بعيدًا عن العاصمة.. حكاية أول مشروع ثقافي في المحلة الكُبرى
كتبت-دعاء الفولي
دائما ما تمنّى عُمر وردة أن يجد مكانا ثقافيا يذهب إليه في مدينة المحلة الكبرى حيث يعيش، أتعبه السفر إلى القاهرة بشكل مستمر لحضور الفعاليات والندوات، لذا فكّر في إنشاء مشروع يجعل أهلها مكتفين، دشّن الشاب مكتبة "ديدوسيا".
"ديدوسيا" هو الاسم الفرعوني لمدينة المحلة الكُبرى، آمن عُمر طوال الوقت "إن أهل الأقاليم مظلومين في الجزء الثقافي ومعزولين عن المركزية في القاهرة والإسكندرية"، لم يعرف كيف يبدأ، لكن في عام 2017 قطع الخطوة الأولى وقام بتأجير مقر يصلح لمشروعه.
كانت فكرة "ديدوسيا" بسيطة؛ مكان يُنظم فعاليات ثقافية، ندوات شهرية، ويجمع الكتب ليستعيرها القادمون بأسعار رمزية، احتاج الأمر من عُمر التفكير في طرق جديدة يحصل بها على الكُتب "عملنا حفلة ودعينا ناس كتير وقولنالهم إن التذكرة هي كتاب قديم عندك تتبرع بيه لينا"، حصل الشباب ذلك اليوم على حوالي 800 كتاب، مُقسمين بين فروع مختلفة؛ أدب، فلسفة، نثر وشعر وعلوم وغيرها.
بعد مرور عامين، وصل عدد الكتب الموجودة في المشروع لخمسة آلاف كتاب، يطوف عُمر على أكثر من مكتبة ليحصل على الفائض، يتعاون مع المركز القومي للترجمة تارة، ويعتمد على كُتبه الشخصية تارة أخرى، وضع الشاب نظاما للمكتبة "الاستعارة بخمسين جنيه في ال3 شهور واللي عايز ييجي يقرأ ببلاش يقدر يعمل ده"، لم يحاول صاحب المشروع يوما زيادة أسعار الأنشطة "عشان دي فكرتنا أصلا.. إن الحاجات دي تبقى متوفرة بسهولة للناس".
حوالي 25 شخصا يعملون في "ديدوسيا" بشكل تطوعي، فيما يواجه المشروع تحديات عديدة؛ أهمها التمويل المادي "اللي جاي على قد اللي رايح وأقل"، بينما تبقى أزمة وجود المكتبة في المحلة واضحة "خاصة لما بنعوز نعمل ندوة.. مش كل المتخصصين بيرضوا ييجوا ومش كل الناس بيقدروا ييجوا برضو"، لكن في المقابل تجتذب الندوات أحيانا مُحبين من مُدن أخرى، خاصة المنصورة وطنطا.
لا يتوقف نشاط "ديدوسيا" على الفعاليات الثقافية فقط "بنعمل ورش حكي للأطفال".. يقول عُمر، بالإضافة لنقاش نصف شهري حول كتاب يتفق عليه مشتركو المكتبة، الذين وصل عددهم الآن إلى 150 شخص.
قبل عدة أسابيع وجد عُمر إعلانا عبر فيسبوك، وزارة الشباب والرياضة تدعو أصحاب المبادرات الهادفة للتقدم لمسابقتها، قرر الشاب أن يجرب، تقدم بفكرة "ديدوسيا"، وعقب أيام من بحث لجنة من وزارتي الشباب والتضامن "تم اختيار فكرتنا ضمن المشاريع الفائزة"، ساعدت المسابقة عمر على معرفة مبادرات أخرى "بدأنا نشبك معاهم زي عربية الحواديت اللي بتلف المحافظات عشان تشجع الصغار على القراءة"، فيما سيحصل المشروع على دعم مادي من الوزارة لتطوير مشروعه.
يعمل عُمر في مجال الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال، يعرف كيف تُغير التفاصيل البسيطة حياة البشر "لما حد ميبقاش ليه في القراية وبعدين يحبها وينبسط ويناقش ده بالنسبة لي كفاية"، استكمال العمل في المشروع مرهق، لكن الأمر يستحق "كفاية إن الناس بقت عارفانا في المحافظة وبيييجوا مخصوص"، يتمنى الشاب تنفيذ خطته القادمة في القرى الصغيرة "ننزل نحكي للأطفال حواديت ونجيب كتب للناس".
فيديو قد يعجبك: