بالصور- أبطال لا يعرفون المستحيل.. حكايات عشاق سباحة فوق سن الستين
كتب- محمد مهدي:
تصوير- فريد قطب:
فيديو- أحمد السهيتي:
كأنها ليلة عيد، فرحة تمس قلوب العشرات من السباحين وهم في طريقهم إلى نادي سبورتنج بالإسكندرية للمشاركة في بطولة السباحة للكبار، العوم يمنحهم الحيوية، المنافسة تُشعل الحماس داخلهم، ارتطام أيديهم داخل المياه يُعيد إليهم أيام ذهبت منذ عقود طويلة، نشوة فائقة لا مثيل لها تجعل الابتسامة لا تفارق وجوههم حينما يبدأ السباق "بنكون مبسوطين زي الأطفال، مش مهم عندنا نكسب أو لا" يقولها السباح أحمد حمادة-80 عاما- بسعادة.
لا يفوت السباح الثمانيني البطولات المحلية أو العالمية؛ لذلك ذهب متحمسًا للبطولة التي ينظمها نادي روتاري في "سبورتنج"، يدخل إلى المكان متذكرًا كيف بدأ مشواره في الستينات من عمره "كنت بلعب وأنا 17 سنة، وبعدين بطلت ورجعت تاني في 2011 لما شوفت فريق مصر للأساتذة"، فعلها على سبيل التجربة قبل أن يُصبح شغوفا بها "مبقتش أسيب حمام السباحة من ساعتها، وبشارك في أي بطولة"، من أجل ذلك يتدرب 5 أيام أسبوعيًا.
في المنطقة المخصصة لبدء فعاليات البطولة ازدحم النادي بالأعمار السنية المختلفة "السباق يضم أعمارًا تصل لـ99 سنة" يقف حمادة في الجزء الخاص بالرجال من سن (80-84 عامًا) يستعد للسباقات بروح مَرحة، يرتدي ثوب السباحة، يقف في حالة استعداد، حين يسمع صافرة البداية يقفز مندفعًا للمياه، تغمر جسده بالكامل "بحسها بتروق دماغي، بتخليني أحسن ومبسوط" يتحرك بسرعة كبيرة وسط المتنافسين، يخرج فائزًا من سباق تلو الآخر وعيناه تلمعان "خلصت البطولة بـ12 ميدالية".
للنساء نصيب كبير في المشاركة بالبطولة، السباحة السبعينية التي ذاع صيتها مؤخرًا في وسائل الإعلام سهير العطار كانت حاضرة "السباحة هي الشيء اللي بعمله لنفسي وبستمتع بيه" لبطولة الإسكندرية محبة خاصة في قلبها "بتبقى منافسة قوية وجميلة، والأجواء بتكون مثالية" أكثر ما يدفعها للتواجد "إني بشارك وسط أصحابي، وبنهزر سوا قبل ما ننزل المايه، بنقول لبعض متكسبونيش وبنضحك مع بعض" لكنها في وقت الجد كانت تعمل بكامل قوتها للحصول على المراكز الأولى "حصلت على 12 ميدالية ذهبية" تذكرها بفخر.
في المكان يبدو الحماس على السباحة الخمسينية "ماري الحاج" سبق أن شاركت في بطولات محلية وعالمية عديدة منها "بطولة العالم في أمريكا وأستراليا والسويد وإيطاليا وبحقق ميداليات على طول" كانت قد تعلمت السباحة في سن متأخرة واحترفت البطولات منذ عام 2004 فأصبح العوم جزءًا مهمًا من حياتها لا يمكن تفويته أو ترك أي بطولة "عشان كدا لو معومتش في يوم بحس بحاجة نقصاني".
تتدرب السيدة ماري مع الرجال "لأنهم أقوى وبستفيد منهم أكتر في التمرين" كما تصف، تخضع لتمارين قوية بصورة يومية "عشان أبقى قادرة على المنافسة" لذلك تحافظ دائمًا على حصد المراكز الأولى في السباقات المحلية "بعوم مسافات كبيرة، سباقات 3 كيلومترات" فيما تعتبر أكبر إنجازاتها فوزها بالمركز الـ11 في العالم خلال بطولة أمريكا للأساتذة "دا رقم كبير في المنافسات الخارجية".
قبل أيام من السباق، كان السباح "أحمد فؤاد"-87 عاما- يُفكر كثيرًا قبل النوم في كيفية تخطي منافسيه في البطولة "بعمل استعداد ذهني وتصور مسبق للسباق، التكنيك اللي هعوم بيه وأرتبهم في دماغي" يحاول تقليل الأحمال التدريبية "يعني قبلها بكام يوم بعوم على خفيف عشان ميحصلش إجهاد" فيما ينطلق من القاهرة إلى الإسكندرية بشوق شديد للمشاركة في البطولة "بفتكر أيامي الأولى في السباحة في سنة 1947" يتذكر تعلمه العوم في سن الـ17 رفقة والده في إحدى العيون الكبريتية "عين الصيرة" ثم حمام الملكة ناظلي "تحت إشراف الحاج توفيق اللي طلع من بين إيديه أبطال" تتدفق تلك المشاهد في مخيلته فترتسم الابتسامة على ملامحه.
أمام حمام السباحة يتخلى "فؤاد" عن ملابسه، يرتدي نظارة مخصصة للسباحين قبل الغوص في المياه "طريقتي إني بعد أول 25 متر بدون تنفس، ثم آخد نفس كل أربع ضربات" يتفق السباح الثمانيني مع زملائه في أن المتعة لا تقتصر على الفوز فقط "إحنا بنلعب عشان نحافظ على صحتنا ونستمتع بس" لكن الشيء الذي يجعل قلبه يطير من الفرحة "إني أشوف علم مصر بيترفع في المحافل الدولية لما بحقق ميداليات دهب" إذ حصل على ميداليات في بطولات الأساتذة بألمانيا وكندا وكوريا.
السباحة في سن الخمسينات والستينات وما بعدها تسهم في التخلص من الأمراض، كما يؤكد المهندس سيد هلال، رئيس لجنة سباحة الأساتذة بنادي سموحة "شخصيًا بطلت نوعين من أدوية الضغط والكوليسترول لما رجعت ألعب تاني سباحة" المجهود المبذول في السباحة يعمل على تنظيم الدورة الدموية "والجسم بيكون أفضل، وآثار العوم بتظهر بصورة جميلة" من أجل ذلك ينصح الجميع بالمشاركة في بطولات السباحة.
يشارك الرجل منذ سنوات في البطولات المختلفة؛ "لأنها بتخلينا نستعيد رياضتنا المفضلة اللي بعدنا عنها فترة، وكمان بنقابل زمايلنا وأصدقاءنا اللي عرفناهم زمان ولعبنا معاهم ياما" يؤكد أن العشرات يقبلون بحماس على المشاركة في البطولات التي تقام على مدار السنة "بيتم تنظيم بطولة الأساتذة 8 مرات سنويًا في القاهرة والإسكندرية وغيرهم من المحافظات"، فيما يتمنى أن تدوم تلك الصحبة وسط المياه.
فيديو قد يعجبك: