"رفح بحاجة إلى مستشفى".. 250 ألف فلسطيني يبحثون عن الرعاية الصحية
كتبت - دعاء الفولي:
قبل عام ونصف ارتفعت حرارة الرضيع الفلسطينية إلهام جمال، هرولت الأم إلى المستشفى الأوروبي الذي يبعد عن منزلها حوالي 45 دقيقة، وما أن وصلت حتى قال لها الأطباء "دة ميت.. ليش جايبينه؟"، توسلت لهم أن يحاولوا مرة أخرى "طبيب فضل يسعفه لحد ما فاق".
لا يخبو ذلك الكابوس عن عقل الشابة أبدا، تستعيده كلما رأت مطالب المواطنين في محافظة رفح الفلسطينية ببناء مستشفى مركزي يخدم المواطنين بكفاءة عالية.
قصة المطالبة بمستشفى رفح قديمة؛ بدأت في أغسطس 2014، حين اشتدت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، ووصل عدد الضحايا لأكثر من 2000 شخص، ومع ارتفاع وتيرة العدوان على كُل مدن القطاع، بات المركز الطبي الموجود في رفح غير كافٍ، وبعد عام، أيقن أهل المحافظة بضرورة وجود مستشفى كبير يستوعب عددهم.
تقع مدينة رفح الحدودية في أقصى الجنوب من قطاع غزّة التابع للسلطة الفلسطينيّة. تصل مساحتها إلى 55 كيلو متر، فيما يزداد عدد السكان عن 250 ألف نسمة. بشكل أساسي لا توجد مستشفيات كُبرى في المحافظة، حسب قول بلال خير الدين، الناشط الحقوقي وأحد سكان المحافظة.
مركز أبو يوسف النجار الطبي هو الأقرب لأهل المدينة "بس هو أقرب لمستوصف" حسبما تحكي إلهام، فيما يوجد مستشفى الإماراتي وهو للنساء والولادة، والمستشفى الأوروبي بمدينة خان يونس، والبعيدة نسبيا عن سكان رفح.
تقطن إلهام ذات الواحد وثلاثين عامًا في منطقة تل السلطان، تتذكر حين كان مركز أبو يوسف النجار يفي بالغرض منذ أكثر من عشر سنوات "كانت البلد خلا والأراضي أكتر من الناس لكن البلد صارت عمار الآن".
في الذكرى الأولى لقصف محافظة رفح، بدأت الدعوات لإنشاء المستشفى، حسب قول بلال "حصلنا على وعود الحكومة ووزارة الصحة ودول أخرى دون تنفيذ ذلك"، ظلت محاولات المواطنين مستمرة، تارّة بالحملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الضغط الإعلامي، وفي النهاية وافقت الحكومة على تخصيص قطعة أرض لبناء المستشفى، لكن عملية البناء لم تكتمل، بسبب ارتفاع التكلفة التي تخطت 25 مليون دولار، والانقسام الفلسطيني، حسب قول بلال.
الأربعاء الماضي شارك العشرات في وقفة احتجاجية في رفح مطالبين بتنشيط مشروع المستشفى مرة أخرى، فيما تم إطلاق هاشتاج "رفح بحاجة لمستشفى"، يقول بلال: "مش طبيعي ولا آدمي إنه الإنسان إذا حدا تعب عنده ما يلاقيش مكان يتعالج فيه"، فيما تروي إلهام واقعة أخرى ألمّت بهم منذ عدة أعوام.
كان الأخ الأصغر لإلهام يعاني من مشاكل صحية في المعدة، أجرى عدة عمليات جراحية في مستشفى بالقدس بعد محاولات مريرة من الأسرة، لكن حينما أُصيب صاحب الـ15 عاما بوجع شديد في بطنه عام 2013، توجهت به الأسرة لمركز أبو يوسف النجار، لكونه الأقرب "لما فوتنا على هناك، الدكتور قال فيهوش حاجة، دة برد وهيروح رغم إننا شرحنا له الحالة"، استسلم الأهل لكلام الأطباء، غير أن الفتى فارق الحياة بعد 3 أيام.
يحوي مركز أبو يوسف النجار على 65 سريرا، ولا توجد به غرفة عناية مركزة، حسب قول بلال "هيسعف مين ولا مين؟"، كما أن بعض الأطباء ليسوا مؤهلين لاستقبال الحالات الحرجة بسبب قلة عددهم.
بشكل شبه يومي يتم تحويل الحالات خارج رفح، حسبما يقول بلال، بالإضافة إلى اعتماد المحافظة على الجانب المصري بشكل كبير، لاسيما في أيام العدوان والقصف، غير أن ذلك الاعتماد لا يجب التعويل عليه بمفرده "خاصة إنه الأرض موجودة".
لحسن الحظ لم يمر بلال بأزمة صحية عصيبة، لكن الناشط الفلسطيني يعيش حالة من الخوف كل يوم "بتصور إنه لو حدا بعرفه تعب، شو نعمل فيه وقتها؟"، يُلقي ذلك داخله إحساس بالقهر أيضا "احنا بمساحة ضيقة جدا وعددنا كبير، لكن للأسف ما حدا بينظر لنا بعين الاعتبار".
فيديو قد يعجبك: