"مونتسوري" في مصر.. حكاية أول مدرسة بدون عقاب (صور)
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
-
عرض 13 صورة
كتبت- دعاء الفولي وشروق غنيم:
تصوير- شروق غنيم:
حين كانت ابنة صفية عُمرها أشهر معدودة، أرادت الأم مكانا تعليميا يستقبل ابنتها، يختلف عن الحضانات التقليدية، لكنها لم تجد ما تريد؛ فاضطرت لترك عملها والجلوس مع صغيرتها، قبل أن تجد حضانة تُدرس للأطفال بطريقة المونتسوري؛ وقتها تهللت أسارير صفية، غير أن الراحة لم تستمر طويلا، إذ أغلقت أبوابها عقب أشهر قليلة.
بعد فترة، اضطرت صفية للعودة لعملها، الذي استلزم السفر عبر محافظات مصرية مختلفة، كان ذلك مرهقًا لها "كنت باخد داليا معايا في كل مكان"، في تلك الأثناء، تعرّفت صفية على المؤسسة المصرية للمونتسوري، حيث حصلت على ورشة تدريبية في ذلك المجال "كنت باخده ساعتها عشان بنتي وتربيتها"، دون علم أنها ستفتح أول مدرسة للمونتسوري في مصر تستقبل الأطفال من عُمر أشهر.
من ماريا مونتسوري بدأت الفكرة. هي طبيبة وفيلسوفة إيطالية، أرست نظامات تعليميًا لا يعتمد على تلقين المعلومة وحفظها، بل تهيئة البيئة للطفل ليكتشف بنفسه، ووضع الأدوات أمامه ليتعرف على العالم بما يتناسب مع شخصيته ومرحلة نموّه.
في ورشة المونتسوري تعلمت صفية الكثير "مفيش طفل بيحتاج نفس الحاجة اللي بيحتاجها طفل تاني"، قد يكون صغيران في العُمر نفسه "واحد فيهم مستعد يتعلم الكتابة والتاني مستعد يبدأ يتعلم مهارة يدوية"، تعلمت الأم أن كل "دعبسة" تفعلها داليا في المنزل تجعلها تكتسب مهارة جديدة.
حيرة ظلت بها صفية لعدة أشهر، شاركها فيها أهالي آخرون، حتى جاءت فكرة التعاون مع هالة أبو العلا، رئيسة مؤسسة المونتسوري في مصر، والتي تستقي منهجها من المؤسسة الأم في هولندا "أنا رجلي اتجرت، لا كنت عارفة إدارة ولا متخيلة إني هفتح حضانة، بس داليا كانت محتاجة ده فكان لازم نشوف حل"، لم يكن الأمر يسيرًا، لاسيما وأن مدرسة واحدة أخرى فقط في مصر تُقدم نفس المنهج "لكن الدراسة بتبدأ من 3 سنين لست سنين"، تستشعر صفية المسئولية الشديدة، غير أنها تفخر بما تحاول تقديمه "من حق الطفل إنه يعيش مراحله العمرية صح، مش لازم يشوفوا نفس التعليم التقليدي اللي احنا اتعلمناه".
في منطقة الدقي؛ باب حديدي كُتب عليه"Nille river يقود عبر رُدهة متسعة لباب المدرسة الداخلي الذي له مقبضان؛ الأول يناسب البالغين والثاني مُخصص للأطفال. في مدرسة صفية كُل شيء مُعد للأطفال؛ مقاعد صغيرة، أدوات طعام، أرفف قصيرة، حتى ذلك الحوض الذي يغسلون فيه أيديهم مناسب لأطوالهم "جزء من المنتسوري هو المسئولية، إن الطفل يعمل حاجته بنفسه، يغسل الأطباق بعد ما ياكل، يحط الأدوات مكانها وهكذا"، لكن تلك المسئولية لا تنفي حُرية الطفل في اختيار ما يريد عمله "هو بييجي ياخد الحاجة اللي هيشتغلها سواء كتابة أو رسم أو هيزرع أو أيا ماكان"، غير أنه يفعل ذلك وفق آداب معينة "يعني لازم يخلص الحاجة ويرجعها مكانها، مينفعش ياخد حاجة من زميله وهو شغال فيها وهكذا".
داخل المدرسة يوجد ثلاثة فصول تقسم حسب العُمر. أولهم "العش"، حيث يضم الرُضع، فيما المرحلة الثانية تسمى بالبيت الصغير، والأخيرة بيت الأطفال. في كل فصل برنامج مختلف ومُعلِمة واحدة، كما تحكي صفية.
في التاسعة صباحًا تستقبل المدرسة الأطفال، يتناولون وجبة الإفطار ثم يبدأون العمل. أهم مبدأ في المينتسوري الاعتماد على النفس، لذا يُعد الطفل طاولة طعامه بنفسه، وحين ينتهي ينظف طبقه الخاص بنفسه أيضًا، كذلك حين تحين الثانية عشر ظهرًا تأتي مرحلة اللعب في الحديقة الرحبة "بس قبل ما يخرجوا لازم يرتبوا المكان الأول".
ساحة خلفية استخدمتها صفية كحديقة للمدرسة، يطل عليها قاعتان كبيرتان؛ أولهما للأطفال من عُمر أشهر وحتى عام وبضعة أشهر، أو ما يُعرف بمرحلة المشي. داخل القاعة تقف إحدى المُدرسات تتابع طفل لا يتخطى عُمره 3 أشهر، يلعب في بعض الدُمى الخشبية المتدلية من السقف. كُل تفصيلة داخل الغرفة مُفيدة للأطفال في ذلك تلك السن، حتى أن صور الحيوانات المُعلقة على الجدران حقيقية "عشان ده الوقت اللي هو محتاج يتعرف فيه على الطبيعة مش يشوف كارتون"، فيما تم تعليق أكثر من مرآة في مستوى منخفض "عشان كمان يبدأوا يتعرفوا على أشكالهم"، وغلبت الألوان الهادئة على الغرفة، يتم تسمية تلك القاعة "نيدو"، وهي كلمة إيطالية تعني العش "وده لأن الغرفة مفروض تكون أشبه ببيت تاني للطفل"
كان أكبر تحدي في "العُش" حين استقبل أول طفلة وكان لزامًا على والدتها الرحيل لتركها في المدرسة "مامتها بتمهّد موضوع إنها هتمشي وتسيبها، وفضلنا كل مرة نجرب توقيتات مختلفة لحد ما البنت اتعرفت على المكان وبقت تستريح فيه"، أدهشتهم الصغيرة حين أفلتت أياديها ذات مرة ووقفت وحدها "مامتها كانت منبهرة وبعد يومين البنت كررت ده في البيت، كنا حاسين بنجاح التجربة لإنها بتدي الطفل شجاعة وثقة يعتمد على نفسه، وكمان بتبني العضلات والدماغ ويجهزها للمشي".
"مينعفش طفل ياخد من طفل تاني حاجة بيتعلم بيها، لازم يستنى لحد ما ترجع الرّف، ده كمان بيعلمه الصبر". في عُرف المونتسوري لا يوجد عقاب، التقويم والتهذيب يأتي دون تأنيب الطفل "ممنوع يتقاله تعليق سلبي". إذا أخطأ طفل فإن تقويمه لا يحدث بشكل مباشر "بنعمل جلسة اسمها اللياقة واللباقة، بنحكي للأطفال حدوتة عن الفعل الغلط وليه لازم يبعدوا عنه"، لذا لا يشعر الصغير بالذنب أو الإحراج "بيبقى مستريح بياخد معلومة جديدة إنه مينفعش يكرر ده تاني".
حتى إذا وصل الأمر حد إتلاف طفل لأداة تعليم المينتسوري لا يُعنّف، بل يُدّرب على عواقب أفعاله من خلال عدة طرق "بنخفي الأداة دي ليومين مثلًا فيحس بالغلط اللي عمله، إنه مش هيعرف يستخدمها تاني هو وصحابه في الفصل، فيتعلم المسئولية".
لم تسلم التجربة من تحديات "لإننا أول ناس نعمل ده، فالموضوع مكنش سهل خصوصًا من الناحية المادية"، لكن الإيمان بالمشروع ودراسته جيدًا منح صفية القوة والشجاعة لتجاوز قلقها "كل يوم بالنسبة لنا تحدي، لإننا بيبقى عندنا كل طفل له برنامج مختلف، ما بين اللي مرحلته دلوقتي يتعلم القراية أو الألوان أو ننمي المراكز الحسية، بس رغم ده بنحس كل يوم بمتعة جديدة".
فيديو قد يعجبك: