بين الفقد والاستعادة".. عودة إلى "فنون الأراجوز" في معرض "خان المغربي"

كتب- محمد زكريا:

وسط صالة ليست بمتسعة، تتوزع فيها مجموعة أعمال تصويرية ونحتية تتفاعل مع شخصية الأراجوز فنيا ورمزيا، كان هناك من هم على موعد مع ندوة بعنوان: "فنون الأراجوز في مصر بين الفقد والاستعادة"، يستضيفها "جاليري خان المغربي"، بحي الزمالك في القاهرة، خلال معرض موضوعه "الأراجوز"، والذي يستمر حتى نهاية الشهر الجاري.

الندوة ألقاها نبيل بهجت، أستاذ علوم المسرح بجامعة حلوان، صاحب ملف "فن الأراجوز" الذي أدرجته منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي.

بدأت الندوة بالحكي عن خطوات الأستاذ الجامعي الأولى نحو فن الأراجوز، قبل 20 عاما، عندما حضر من محافظة الشرقية إلى القاهرة، ليشعر أن العاصمة مكسوة بملامح غربية "لقيت إن دي مش مصر، ولا ده امتداد لتراثها.. حسيت أن مصر تخرج عن نفسها". ورغم إيمانه بأن القضية أعمق من اختصارها في خطر اندثار الأراجوز، الذي بحث عنه في شوارع القاهرة القديمة ولم يجده، أراد بهجت لو يبدأ من جهته بالسعي نحو حفظ ذلك الفن التراثي الشعبي.

على المقاعد، كان حاتم هاني، يستمع باهتمام إلى سرد أستاذه الجامعي. الشاب في السنة الأولى من قسم علوم مسرح في جامعة حلوان، يهتم بالفن، والأراجوز تحديدا، ومبرره بأن الأخير يواجه الاندثار، فأراد لو أنه يستزيد علما عنه، وبخاصة أنه شغف بالفن وتاريخه، فيما تأثر الشاب بمشروع أستاذه.

يسأل بهجت ما إذا كان هذا البلد يريد أن يخطو نحو التقدم للأمام أم لا، فعليه العودة للتراث، قائلا "عليك أن تقف بقدم في التراث وأخرى في الواقع"، ومن هنا بدأ شخصيا عمله: "هل نحن بحاجة إلى الأراجوز أم لا؟" كان هذا التساؤل بداية، لكن الإجابة تحتاج إلى تجربة عملية، يحكي عنها للحاضرين: "نزلت الشارع، عملت عشرات العروض، تلقائيا لقيت الناس بتنجذب للأراجوز"، يبرر ذلك بقوله: "الجين المصري لديه ذاكرة تحفظ تراث أجداده"، ليشرع في مشروعه.

البداية كانت من فك شفرات ذلك الفن، عايش الأستاذ الجامعي حياة "أسطوات الأراجوز"، تعلم عن الفن كل شيء، ليجد الدور على إعداد كوادر جديدة، أطلق ورشة لطلابه من قسم المسرح أسماها "ومضة"، وجذبت عروضها آلاف المصريين، لينتقل بالفن إلى العالمية.

قدمت ومضة عروضها فيما يقرب من 30 دولة. وفي أمريكا قدمت 121 عرضا، شاهده حوالي 40 ألف شخص، انبهروا بالفن، كما بصر أستاذ المسرح بعينه، وأعاده على مسامع الحاضرين إلى "جاليري خان المغربي"، ليُسجل الأراجوز في قائمة الصون العاجل للتراث الثقافي غير المادي في الـ28 من نوفمبر 2018.

عقب انتهاء حديث بهجت داخل "جاليري خان المغربي"، تم عرض فيلم وثائقي عن الأراجوز، ينتهي بالحاضرين للتأكيد على استمرار حياة ذلك الفن، رغم ما يواجه من معوقات، لتُختتم الندوة بعرض للأراجوز بيد الفنانين محمود حنفي وصابر شيكو، رجل تخطى الستين والآخر في سن الشباب.