لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصراوي في معهد القلب| حزنٌ على إقالة "دكتور الغلابة" وآمال بسرعة تخفيف الآلام

06:17 م الأحد 10 مارس 2019

كتب- محمود عبد الرحمن وأحمد شعبان :

في ميدان ابن النفيس بحي الكيت كات بمنطقة امبابة، بدا المشهد مكرراً أمام معهد القلب القومي؛ ضجيج لا يتوقف تحدثه السيارات التي تتوقف بين حين وآخر ليخرج منها مريض، وسائقو التاكسي الذين يبحثون عن زبون، وباعة الأطعمة والمشروبات الذين استقروا أمام بوابة الاستقبال، فيما كان المرضى وأقاربهم يفترشون الأرصفة والمقاعد المخصصة للانتظار أمام باب الاستقبال، لا يعنيهم كثيراً الجدل الدائر حول إقالة مدير المعهد، شيء واحد ينتظرونه ويرجونه.. تخفيف آلامهم، وإن كان لبعضهم مواقف عصية على النسيان مع الطبيب المُقال.

كانت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، أصدرت قراراً بإنهاء تكليف الدكتور جمال شعبان، مدير معهد القلب القومي، وإحالته للتحقيق العاجل، بسبب تقصيره في مهام عمله، وتكليف الدكتور محمد أسامة، رئيس قسم جراحة القلب بالمعهد، بديلاً عنه، حسبما أعلن خالد مجاهد، المتحدث الرسمي للوزارة.

وأحدث القرار جدلا كبيرا، داخل أروقة المعهد وخارجه؛ في الداخل أعلن الأطباء والعاملون عن تضامنهم مع "شعبان" ونظموا وقفة لدعمه صباح أمس، وخارجه وصف عدد من أعضاء مجلس النواب قرار وزيرة الصحة بـ"الغامض".

تحت مظلة أمام باب الاستقبال، جلست كاميليا عبد المنعم، تنتظر موعد الزيارة لتطمئن على ابنها المحجوز بالداخل منذ 5 أيام، تقول إنها حين علمت بخبر إقالة الدكتور جمال شعبان، مدير معهد القلب القومي، مسّها حزنٌ كبير، وظلت تمتمتم بدعوات له؛ فالخدمة التي لمستها خلال إدارته غيّرت فكرتها عن معاهد ومستشفيات وزارة الصحة المختلفة، فيما تذكر له موقفاً بعينه خلال رحلتها المُضنية لعلاج ابنها.

تضيف السيدة الأربعينية أنها قدمت إلى المعهد قبل 3 شهور، رفقة نجلها، الذي يعاني من انسداد حاد في صمامات القلب، محوّلاً من أحد مستشفيات أسيوط؛ رفض الأطباء قبول ابنها بالمعهد، بسبب عدم وجود بطاقة رقم قومي له، رغم خطورة حالته "ضاعت منه، اسيبه يموت يعني عشان ورقه مش كامل"، بعدها ذهبت إلى مكتب مدير المعهد، فأمر على الفور بدخول المريض وإجراء ما يلزم "إنسان كويس جداً وكان بيعامل كل الناس على أنهم أخواته".

إقالة الدكتور جمال شعبان ستؤثر على طريقة العمل في المعهد، وفق ما ترى كاميليا: "دخلت اختم ورقة من المدير الجديد قالي أنا لسه جاي بقالي يومين ولسه معرفش حاجة".

على عكس كاميليا، يقول "أحمد الرشيدي" الذي افترش الأرض أمام باب الاستقبال، إنه لا يعرف مدير المعهد السابق، ولا مديره الجديد، ويرى أنه "من البديهي ألا يضطر المريض للذهاب لمدير المعهد، ما دام كل فرد يؤدي عمله جيداً"، كل ما يرجوه رعاية طيبة جيدة، بغض النظر عمن يقدمها، أو تحت إدارة مَن "معرفش الدكتور جمال، لكن بسمع الناس بتشكر فيه جداً".

جاء أحمد من الفيوم إلى المعهد، قبل أربعة أيام، حاملاً والدته السبعينية، التي تحتاج إلى تركيب دعامة في القلب، وبات كل ما يرجوه أن تخضع والدته للعملية، وتتماثل للشفاء.

"الدكتور جمال ده مفيش إنسان زيه والمعهد مش هيعوضه تانى" بهذه الكلمات علق جمال أبو السيد، الآتي محافظة الشرقية، على خبر إقالة الدكتور جمال من منصبه، موضحا أنه تعامل معه أكثر من مرة، منذ مجيئه قبل 17 يومًا، حاملًا ابنته صاحبة الـ9 سنوات، بين الحياة والموت "ماكانوش عاوزين يدخلونى إلا بجواب التأمين الصحي، رحت له ودخلني وعملت ليه عملية تركيب دعامة"، فيما يتمنى توفير رعاية جيده للمواطنين، منتقدًا قرار وزيرة الصحة بالقول "لما ده يتشال من منصبه أمال مين يقعد بس".

في محيط العيادات الخارجية داخل المعهد، جلس مصطفى عبده، 60 عاماً، على أحد المقاعد، يستند بيده على عكاز أصبح رفيق دربه في كل الأوقات. مصطفى مثله مثل العديد من الذين ينتظرون بفارغ الصبر وقت دخولهم إلى الطبيب لتوقيع الكشف عليهم تخفيفًا لآلامهم التي يعانون منها قال: "أنا هنا من الساعة 6 الصبح وبقالي خمس ساعات مدخلتش لدكتور"، فيما يعلق على خبر إقالة الدكتور جمال شعبان قائلًا " كان كويس جدًا كان بيلف على الناس شوفته مرة بيتكلم مع مريض جنبي".

منذ 3 أشهر، يتردد مصطفى على المعهد لعمل الإجراءات الخاصة بإجراء عملية القلب المفتوح، عانى في تلك الأيام كثيراً، "الورق مش بيخلص كل ما أروح لحد يقول هات لي ايصال بفلوس واحنا غلابه على أد الحال"، ذلك ما يشغل الرجل، لا يعنيه كثيراً استبدال مدير المعهد بآخر، بينما يذكر أن مدير المعهد السابق وإن كان على قدر من الانضباط والاحترام، فإنه شخص في مستشفى بها العديد من العاملين "لو هو كويس هيعمل أيه مع ناس مش كويسة مش بتقدّر تعبنا".

في عام 1964، أنشئ معهد القلب القومي، لعلاج مرضى القلب وإجراء العمليات الجراحية، يأتيه المرضى من جميع أنحاء الجمهورية، تعاقب على توليه منذ نشأته 13 مديراً، آخرهم جمال شعبان، الذي استلم مهام عمله قبل 6 شهور، وحسب تصريحات له في سبتمبر الماضي، فإن المعهد يستقبل 400 حالة يومياً، يخدمهم 200 استشاري قلب، ويضم 10 غرف عمليات و9 غرف للقسطرة.

سراج صادق، رجل سبعيني، تظهر على ملامحه علامات الإرهاق، بدأ رحلته إلى المعهد قبل شهرين. يأتي كل فترة من أرض اللواء ببولاق الدكرور، إلى منطقة إمبابة بمفرده، لعمل تحاليل وأشعة لازمة لإجراء عملية القسطرة، لم يكن خبر الإقالة محل اهتمامه "الورق هنا مش بيخلص كل ما تروح لدكتور يقولك عاوز ورقة، أهم حاجة عندي أعمل العملية".

على أحد أبواب العيادات الخارجية، جلست فادية عبد العاطي، وزوجها عبد العليم، تنظر من وقت الى آخر إلى لوحة الأرقام التي تعلو غرفة كل عيادة. منذ ما يقرب من عام، تصطحب السيدة الخمسينية زوجها بشكل دوري لمتابعة حالته، بعد خضوعه لعملية قلب مفتوح.

لم تكن فادية على علم بقرار إقالة الدكتور جمال شعبان مدير المعهد من منصبه، أبدت استغرابها من الإقالة، تقول عن الدكتور جمال إنه "رجل طيب والله وبيساعد الغلابة"، مرات عديدة دخلت فادية إلى مكتبه، لتخفيف رسوم بعض الأشعة " كان بيوافق يخفض الإشاعة اللى بـ100 جنيه بيخليها 50"، فيما تأمل أن يسير خلفه على نفس المنوال.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان