لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

معاناة لا يعرفها سكان المدن.. موسم نزح المياه من أسطح بيوت القرى (صور)

06:02 م الأربعاء 16 يناير 2019

موسم نزح المياه من أسطح بيوت القرى

كتبت - نانيس البيلي:

في الأرياف والقرى؛ وقت مُستقطع لدى الأهالي في كل موسم شتاء، بعد سقوط الأمطار يصعدون إلى أسطح بيوتهم، يُشَمرون عن سواعدهم ويبدأون في نضح مياه المطر المتراكمة أعلى المنزل، في طقس ثابت إلزامي مهما بلغت برودة الجو والمياه؛ فهم بسطاء لا يملكون رفاهية إصلاح أضرار البيت إذا ما تشرب بالمطر.

8

عبء كبير يقع على كاهل "آمال إسماعيل" مع دخول فصل الشتاء، فبجانب الأعباء اليومية كالعمل وشؤون المنزل؛ يضاف لها مهمة جديدة، مع زَخات المطر الأولى تكون الأم الخمسينية على أهبة الاستعداد، ما إن تسكت الأمطار حتى تهرول إلى سطح بيتها المكون من 3 طوابق "بطلع على طول أنضح المياه عشان بخاف السقف يشربها فيعمل رطوبة والحديد يتاكل".

2

قبل 5 سنوات؛ حققت "آمال" حُلمها بامتلاك منزل مستقل داخل قريتها بمحافظة الغربية، قبلها كانت تقطن في شقة بعمارة سكنية، لم تكن -المُعلمة - تكترث وباقي السكان بمسح مياه المطر من سطح العقار، "لأن دي مسؤولية صاحب العمارة وهو أصلا مكانش بيهتم يعملها". لكنها منذ انتقلت لمملكتها الجديدة لا تكل ولا تمل عن العناية بعمارتها مهما تكبدت من متاعب "الموضوع مُرهق جداً لأن الجو بيبقى سقعة والمياه سعات بتبقى تلج، بس مقدرش أنزل غير لما أمسحها كلها".

3

عظة أخذتها - الأم لتوأم في العشرينات - مما أصاب منزل والديها؛ طوال سنوات أهملوا نضح مياه الأمطار حتى ظهرت آثاره "السقف اتبهدل ونشع مياه والحديد كلته البرومة"، اضطروا إلى إجراء إصلاحات ترميمية للبيت "عالجوا السقف ودعموه بالحديد وغفقوه بالأسمنت من تاني.. بس كلفتهم كتير جداً".

غالبًا ما تقوم الأم آمال بتلك المهمة الموسمية بمفردها؛ حيث يعمل أبناؤها وزوجها في محافظات أخرى؛ قرابة 30 دقيقة تستغرقها لإتمام الأمر، في ذروة هطول الأمطار "ممكن أطلع أنضح المياه أكثر من 4 مرات في اليوم"، فيما تفكر في حل تلجأ إليه مستقبلاً يرفع عنها ذلك العبء؛ لكن حين تتوفر الأموال، "ناوية أبلط السطح ويبقى بميل فينزل على مواسير المجاري، أو يتسقف ويتعمله سقف صاج".

7

على العكس يشعر "علاء إسلام" ببهجة وهو يقوم بنضح مياه المطر من أعلى منزهم في بلدتهم بمحافظة بورسعيد "بكون مبسوط أوي لما بعمل كده"؛ لا ينتظر ابن الـ26 ربيعًا - انتهائها حتى يبدأ مهمته "بطلع السطح والجو بيشتي وأفضل أدعي علشان ربنا بيغسل ذنوب المسلمين"؛ فيما يتسلح بعدة أدوات "سفنجة، ومساحة، ودورق، وجردل"؛ بمجرد توقف هطول الأمطار "ببدأ أمسك المساحة وأنضح المياه وأوديها عالمواسير ومنها تنزل في الشارع".

أكثر من ساعة يستغرقها "إسلام" - الذي يعمل في تجارة الأسماك - لمسح ما خلفته الأمطار؛ تغمُر السعادة نفسه وهو يقف وسط المياه وتحاصره المنازل والبيوت في أبهى صورة بعدما غسلتها الأمطار، تلك العادة التي داوم عليها منذ كان بعمر 5 سنوات، فيما يزعجه "إني بعدها لما بطلع برة في الشارع بتزحلق علشان الأرض عندنا طينة وبكون دخت شوية من كتر المياه".

14

العام الماضي؛ فكرت أسرة "إسلام" في حل لمنع تراكم مياه الأمطار "كانوا عاوزين يعملوا صرف للسطح في كذا مكان، بس أنا رفضت علشان أطلع أعملها بنفسي"، فيما حاولت شقيقته الصغيرة مساعدته "كانت عاوزة تمسك المساحة وتنضح معايا بس قولتها خليكي انتي الجو برد عليكي".

خطورة المياه

تراكم المياه على سطح المنزل يؤثر على التشطيبات ويضر بالأسقف، بحسب ما يقول المهندس محمد مطر، الخبير عقاري؛ لذلك يجب البدء في نضح مياه الأمطار فور توقفها، ويضيف لمصراوي: هناك حلول تصرف المياه بنفسها مثل "المزراب، ودي بلاعة بتكون مربوطة بماسورة في السقف ولما يجيي يتبلط يتعمل بسقف مايل فتنزل المياه من نفسها".

12

كما خلية النحل؛ يَصعد الأخوة والسلايف وحتى الأب والأم، كما تقول رشا سعد، زوجة الابن الأصغر إلى سطح المنزل ذي الخمسة طوابق فور توقف هطول الأمطار، 6 أفراد؛ يقل عددهم أو يزيد أحيانًا بحسب من يتواجد ببيت العائلة آنذاك "لما الدنيا بتشتي اللي موجود بياخد أخوه أو زوجته واللي يقدر يعمل حاجة بيعملها" كما تحكي الشابة العشرينية.

"مساحات وجرادل" هي الأدوات التي يستخدمونها؛ يشرعون في التخلص من المياه المتراكمة "الشباب بيملوا الجرادل والستات بتمسح الأرض وبتنشف" وفق الأم لطفلين، قرابة ساعة يستغرقها الأمر "والبيوت اللي حوالينا كل الناس بتكون طلعت تنظف السطح زينا".

5

استعدادات خاصة يقوم بها الشقيقان "ناصر وأحمد فويلة" قبيل قدوم فصل الشتاء؛ داخل بيتهم البسيط المكون من طابقين بإحدى المناطق الريفية ببورسعيد، "بننضف السطح كويس عشان ميبقاش فيه تراب أو طين ويبقى سهل المياه تمشي بالمساحة وميتعبناش". ينتظر الشقيقان توقف المطر للصعود إلى السطح وبدء إزاحة المياه "وممكن لو حسيت إنها هتشتي تاني أستنى ساعة وبعدين أطلع"، غير أنه لا يزيد عن تلك المدة "مبطولش عشان السقف مايشربش المياه وتنزل تبوظ الدهان والبيت".

مع قطرات المطر الأولى؛ يتمتم الأب لطفلين بالدعاء والابتهال إلى الله، "بدعي ربنا إن يفرجها علينا ويسترنا ويخليلي ولادي". بمجرد توقف تساقط الأمطار؛ يستبدل ملابسه بأخرى "بجيب هدوم قديمة أو لبس شغل عشان هدومي متتبلش"، يمسك - صاحب الـ31 ربيعًا - بالمساحة وهو يُشمر عن ساعديه وساقيه "برفع هدومي شوية عشان لو اتبلت هاخد برد".

بعمر الـ17 عام؛ بدأ "ناصر" يعتاد للمرة الأولى على نضح مياه الأمطار من سطح منزلهم، قبل ذلك كان يقطن مع أهله بعقار سكني، ووقت تشييد بيتهم الجديد شدد عليهم مقاول البناء على عدم ترك المطر يتغلغل في الأسقف "قالنا السطح لما بيشرب المياه الصبة بتقع وتبوظ"؛ لذا اعتاد أن يتناوب مع شقيقة الوحيد الذي يصغره بـ10 سنوات على تلك المهمة، يستغرق ذلك قرابة 15 دقيقة "أما لو بعمله لوحدي ممكن ياخد نص ساعة"، فيما يرفض مساعدة زوجته "عشان العيال هيشبطوا ويطلعوا وراها وياخدوا برد، ومينفعش لأن بيبقى حوالينا جيران فلو وطت أو اتكشفت ممكن يشوفوها".

13

لا تشكل تلك المهمة عبئًا على "ناصر": "بعملها بقلبي، الواحد علشان يحافظ على بيته لازم يعمل كده"، بينما يُشفق على النساء اللاتي يقُمن بذلك بمفردهن "هي مطحونة في شغل البيت طول اليوم، ولو معاها عيل صغير مش هتسيبه هيطلع معاه وياخد برد"، فيما يَفطن لانتظار الفلاحين لموسم الأمطار بفارغ الصبر "بيفضلوا يدعوا ربنا بمطر كتير وبيستنوا الشتاء على نار علشان أراضيهم تتروي"؛ لذا يرى أن أي معاناة يتكبدها البعض في نضح مياه أسطح بيوتهم "كله يهون عشان الفلاحين الغلابة يسترزقوا وزرعهم يتروي.. ده ربنا بيقول الشتا خير".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان