في المدارس ودور الرعاية.. كريمة تُعلم الأطفال الفن وتعرض لوحاتهم للبيع
كتبت-دعاء الفولي:
داخل دار لرعاية الأيتام، تجلس كريمة الديب حولها مجموعة من الأطفال، تحكي لهم عن النوبة؛ أين تقع وما تاريخها، كيف تكون شكل الحياة فيها، تطلب منهم أن يتخيلوا ذهابهم إلى هناك، ورسم ذلك على الورق أو الخشب، تعرض الشابة ما رسموه في مختلف المعارض، تستخدم العائد لتنفيذ مزيد من الورش الفنية لهؤلاء الأطفال.
منذ تخرجت كريمة في كلية التربية الفنية، اهتمت بكل ما يخص الأطفال "رسالة الماجستير بتاعتي كانت عن العلاج السلوكي للأطفال بالفن"، مجرد الجلوس معهم يُسعدها، لذا قررت أن تُكرس جزءً من حياتها لهم، اتفقت الفنانة التشكيلية مع أكثر من جمعية ومدرسة لتعليم الأطفال ذوي القدرات الخاصة والأيتام ودمجهم مع الأولاد الآخرين "لأن دايما المجتمع بيبص لهم بنظرة فيها شفقة للأسف".
قبل عشر سنوات بدأت جهود كريمة، اعتمدت الفنانة على برنامج "كورت" للتفكير الإبداعي، الذي صممه عالم النفسي إدوارد ديبونو، طوّعته لخدمة مشروعها، اصطحبت الأطفال خارج صندوق الفن العادي "مش بنعمل الورشة عشان نرسم بس.. الأول نتفرج ونتفسح ونتخيل ونحكي وبعدين ييجي الفن"، تزرع كريمة في الأطفال عدم الخوف وحب التجربة "مفيش حاجة اسمها مبنعرفش نرسم"، تُحدثهم عن الفنانين العالميين مثل بيكاسو، ثم تجعلهم يرسمون بأسلوبه بعد أن يتشربون لوحاته.
داخل معرض تراثنا للحرف اليدوية الذي اُقيم الأسبوع الماضي بالقاهرة، كانت كريمة تعرض منتجات تلاميذها، تراصت لوحات خشبية صغيرة، بجانبها خواتم بألوان مختلفة، وحُلي مصنوع من النحاس "كل واحدة في دول شُغل الولاد"، تعمل كريمة مع أطفال اُصيبوا بإعاقات مختلفة "بين ذهني وفاقد السمع أو البصر"، تُثني كثيرا على سرعة تعلمهم "لأنهم عايزين ده وعندهم إرادة".
العمل مع الأطفال ليس يسيرا "ببقى مُدرسة وأم وصاحبة في نفس الوقت"، لكن نظرة السعادة التي تراها في أعينهم تستحق العناء، فيما تغير سلوك بعضهم للأفضل هو ما يجعلها تستمر؛ تتذكر كريمة طالب في الصف الخامس الابتدائي بإحدى المدارس "عدواني جدا.. لدرجة الأخصائية نفسها مكنتش عارفة تعمل له حاجة"، بيئة الطالب المنزلية لم تكن جيدة "قعدت اتكلمت معاه وقررت أغيّر فكرة الورشة من رسم لتقطيع النحاس وتشكيله".
قررت كريمة جعل ذلك الطفل هو القائد وسط زملائه "عشان يحس بنفسه"، غير أنها علّمته أن القائد يخدم الآخرين عادة ويساعدهم "ولقيته استجاب جدا وصحابه نفسهم استغربوا"، بينما تحكي كريمة عن طالب آخر كان رافضا للرسم، ظل يُردد عليها أنه لن يستطيع "وثقته في نفسه كانت متزعزعة في كل حاجة"، فيما طرأ عليه تحولا جيدا عقب الورشة "بقى يقول على نفسه فنان وكتب ده على الكشكول بتاعه".
في المقابل، تُحاول كريمة تسيير عملها الخاص؛ تصنع من الأخشاب القديمة ديكورات منزلية زاهية الألوان كالمقاعد والعُلب وصواني تقديم الطعام، تُصبح المعارض بالنسبة لها طوق نجاة "لأن معنديش مقر أعرض فيه حاجاتي وحاجات الأولاد"، تتمنى الفنانة الثلاثينية زيادة فرص تلك المعارض "وإنها تكون بلا مقابل"، فيما تطمح خلال السنوات القادمة لتأسيس أكاديمية لتعليم هؤلاء الأطفال الرسم "لو عايزين بعد خمسين سنة يبقى عندنا ناس واعية يبقى نشتغل على الأطفال من دلوقتي ونحببهم في الفن والتفكير".
فيديو قد يعجبك: