إعلان

الثانوية ليست النهاية.. نماذج نجحت بعيدا عن كليات القمة: "لسة الأماني ممكنة"

12:23 م الأحد 05 أغسطس 2018

كتبت- هدى الصياد:

في مثل هذه الأيام من كل عام، تعود مي طايل بالذكرة إلى الوراء، وتحديدا إلى عام 2014 عند ظهور نتيجتها بالثانوية العامة، التي كانت صادمة وغير متوقعة بالنسبة لها "92% إزاي، دي مش درجاتي ولا مجموعي في حاجة غلط في الموضوع"، هكذا علقت وقتها. كان زملاؤها التي عرفت بينهم بالذكاء والتفوق الدراسي يصفونها بـ"الدحيحة"، وكان الأهل والأصدقاء يتوقعون التحاقها بكلية الطب أو طب الأسنان، إلا أن النتيجة الصادمة غيرت الخطة كلها.

"دخلت في حالة اكتئاب".. تتذكر مي حالها وقتها، وازدادت حالتها سوءا أثناء التقديم للتنسيق التي جاءت فيه ضمن المرحلة الثانية، وحرمت من تسجيل رغبتها في الالتحاق بأي كلية طب بالجامعات الحكومية على مستوى الجمهورية، وعند ظهور نتيجة تنسيق المرحلة الثانية رشحها مكتب تنسيق لكلية التربية بجامعة طنطا "بقيت تربية طنطا دا أنا كاتباها الرغبة رقم 30 دا أنا علمي علوم، كدا مفيش الدكتورة مي".

حاول والد مي "محمد طايع"، التخفيف من معاناة ابنته "يمكن خير والحمد الله على شيء"، بينما تطالبها والدتها بالرضى بما قسمه لها الله، لتلتحق مي بكلية التربية بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية حبا في اللغة العربية، وكما تقول "أحسن الوحشين".

في أول سنة كانت مي غير متأقلمة مع دراستها "كنت مخنوقة جداً ومش طايقة الكلية ولا طايقة أروحها لكن حاليا سبحان الله بحبها جداً"، تسخر الفتاة العشرينية من طريقة تفكيرها في تلك الفترة وكرهها لكليتها، تبدل الحال بمرور الوقت وتعاقب الامتحانات التي مرت بها مي تفوقت بكلية التربية وأصبحت من الأوائل على دفعتها.

مي طايع، نموذج للسواد الأعظم من طلاب الثانوية العامة الذين يتراوح عددهم كل عام من 400 ألف إلى نص مليون، وفقاً لإحصائيات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم عن أعداد طلاب الثانوية العامة على مدار السنوات الخامسة الماضية، بينما يلتحق منهم بكليات الطب بالجامعات 8 آلاف و125 طالبا بحسب إحصائيات عام 2017، بينما التحق بكلية الهندسة في نفس العام 17 ألفا و170 طالبا بكليات الهندسة في الجامعات المختلفة، ولم يتجاوز عدد الملتحقين بطب الأسنان ألفا و540 طالبا، بينما كليات الصيدلية والعلاج الطبيعي لم يتجاوز عدد المنضمين إليها 10 آلاف طالب، بينما عشرات الآلاف من باقي الطلاب الملتحقين بالجامعات يتفرقون بين باقي الكليات بالجامعات الحكومة أو الدخول إلى إحدى الكليات في الجامعات الخاصة.

في صيف 2013 استقبلت أسرة أمنية أسامة، الطالبة بالصف الثاني الثانوي عام خبر حصولها على 98.5% شعبة علمي علوم، بسعادة بالغة، وكان ذلك بمثابة تحفير لأمنية لكي تجتهد أكثر لتحقق حلمها بالالتحاق بكلية الصيدلة، لكن وفاة والدها قبل أيام من امتحاناتها بالصف الثالث، وكان له الأثر سلبي على تحصيلها الدراسي، لتحصل على 90%، هنا وقف حلمها الذي كان "الالتحاق بكلية الصيدلة".

بعد ظهور النتيجة تقول أمنية "كان عندي حل بديل عن صيدلة حكومي وهو إني أدخل صيدلة بجامعة خاصة"، حينها لعبت الصدفة دورا جوهريا في تغيير مسار أمنية الدراسي لتتعرف على دكتورة بكلية الإعلام أقنعتها بمميزات الكلية ومجالاتها المختلفة ومستقبلها المهني، تقول أمنية: "ممتنة للظروف التي أدخلتني كلية الإعلام أصبحت الأولى على الدفعة والآن أنا معيدة بقسم الصحافة بكلية الإعلام وأستعد لتحضير تمهيدي الماجيستير وفيما بعد الدكتوراه".

يعاني بعض خرجي كليات القمة من البطالة، فوفقا لنقابة المهندسين وصلت نسبتها بين خرجي هندسة البترول إلى 57% عام 2016، حيث يتخرج من الكلية التي تعتبر أحد أبرز كليات القمة 421 مهندسا، وسوق العمل يستوعب من 180 إلى 200 مهندس فقط، بينما 90% من خريجي كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لا يلتحقون بالسلك الدبلوماسي وفقا للدكتور حامد طاهر، نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق.

عمار صبري، الذي حصل في الثانوية العامة على 95.5% علمي علوم، جاءت نتيجة التنسيق ليلتحق بكلية الصيدلية، لكنه رغب في الإعلام، وهو ما رفضته أسرته "كل اللي حواليا كانوا شايفين إني بضيع نفسي وتحت ضغط الأهل والمعارف دخلت صيدلة".

يؤكد أنه قضي بها 3 سنوات لم يشعر خلالها بأنه في مكانه المناسب، حيث كان يشعر بالغربة في كلية يتمناها الجميع وسط رفاق قادرين على النجاح بأبسط جهد لأنهم يمتلكون الشغف الذي يفتقده.

وأضاف "من أول ترم وأنا حاسس إن دا مش مكاني كنت بنجح فيها لكن وأنا كاره كل شيء"، حينها قرر عمار صبري أن يعود لشغفه الذي انقطع عنه طيلة هذه السنوات الثلاث ويترك كلية الصيدلة ليلتحق بكلية الإعلام بإحدى الجامعات الخاصة وينهي دراسته بها في غضون 3 سنوات فقط بتقدير عام امتياز بنظام الساعات المعتمدة الذي تتبعه الجامعة، ليكون الأول على دفعته ويصبح معيدا بقسم العلاقات العامة والإعلان بالكلية، ومع حبه البالغ للكتابة والتأليف فقد كتب مسرحيتين ومجموعة قصصية.

حالة أخرى على عكس عماد، حيث أخفق أحمد الشربتلي في الحصول على مجموع مرتفع فكان مجموعه 72.5% الأمر الذي جعل والدته يصيبها الصدمة وحالة من البكاء والصمت العميق "ظنت أمي أن فرصي في حياة قد انتهت وأن أحلامها قد دُمرت على أعتاب الثانوية"، هكذا برر "الشربتلي" رد فعل أمه بعدما وصف الثانوية العامة بـ"مقبرة الطموح والأمل" لأصحاب العزيمة الفاترة وعديمي الإرادة.

وعن الكلية التي التحق بها فيما بعد قال أحمد "قررت أن التحق بكلية الحقوق أو بالأحرى لم أقرر بل مكتب التنسيق هو من قرر نيابة عني".. بعزيمة قوية وروح ممتلئة بالأمل والتفاؤل قرر أحمد أن يتميز ويعوض ما فاته مسبقا ويجتهد دراسيا ليس حبا في كلية الحقوق لكن كان له سبب آخر " كنت بتحدى نفسي والواقع".

وقال: "رزقني الله بأحد الصحفيين المتمرسين بالمهنة وليس الدراسين لها والذي كان بمثابة طوق النجاة لي إذ أكد أن بإمكانه دخول مجال الإعلام بالموهبة والاجتهاد والخبرة دون الحاجة لدراسة أكاديمية"، على حد تعبيره.

"كتبت أول مقال لي بإحدى الصحف المحلية بالشرقية واستمرت المسيرة بجانب دراستي للحقوق"، واستكمل حديثه عن مشوراه الصحفي ليستطيع بعدها الحصول على تدريب بإحدى القنوات بمدينة الإنتاج الإعلامي، واستمرت تلك الفترة لعامين إلى أن تخرج في الجامعة وأنهى خدمته العسكرية وعاد لنفس القناة مرة أخرى ليعمل معدا بأحد برامجها.

يقول: "لم يستتب الأمر طويلا وأُغلقت القناة وسافرت إلى دولة الكويت وعملت بمكتب محاماة، وبعد أشهر قدم المحامي هذا برنامجاً قانونياً بأحد القنوات الكويتية فأصبحت معداً لبرنامجه ليس هذا فحسب بل طالبت القناة أن تضمني لفريق الإعداد بها".

يتابع: "ظل حلمي يراودني إلى أن حققته الآن بتقديمي لنشرتي الواحدة والثالثة الاقتصاديتين يومياً بقناة أخبار كويتية"، يؤكد أنه انتصر على الثانوية العامة وحقق حلمه مشيرًا إلى أنها ليست معيارا للنجاح.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان