لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"كتب قديمة للبيع".. حكاية سارة مع "خير جليس"

02:16 م الثلاثاء 26 فبراير 2019

سارة حسن

كتبت-رنا الجميعي:

يومًا قالها الشاعر العراقي، أبو الطيب المتنبي، وخير جليس في الزمان كتاب، ذلك المقطع الذي آمنت به سارة حسن، صارت حياتها على ذلك المنوال دون تخطيط منها، أدمنت الشابة قراءة الكُتب، وصبحت ذات يوم أول فتاة تعمل بمجال بيع الكُتب القديمة.

منذ المرحلة الإعدادية داومت سارة على شراء الكُتب "اللي محبش قراية الكتب في صغره صعب يحبها على كبر"، كان مصروف الصغيرة يكفي لأن تشتري كُتبها من على الأرصفة، ولمّا كبرت صار محلّ اهتمامها مجالي الأدب والتاريخ، غير أنها ظلّت تشتري من على الأرصفة كل ماهو قديم، لم تكن سارة فتاة عادية، فأولويتها كانت لشراء الكتب "حتى لو همشي ومش هركب مواصلات، أو مشتريش لبس جديد لمدة سنة كاملة ".

1

ثلاثة أعوام مُدّة عمل سارة بمجال بيع الكُتب، قبل ذلك كانت خريجة آداب تعمل في أماكن عدّة، لا تُوفّر لها دخلًا يكفيها، لم تُفكّر أبدًا في دخول مجال التجارة، غير أنها صادفت يومًا مجموعة على موقع الفيسبوك لبيع الكُتب "الجروب وقتها كان منزل كتاب عن الطب التجريبي، كان نسخة مترجمة من الستينيات، أنا اتجننت لما لقيته ساعتها"، فرحة سارة تقيسها باكتشافها الكُتب النادرة، تشتري حتى وإن لم تقرأه في حينها "المهم إنه موجود هقراه وقت ما احتاجه".

أصبحت سارة زُبونة دائمة لدى تلك المجموعة، ذات يوم سألها تاجر الكُتب الذي تتعامل معه "هو انتي ليه متبيعيش كُتب"، استغربت الشابة السؤال "يعني ايه أبيع كتب، أنا بحبها بس وماليش في التجارة"، غير أن التاجر بدأ في اقناعها، باعتبار أنها أفضل من كثيرين يعملون بالمجال "انتي واحدة بتفهمي في الكُتب"، ظلّت سارة تُفكّر في الأمر حينًا "يعني ايه ابقى على باب الله ومفيش مُرتّب كل أول شهر؟".

الآن حينما تتذكر سارة ذلك تقول لنفسها "الكُتب ادمان سواء اقتناء أو تجارة، أنا لو هفضل كدا لحد ما أموت هكون مبسوطة"، في 2017 تركت الشابة عملها لتغرق في بحر لا تدري عنه شيئًا، في بداية الأمر تاجرت سارة في المُكررات، وهي النُسخ المكررة في مكتبتها الشخصية، "مفيش قارئ معندوش كتاب اشترى منه نسختين وتلاتة"، وكانت المفاجأة "لقيت الناس بتشتري مني"، حيث أنشأت وقتها مجموعة خاصة بها تحت اسم "سارة حسن لبيع الكتب (الكتاب خير جليس)".

2

لم يكن الأمر سهلًا، غير أن كُل محب مهما ذاق المُر فهو حلاوة، "المجال عايز بال طويل جدًا، ولازم اللي يشتغل فيه يتخلّق برُقي الكتب اللي بيبيعها"، هكذا آمنت سارة، ورغم ما لاقته من تعب ومشّقة تدلّ عليها تعليقات التُجار قائلين "دي مهنة رجالة، ازاي بتشتغلي فيها"، حيث تحتاج تجارة الكُتب إلى مجهود بدني صعب "مشاوير كتير وشيل وحط"، مع ذلك لم تستسلم الشابة "كنت بقابل التعليقات دي بالضحك، لحد ما النظرة دي تحولت لإعجاب بشغلي وقولة سارة دي بنت بميت راجل".

قابلت سارة شهورًا يتوقف فيها البيع "بالذات وقت دخول المدارس ووقت معرض الكتاب"، لكنها لم تُحبط أيضًا، تبيع الشابة الكُتب المستعملة والنادرة، فيما لا يُوجد متوسط سعر لديها، هناك كُتب تُباع بعشرين جنيه، وأخرى يصل سعرها لخمسة آلاف "دا في حالة لما يكون كتاب نادر مش موجود منه تاني"، وتعتبر المكتبات الشخصية هي الكنز الذي تصل من خلاله سارة إلى الكُتب النادرة "ممكن ألاقي مكتبة شخص متوفي، أو حد عايز يبيع مكتبته"، ومن الكُتب النادرة التي باعتها سارة "واحد عن اللهجات العثمانية كان مطبوع في اسطنبول في أواخر القرن الـ 19، وواحد تاني عن النقود الإسلامية".

3

مُعظم الكتب التي تبيعها سارة تتمحور حول مجالي اهتمامها، التاريخ والأدب، فيما تعلم أن هُناك أسماء مؤلفين لا يختفي الطلب عليهم "فيه كتاب عمرهم ما بيموتوا زي محمد مصطفى زيادة في مجال التاريخ، والطبعات القديمة لروايات نجيب محفوظ وأعمال محمود تيمور".

رغم أنها "شغلانة على باب الله" كما تقول سارة، لكن ليس لديها أي مانع أن تفنى نفسها فيها، يمتلأ قلبها بالسعادة في كُل مرة تبيع فيها كتاب، لأن الأمر بالنسبة لها لم يكن تجارة فحسب"الشغل في الكتب فيه حُسنَيْين، الأول إني بشتغل في حاجة بحبها، والتاني إن مهنة الورّاق أو الكُتبجي لازم يبقى عنده رسالة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان