شاب مصري علم الإسكندرية؟
كتب- محمد مهدي:
على أصوات الموسيقى استيقظ "رام ماضي" من داخل خيمته الصغيرة في مدينة "بووم" ببلجيكا، بدأت فاعليات مهرجان تمورولاند السنوية، الحفل الأسطوري الذي يحوي جمهور قُدر بنحو 200 ألف شخصًا من دول العالم، ارتدى سريعًا زي القدماء المصريين وانطلق نحو الزحام، غرق وسط الآلاف قبل أن يرفع علم الإسكندرية "اللحظة دي حلمت بيها من سنين، وكانت رسالة ببعتها لكل الشباب في محافظتي" يقولها ماضي بسعادة بالغة.
منذ صغره يعشق "ماضي" الموسيقى، يسمع دائمًا، يبحث عنها في أرجاء الإسكندرية ومحافظات مصر "عارف كل الباندات اللي عندنا، وبروح ورا المزيكا مطرح ما تكون" لكن هناك حلم طالما راوده دون أن يتحقق "بتابع تمورولاند من أول ما ظهرت في 2005 وبتمنى في يوم أحضر" كانت الأمور حينها صعبة "مفيش فلوس أقدر أسافر بيها".
منذ 3 أعوام تغير الوضع قليلًا لـ "ماضي" الذي بات يعمل في شركة هولندية لرقابة الجودة "عرفت إن السفرية مش مكلفة زي ما كنت متخيل" اقتصد الشاب الثلاثيني في مصروفاته اليومية "ممكن أقلل في الأكل أو حاجات كتير عشان أوفر للسفر" وحين امتلك مبلغ جيد يمكنه شراء تذاكر الحفل الأسطوري "قدمت لمدة سنتين وفشلت إني ألحق من كتر الزحام على الشرا".
الحفل سنوي، ظهر منذ 13 عامًا، يضم أهم "الدي جي" في العالم، على مساحة واسعة في "بووم" خُصصت لهذا المهرجان الموسيقى، مقسم إلى جزئين "الأول مكان للخيم اللي بنستلمها وبنام فيها" والجزء الآخر يضم المسارح "اللي بيتلعب عليها المزيكا"، ويتوافد على المكان الآلاف لقضاء 5 أيام "في النعيم دا".
درس ابن الإسكندرية الأمر جيدًا "عرفت إن الحجز لازمله خطة مش حاجة عشوائية" في يناير من العام الجاري اقترب بدء بيع التذاكرة على الموقع الرسمي للحفل "فتحت الموقع قبلها بيومين عشان يبان عندهم إني من أوائل الناس الجاهزة للحجز" كما قام بالدخول على الموقع الإلكتروني ب "6 حسابات مختلفة، قدمت بيهم، كلهم اترفضوا إلا واحد" فرحة عارمة سرت في قلبه.
"أول حاجة جات في بالي إسكندرية" لابد أن يفعل شيء من أجل محافظته التي يحبها "قولت كل حد هناك بيروح بعلم بلده أو الحزب بتاعه، أنا هروح بعلم إسكندرية" كان يريد أن يُعرف أكبر قدر ممكن من الجمهور هناك بشأن عروس البحر المتوسط، أن يحكي عنها لهم، وعن تفاصيل العلم والفنار الشهير.
في كافة الميادين بحث "ماضي" عن علم الإسكندرية دون فائدة "لدرجة إني قررت أروح المدرسة اللي جنب البيت استلف منهم العلم" ذهب بالفعل إلى هناك، التقى بالمسؤولين، أخبرهم باحتياجه للعلم لنحو أسبوع على أن يُعيده لهم مرة أخرى "رفضوا وقالولي انزل المنشية هتلاقي ناس هناك بتبيع".
رحلة شاقة خاضها الشاب الثلاثيني في شوارع المنشية "مسبتش محل إلا لما سألته" جميعهم لا يملك هذا العلم، يبيعون أعلام أخرى لكن "مفيش بتاع إسكندرية، لكن واحد دلني أروح لمحمد خشبة" عرف العنوان جيدًا، انطلق إلى هناك، وعند "خشبة" وجد مفاجأة "عنده العلم بجميع المقاسات، قولتله عايز أكبر واحد".
من خلال التعليمات التي قرأها الشاب السكندري "عرفت كويس إنها ممنوع تدخل بعلم أكبر من متر" لكنه كان يرغب في رفع العلم عاليًا "فعملت شغل المصريين بقى" اشترى من محل لبيع أدوات الصيد "بوصة" طولها 3 متر، وهي مرنة "شكلها يقول متر لكن لما تفردها تديني الطول اللي أنا عايزة، وفعلًا قدرت أدخل بيها هناك ومحدش كلمني".
في 26 يوليو وصل "ماضي" إلى بلجيكا ومنها إلى مكان الحفل، استلم خيمته، نام ليلته متمنياً مرور الساعات سريعًا ليجد نفسه في قَلب الحدث، لذا حين وقف أمام المسارح الستة بين 200 ألف شخص أمسك بعلم الإسكندرية، رفعه إلى أعلى بينما يداه ترتجف وقلبه ينبض "مكنتش مصدق إني هنا، وإني قادر أوصل رسالة لصحابي والناس في إسكندرية اننا نقدر نيجي هنا ودي مش أفورة بس دا أهم حفل مزيكا في العالم.
يستمتع الشاب السكندري بالحفل لكنه لا يُخفض علم محافظته إلا قليلا "ناس كتير سألتي دا علم إيه؟ أنت من أوكرانيا؟ كنت بقولهم لا دي إسكندرية واللي عليها الفنارة من عجائب الدنيا السبعة" حكى لهم عن قدوم الإسكندرية الأكبر إلى مصر وقصة بناء المحافظة وأنها من أقدم المدن العالم وبها أثار رومانية عديدة "كنت مبسوط وأنا بحكيلهم عننا".
أيضًا التف حوله المئات لالتقاط صور معاه "المرة دي عشان الزي الفرعوني، وكل اللي يشوفني يقولي (مو صلاح) اتصورا كتير جدًا" الزي والأعلام لفت انتباه القائمين على الحفل فبات "ماضي" محط اهتمام الفيديوهات التي يتم تصويرها وعرضها دعاية للحفل "وفعلًا نزلوا أكتر من فيديو أنا ظاهر فيه مع العلم".
على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" نَشر "ماضي"صورته داخل الحفل وهو يحمل علم إسكندرية ليفاجيء بانتشار "البوست" ومتابعة الآلاف له "مكنتش متوقع، لدرجة إني بقابل ناس في الشارع بيوقفوني ويسألني تفاصيل وهل ينفع نروح عادي ولا الموضوع للاغنيا بس وكدا" نفس الصيغة وصلته في رسائل "فرحت لأن دا كان هدفي، إن الناس اللي بتحب المزيكا عندنا يعرفوا إن ممكن واحد منهم يروح عادي، مش لازم طبقة بعينها هي اللي تقدر".
فيديو قد يعجبك: