في ملتقى البرلس.. حين تحول منزل عائلة لـ"بيت البحر" - صور
كتبت- شروق غنيم:
طيلة ثلاثة أيام لم تُبدِ حنان عبدالرحمن أي انفعال تجاه أعمال الرسم على واجهة منزلها، أخذ الدكتور عادل مصطفى بالتعاون مع الفنان الصربي ميلان بانتليك يلونون بيت عائلة السيدة الثلاثينية في فعاليات ملتقى البرلس للرسم على الجدران والمراكب، حاولوا فتح أبواب الوِد معها بالحديث، المزاح، غير أنها "على طول مكشرة ومضايقة من دوشة ولادها"، لكن ما إن انتهوا من العمل حتى تبدّلت ملامحها، دهشة وابتسامة لا حدود لها حين طلت بنظرها على المشهد وقالت "يالهوي، أنا بيتي بقى جميل أوي".
كما تبدّلت الحالة النفسية لحنان حدث ذلك مع منزلها، رغم موقع الجيد والمواجه للبحر إلا أنه لم يأخذ من طابعه شيئًا فقط جدران إسمنتية باهتة اللون، غير أن لفرشة عادل وميلان أثرًا يرى من على بُعد أميال، إذ قررا أن يتعاونا من أجل طلاء المنزل بأكمله وليس جدارية واحدة كما المعتاد في ملتقى البرلس، فصار منزل السيدة الثلاثينية "بيت البحر".
قبل خمس سنوات؛ عرفت أدوات الرسم الخاصة بدكتور عادل مصطفى المشاركة في ملتقى البرلس منذ نسخته الأولى، والذي أطلقته مؤسسة الدكتور عبدالوهاب عبدالمحسن عام 2014 من أجل تجميل مدينة البرلس بمحافظة كفر الشيخ، وفي نسختها السادسة هذا العام فكر مصطفى أن يفعل شيئًا مختلفًا، وهو مشاطرة صديق أجنبي في رسم منزل كامل وليس جدارية صغيرة.
أرسل الدكتور بكلية فنون جميلة دعوة لصديقه الفنان الصربي ميلان بانتليك، اقتنع الأخير بالفكرة، لطالما أحّب أن يزور بلد أفريقي "فما بالك بأني أعمل مع فنان من هذا العالم المبهج بالنسبة لي"، وطيلة ثلاثة أيام عمل الثنائي على المنزل "استخدمنا كل درجات اللون الأزرق من أجل أن يصبح هذا المنزل مُمثلًا لروح المدينة التي تُطل على البحر".
لم يستطع ميلان التواصل بالكلمات مع أصحاب المنزل، فكانت الألوان والرسم "حتى اسمي كانوا ينطقوه بشكل خاطئ، دائمًا ما يقولوا لي ميلانو ميلانو"، يضحك الفنان الصربي الذي استمتع بالعمل في المدينة المصرية "الناس هنا ودودين جدًا خاصة الأطفال، الذين كانو يطوقون المكان من حولنا لرؤية ما نفعل، هنا الأطفال مشتاقون لرؤية الفن والألوان من العام للعام، لم أمل من ضجيجهم حتى أحدهم الذي كاد أن يبتلع الألوان، وبعد أن لحقناه، جعلنا نقع في نوبة ضحك".
لازال يذكر عادل مشاركته الأولى في الملتقى، علاقة ربطت به وأصحاب أول منزل غزلت أياديه الألوان عليه، إذ رسم حينها شبكة صيد للسمك، وبعد مرور خمسة أعوام عاد إليهم من جديد ولكن هذه المرة ليصبح منزلهم بأكمله ملوّن باللون الأزرق ويحمل اسم "بيت البحر".
كان للثنائي فلسفة في اختيار فكرة البحر من أجل منزل الست حنان "البحر دايمًا مليان خير ورزق، وده كنت بحسه، إن بيت كامل الخير جواه بالأولاد وحياتهم"، بينما كانت هناك أسباب فنية أيضًا مثل وجود المنزل في مكان مميز، لا تزاحمه مباني أخرى "فلما يترسم كله هيبان من برة المدينة"، يتمنى الفنان المصري أن يصبح ذلك ثيمة أساسية في الملتقى " لو كل فنان اشترك مع واحد تاني وعملوا بيت كامل، كمان 5 سنين هنلاقي المدينة كلها ملونة".
في الفترة من أول أكتوبر وحتى 14 الماضي؛ انطلقت الحركة في مدينة البرلس، من الحادية عشر صباحًا ينهمك 40 فنانًا تشكيليًا من 18 دولة من أنحاء العالم في الرسم على واجهات المنازل والمراكب، يمنحون المدينة حياة جديدة "كان هذا الشعور بالنسبة لي هو الأجمل منذ بدأت الرسم قبل 20 عامًا" يحكي الفنان الصربي.
لا ينسى مصطفى العمال الذين ساعدوه هو وميلان في تلوين المنزل "المؤسسة وفرت لنا سآلة أمنة نطلع عليها براحتنا، والعمال ساعدونا في الدهان وإحنا كنا بنعمل اللمسات الفنية وتكوين الألوان"، فيما يذكر الفنان الصربي التلاقي الذي حدث مع أحد أبناء المدينة "لا نفهم لغة بعض، لكن ما إن ذكرت أنني من صربيا حتى قال لي أنه يعرف نادي النجم الأحمر بلغراد، صرخت من الفرحة، يا إلهي، إنه فريقي الكروي المفضل، لم يدر بيننا أحاديث بعدها بسبب عائق اللغة، لكني شعرت أنني كونت صديق في مصر".
في ختام ملتقى البرلس، نظمت جولة ختامية، مر عادل وميلان على "بيت البحر" الذي وقف أمامه معظم المارة يتأملونه، يقول الفنان الصربي "ها قد وصلنا لـSea House"، يقاطعه الفنان المصري "اسمه بيت البحر، وهو بالعربي له مزيكا كدة مختلفة، معرفش ميلان حاسس بده ولا لاء".
حين يصل الثنائي إلى إحدى جداريات المنزل الأربعة فيجدا لونًا جديدًا عليها، يهرول الحاج علي عطية صاحب البيت بحتة قماشية مبللة "معلش كريم كان بيلعب وشخبط شوية"، وما إن يبدأ في مسحها يمنعه ميلان "لا تفعل ذلك، دع ما فعله كريم كما هو، عليه هو الآخر أن يشارك في تلوين هذا المنزل، لقد منحت الشخبطة لمحة مختلفة له".
كان لوقع طلاء المنزل بالأزرق ثم منحه اسم "بيت البحر" أثرًا أعمق في نفس الحاج علي، يتذكر الرجل السبعيني حين كانت تصل موجات البحر إلى داخل المنزل عام 1956 "كنا نخاف وقتها من البحر لحد ما اتحط بقى صدادات واتبنى سور عالي"، لكن الآن بإمكانه أن ينظر لمنزله ويبتسم "دلوقتي مش خايفين منه، بالعكس أنا حابب البيت كدة وبالاسم ده كمان".
تابع موضوعات الملف:
في ملتقى البرلس.. حين تحول منزل عائلة لـ"بيت البحر" - صور
"عندي 15 سنة وعايزين يجوزوني".. حدوتة مريم على مسرح البرلس
تاج الألم.. من البرلس رسامة "بنجلاديش" تحمل رسالة لنساء العالم
"مش للرسم وبس".. كيف أثر صندوق الأمم المتحدة للسكان على ملتقى البرلس؟
ملتقى البرلس للفنون.. "ونس" العزبي ورفاقه بعد الخروج على المعاش
فيديو قد يعجبك: