إعلان

من مصر الجديدة للعريش.. رحلة إنقاذ سلحفاة نادرة بعد عرضها بمطعم سمك

02:29 م الجمعة 27 ديسمبر 2019

السلحفاة

كتب- محمد مهدي:

منذ أيام كان "شريف هنري" يتحرك بسيارته في شوارع مصر الجديدة قبل أن يستوقفه مشهد مؤسف، إذ رأى أحد أنواع السلاحف البحرية على الرصيف أمام مطعم للأسماك من أجل عرضها أمام الزبائن، ترجّل عن سيارته على الفور ليقترب منها فوجدها في حالة بائسة، اندفع ناحية أصحاب المكان مُتسائلا عن سر قدوم هذا النوع النادر-ذكر سلحفاة خضراء- من البحر الأبيض المتوسط "وفكرت إني لازم أخلصها من الوضع دا لأنها كانت بتنزف ومبتتحركش" من هنا بدأت رحلة إنقاذها، كما يسرد هنري لمصراوي.

1

طَلب هنري من صاحب المطعم ترك السلحفاة، وافق الرجل لكن بشرط وحيد وهو دفع مبلغ مادي كبير في مقابل التخلي عنها "تواصلت مع مجتمع الناشطيين البيئين على مواقع التواصل الاجتماعي لمساعدتي"، لتنهال عليه الاتصالات "اتكلمت مع دكتور عبدالرحمن المكاوي لخبرته، ولأنه يقدر يقدم العناية الطبية المطلوبة للسلحفاة"، وخوفًا على حياتها منح صاحب المطعم جزء من المبلغ المطلوب لحين التصرف في باقي الأموال "واشترط حصولي على السلحفاة حية" قبل أن ينطلق إلى بيته لتوفير الباقي.

بعد عودته ودفع المقابل كاملاً "بلغته إني هرجع السلحفاة تاني للبحر، مكنش مصدق" حاول توعية صاحب المطعم محدثًا إياه عن أهمية السلاحف البحرية، وتحذير القانون المصري من التصرف فيها سواء بالبيع أو الشراء "وإن اللي شوفته غير أخلاقي وغير قانوني"، ليفاجيء باستجابة الرجل "ورفض يأخد باقي المبلغ، ووعدني بعدم المتاجرة في السلاحف مرة تانية"، وعلى الفور نقلها إلى سيارته برفقة زوجته وأبنائه "كنت حريص إن أسرتي تشارك في التجربة ويعرفوا دورنا في إنقاذ أي كائن حي ضعيف ومقهور".

2

خلال ساعة التقى الدكتور عبدالرحمن المكاوي، الناشط البيئي، رئيس قسم علاج الجذور بكلية طب الأسنان جامعة سيناء"كان معاه مياه مالحة، رشينا عليها عشان نعوضها عن نقص المياه فترة وجودها في المطعم"، كان الأخير يتعامل بدقة شديدة واهتمام بالغ مع السلحفاة "دا نوع معرض للانقراض، وله أهمية بالغة في التوازن البيئي" كما يوضح المكاوي، لذلك لم ينتظر كثيرًا ليقوم بعمل فحوصات سريعة "لقينا ضفر مكسور من الزعنفة وكسر أسفل الصدفة ونزيف ودي مشكلة كبيرة ممكن تؤدي لوفاتها"، ليتوجهوا سريعًا إلى عيادة الطبيب البيطري "محمد حجاب".

3بدا القلق على وجه الطبيب البيطري حينما عاين حالة السلحفاة "عملنا أكتر من محاولة عشان نقفل الجرح، وفي النهاية استخدمنا جهاز ليزر ونجحنا"، ثم نُقلت إلى حوض ماء مذاب به ملح بحري بتركيز عالي تحت إشراف أستاذ "رفيق" الذي استضاف السلحفاة لحين تعافيها "الحركة كانت في الأول ضعيفة، والمؤشرت الحيوية مقلقة، وفيه التهاب في الرئة"، منحوا السلحفاة أدوية في محاولة لإنقاذها.

في الوقت نفسه تم التواصل مع "نهلة نجيب" باحثة في وزارة البيئة مختصة في السلاحف البحرية "عشان تحصل على عينات من السلحفاة ويتعمل عنها فايل فيه كل المعلومات وعملنا تاج للزعانف الأمامية"، بجانب الحصول على موافقة رئيس قطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة لنقلها بعد تعافيها إلى جامعة سيناء فرع العريش لإعادتها للبحر "لأن الجامعة بتطل على البحر الأبيض المتوسط، ولأن المنطقة هناك من جامعة سينا لمحمية الزرانيق بيحصل فيها تبويض وفقس للسلاحف البحرية"، فضلا عن التأمين الجيد للمنطقة من الصيادين.

4تحسنت السلحفاة بعد أيام من المداواة والرعاية، مجهود شارك فيه الجميع رُفقة "فرح أكرم" ناشطة بيئية، وأحمد عبد الحليم غواص منقذ، والطبيبة البيطرية "هانيا خليل" وأيضًا مدير محميات الزرانيق والمسؤولين بجامعة سيناء الذين استعدوا لاستقبالها وقاموا بتجهيز حوض خاص لها، باتت السلحفاة جاهزة لنقلها إلى العريش "هنسافر بكرة الصبح، هنوصل في نُص اليوم على حسب الطريق"، وهناك سيتم الاعتناء بها والكشف عليها من جديد، وفي غضون ساعات من الوصول ستعود إلى البحر مرة أخرى لتستعيد حياتها التي سُلبت منها، فيما تستمر المحاولات من أجل توعية الجميع بعدم قانونية الإتجار وحيازة السلاحف "القانون بيعاقب بالغرامة وغلق المحلات والحبس في أحيان كتيرة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان