محطات وتوسعات جديدة.. هل تنتهي أزمة انقطاع مياه الجيزة هذا الصيف؟

كتب ـ محمود عبدالرحمن:

رغم سكنها في القاهرة الكبرى، اعتادت أسرة على مرسي الاستيقاظ في وقت متأخر كل ليلة لتعبئة الأواني بالمياه التي قد تصل إليهم في ثلث الليل الأخير، لاستخدامها طول ساعات النهار في الأعمال المنزلية. فالأسرة التي تقيم في كفر طهرمس ببولاق الدكرور، جنوب الجيزة، تعاني من انقطاع المياه المتكرر منذ 5 سنوات مثلها مثل 960 ألف شخص هم عدد سكان المنطقة التي أنشئت قبل 30 سنة، كمساكن بديلة لسكان العشوائيات.

المنطقة التي تقيم فيها أسرة "مرسي" كانت قبل يناير 2011 عبارة عن بيوت أهالي لا يتجاوز ارتفاعها طابقين أو ثلاثة، وتجمعات سكنية أنشأتها الدولة في أول التسعينات من القرن الماضي. يقول رب الأسرة الثلاثيني: "المية لما بتيجي بالليل بتكون ضعيفة جدًا ومش بتكفي نخزن منها"، ما يدفع زوجته للتسابق مع نساء الشارع للفوز بحصة من المياه التي تأتي معبأة بخزان سيارة شركة المياه التي تزور المنطقة ظهر كل يوم.

البناء المخالف.. المتهم

ترجع شركة مياه الشرب بالجيزة سبب انقطاع المياه بمنطقة كفرطهرمس وغيرها من مناطق المحافظة إلى ضعف البنية التحتية، والتوسع العمراني بالظهير الزراعي والذي تسبب في زيادة عدد سكان المنطقة بأكثر من 360 ألف نسمة خلال 7 سنوات فقط.
يقول علي مرسي: "يعني الحكومة سابت الكبار يبنوا أبراج، ودلوقتي بتقول إنها السبب في انقطاع أزمة المياه".

ويعود تفاقم أزمة انقطاع المياه بالجيزة إلى خمس سنوات سابقة وتحديدا أواخر 2013. ووفقا للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي يرجع السبب إلى "التوحش العمراني" من خلال بناء أبراج سكنية ترتفع إلى 12 طابقا بالظهير الزراعي، وهدم المئات من البيوت القديمة وتشييد الأبراج مكانها، وهو ما لم تستطع البنية التحية لشبكة مياه الشرب التي يتجاوز عمرها مئات السينين مواكبته، بينما تكشف الأرقام والإحصائيات الرسمية، تزايد عدد السكان والمباني بالمحافظة خلال الأعوام الماضية.



وتصل الطاقة الإنتاجية اليومية القصوى لمحطات مياه الجيزة إلى 303 ملايين متر مكعب، لكن العجز اليومي يقدر بـ500 ألف متر إضافي، وفقا لإدارة العلاقات العامة والإعلام بالشركة القابضة لمياه الشرب.
ويعاني من أزمة انقطاع المياه 2 مليون من مواطني المحافظة، وفقا لطلب الإحاطة الأخير الذي تقدم به نائب العمرانية في 12فبراير الحالي، والذي كشف عن انقطاع المياه بمتوسط 12 ساعة يوميا في مناطق مختلفة بالمحافظة، أبرزها (دهشور وسقارة والبدرشين وغطاطي وطهرمس والعشرين وترسا والمنيب).

وعد.. نهاية الأزمة هذا الصيف

"انتهاء أزمة انقطاع المياه بمحافظة الجيزة نهائياً الصيف القادم".. بهذا الجزم والتأكيد، تحدث المهندس حسن الفار، رئيس الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي ـ الجهة الحكومية المسؤولة عن إنشاء محطات المياه الجديدة والتوسعات داخل المحطات القائمة بالمحافظة.

هل تنتهي الأزمة هذا الصيف؟

فهل تنجح خطة الحكومة في إنهاء أزمة انقطاع مياه الجيزة اليومي لفترات تصل 12 ساعة في بعض المناطق؟ وهل تكفي الطاقة الإنتاجية للمحطات الجديدة في سد العجز المائي؟
بحسب الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي، فإن إنشاء المحطتين الجديدتين والتوسعات التي تنفذ حاليا وستبدأ العمل الفعلي في شهر أغسطس القادم، سيزيد إجمالي المياه المنتجة بمقدار 430 ألف م3 يوميا، ما يقلص العجز المائي بصورة كبيرة.
وداخل المحطات الجديدة، يجري العمل على قدم وساق، تقول المهندسة مي صلاح الدين، المشرف العام على مشروع التوسعات بمحطة جزيرة الدهب إنهم أكملوا أعمال الإنشائية ويتبقى البدء في تركيب المعدات وماكينات المياه، موضحة أن المرحلة الأولى من التوسعات ستكتمل وتصبح جاهزة للتشغيل في إبريل القادم، بينما المرحلة الثانية ستكون جاهزة في يوليو القادم.



محطة منشاة القناطر، هي محطة جديدة يجري إنشاؤها، وستتسلمها الشركة القابضة للمياه نهاية يونيو القادم، كما يؤكد المهندس محمد عبدالعظيم المشرف العام على مشروعات مياه الشرب بجنوب الجيزة، والذي أوضح أن المرحلة الثانية ستسلم في ديسمبر 2019.
ورغم العمل القائم في المحطات سواء للإنشاء أو التوسعة، إلا أن الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي أكد أنه بدخولها الخدمة بالكامل سيتقلص عجز المياه من 500 ألف إلى 70 ألف متر يوميًا، وذلك في حال بقي التعداد السكاني كما هو.
وبحسب دراسات الشركة القابضة للمياه، فإن نسبة العجز المتبقية محدودة ويمكن التغلب عليها بحلول بديلة منها تنفيذ تقنية تكنولوجيا الترشيح الطبيعي لضفاف الأنهار، والتي تم تجربتها بالفعل في مدينة المنيا من خلال تركيب 13 وحدة، لخدمة 180 ألف نسمة، بتكلفة لا تتعدى 5% من التكنولوجيا التقليدية، أو الاستعانة بكميات مياه من خطوط أخرى.
ورأت مصادر من داخل الشركة أن المحطات والتوسعات الجديدة التي ستدخل الخدمة الصيف القادم، ستقضى على الأزمة بشكل كبير، وإن كان هناك انقطاع للمياه سيكون بشكل غير ملحوظ.

الزيادة السكانية تلتهم توسعات المياه

دراسات الشركة القابضة للمياه افترضت بقاء عدد سكان الجيزة كما هو، رغم مرور 3 سنوات على إحصاء 2017 الذي تعاملت معه.
ووفقا لتعداد السكان الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء عام 2017، يبلغ معدل النمو السكاني 2.56% سنويا، ومع افتراض بقاء هذا المعدل خلال الأعوام الثلاثة (2017 ـ 2018 ـ 2019)، سيصل عدد سكان الجيزة إلى 9ملايين و632ألفا و21 نسمة، بزيادة قدرها 662 ألفا و937 نسمة، عن أعداد السكان التي قامت عليها الدراسات، ما يعني زيادة الفجوة مجددا وارتفاع نسبة عجز المياه.
يعترف اللواء حسن عبدالغني المتحدث الإعلامي باسم الشركة القابضة للمياه، بوجود هذا العجز، إلا أنه يرى أن نسبة الزيادة السكانية من الممكن أن تقل أو تزيد عما هو متوقع، لأن محافظة الجيزة ضمن إقليم القاهرة الكبري، ومن المحافظات التي يستقر بها بعض الأسر القادمة من الأقاليم.
وأوضح أن اختصاص الشركة القابضة للمياه يتلخص في استلام وتشغيل المشروعات التى يتم تنفيذها وتوزيعها على تلك المناطق المحرومة، وليس إنشاء المشروعات "إحنا عندنا علم أن المشروعات هتخلص قبل بداية صيف 2019 وبناء على ذلك هنقوم بتوزيع اجمالى تلك المشروعات على المناطق".

عشوائيات ومباني جديدة

وفي الوقت الذي تنفذ فيه الحكومة محطات مياه وتشهد محطات أخرى توسعات من أجل القضاء على أزمة المياه بالجيزة، معتمدة على بيانات تعداد السكان 2017، وآخر تصوير جوي لتحديد التعديات العشوائية على الأراضي الزراعية في 22/ 7/ 2017، تواصلت عمليات البناء العشوائية، ورصد مصراوي بناء أبراج جديدة سواء في المناطق الزراعية أو مكان منازل قديمة.
وقال النائب عمرو أبو اليزيد عضو لجنة الإسكان ونائب دائرة بولاق الدكرور بمجلس النواب، إن التصالح في مخالفات البناء في القانون الجديد لن تتجاوز المباني التي أنشئت بعد آخر تصوير جوي، مؤكدا في الوقت نفسه: مازالت البنايات العشوائية غير المرخصة تشيد بمحافظة الجيزة.
ورصد "مصراوي" تشيد 6 أبراج جديدة بجوار محطة مترو ساقية مكي، على مدار عام 2018، كل منها يتكون من 12 طابقا وكل طابق يوجد به 7 شقق سكنية.

وتبدل الحال في أرض البطاريات، والتي كانت أرض خالية حتى عام 2016، وباتت حاليا تضم 16 برجا على الجانبين كل برج يصل ارتفاعه إلى 12 طابقا، وكل دور به 4 شقق.

وقال عدد من الأهالي المقيمين إن الأرض كانت ملك إحدي الشركة القطاع العام التي باعتها قبل سنوات، وبدأت الأبراج تشيد فيها البرج تلو الأخر منذ عام 2016 الذي شهد إقامة 3 أبراج، بينما في عام 2017 تم بناء برجين، وأخيرا شيدت 6 أبراج نهاية 2017 ووصل في2018 إلي 17برج، بينما اليوم يوجد 20 برج بالشارع.

يقول المهندس محمد عبدالعظيم، المشرف العام على مشروعات المياه بجنوب الجيزة، إن أحد مهام الجهاز ملاحظة الزيادة السكانية من وقت لآخر، لكن مشروعات المياه تحتاج ميزانيات ضخمة، بمجرد توفيرها نبدأ في تنفيذ مشروعات جديدة أو إقامة توسعات في المشروعات التي تعمل بالفعل.
وأكد أن الجهاز سينفذ محطات وتوسعات جديدة في الفترة المقبلة، إلا أنه ربط ذلك بتخصيص المال لها، قائلا: "إحنا بنكون لسه مسلمين المشروع لشركة المياه، وبنعمل في مشروع تاني ونفاجئ إن المشروع اللي لسه متسلم محتاج توسعات، وبنعملها".