النوبة في معرض.. منتجات و"بيت" لأهل أسوان في القاهرة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
كتابة وتصوير- شروق غنيم:
حضرت الثقافة النوبية داخل جمعية أبو سمبل في مدينة 6 أكتوبر، للمرة الثانية نظمت معرضًا لمنتجات الأسر النوبية، 26 عارضة تناوبت على ثلاثة أيام هي عُمر المعرض، الذي بدأ في السابع من مارس وانتهى أمس السبت. في أرجاء المكان تناثرت المعروضات، رُكنًا يحمل الملابس النوبية(الجرجار)، آخر يضم الأطباق ذات السمة الخاصة (الكرج)، غير أن المنتجات لم تكن الممثل الوحيد لروح المدينة الجنوبية.
ما إن تدلف مقر الجمعية تغرق في أجواء النوبة؛ تسمعها في الأغاني التراثية، تُبصرها في ملابس بعض أعضاء الجمعية اللائي حرصن على ارتداء "الجرجار"، وتستنشقها في رائحة الطعام المنبعثة من مطبخ الجمعية، إذ كانت تُعِد سلوى جمال الكورتاد، أو في حضور مها وجدي بالحدث لرسم الحنة للمشاركات.
قبل ثلاث سنوات أُنشئت جمعية أبو سمبل في مدينة 6 أكتوبر، كما تحكي عبير عبدالجليل مدير المكان. انبثقت عن الجمعية الأم التي تحمل نفس الاسم وتستقر في منطقة عابدين بوسط البلد "بس الفرع اللي عندنا ده للسيدات أكتر". بات المكان قِبلة لأهالي القرية الواقعة جنوب غرب أسوان "بنقدم دعم لأي واحد محتاج ولسة خطاويه متلخبطة في القاهرة".
رغم أن الجمعية قائمة على المجهودات الذاتية "بناخد من كل عضو 10 جنيه"، لكنهن يُدبرن الأموال "لو واحدة محتاجة دعم بإنها تعمل مشروع صغير مثلًا"، فيما يُعّد المكان رغم عدم اتساعه، بيتًا مفتوحًا لأهل النوبة في مدينة السادس من أكتوبر أو القاهرة عامًة "المكان معمول لأي حد معندوش سكن هنا لسة".
يتبدّل حال الجمعية من فعالية لأخرى، يُنصب فيها العزاء "لو حد أهله مات ومعندوش مكان ياخد فيه الواجب"، أو تعّم فيها الأفراح "إحنا أفراحنا بتبقى مليانة، وفي ناس شققهم صغيرة ميقدروش مثلًا يستضيفوا الزوار كلهم، فبنأجر لهم المكان هنا بفلوس رمزية، وفي الجمعية الكبيرة في عابدين بنستضيف حفل الزفاف نفسه" تقول عبدالجليل لمصراوي.
في ديسمبر الماضي فكرت أصحاب الجمعية بخلق حالة مختلفة في المكان "عملنا معرض لمنتجات الأسر النوبية بس فتحناه لأهل أي قرية مش أبو سمبل بس"، يدعمن من خلالها أرباب المشروعات الصغيرة "ومكناش متخيلين الموضوع يسمّع كدة وينجح بالشكل ده" تحكي عطا إحدى أعضاء "أبو سمبل"، فما كان منهن إلا إعادة التجربة مرة أخرى قبيل عيد الأم في الواحد والعشرين من مارس الجاري "لإن المرة اللي فاتت طالبونا إننا نمده أكتر من 3 أيام ومقدرناش، فقولنا نعمل واحد جديد ويبقى له مناسبة برضو".
في نسخته الثانية حرصن على ضم معروضات أكثر؛ أدوات منزلية، أعمال يدوية، ملابس، مخبوزات، عطور، بهارات، مشروبات، والحنة، كل المنتجات تحمل الهوية النوبية، في ألوانها أو حتى في المنتجات التي كادت أن تندثر، مثل الكرج (طبق نوبي).
على طاولتها داخل المعرض، تناثرت أشكال الكرج بأشكال مختلفة، بين الحجم الطبيعي ليكون حاملًا للخبز، أو على هيئة ميدالية، تغزل أيادي صاحبة الـ54 عامًا هذا النوع بالتحديد لأنها تخشى أن يتلاشى تصنيعه يدويًا "اتعلمت أعمله من أمي، وصعبان عليا الناس تبطل تعمله".
يتكوّن الكرج من سُباط النخيل ثم تلتف الخيوط عليه حتى يُصبح دائرة صلبة ذات ألوان مبهجة وأشكال مختلفة. من أسوان تأتي عبدالعزيز بخامات عملها "كل أما أروح زيارة لأهلي لازم أجيب السُباط ده وأنشفه"، فيما يستغرق صنعه وقتًا "الواحد بياخد مني 15 يوم"، لذا تستعد السيدة الخمسينية قبل أي حدث بحوالي شهرين.
تتنوع الفئة العمرية لأعضاء الجمعية، يحمل "الجيل الجديد" شُعلة الحماس وتطوير أفكار فعاليات المكان، كما تروي ولاء أحمد "بنحاول نضيف حاجات شبابية زي أفكار الدعايا مثلًا واستخدام السوشيال ميديا"، تفتقت الفكرة في ذهن ابناء أعضاء الجمعية "اتجمعنا وفكرنا نساعدهم بالشكل ده"، عشر فتيات يطوفن في أجاء المكان لمساعدة العارضات والحاضرات للمعرض، تضحك الأم بدرية "إحنا ملناش لسة في الموضوع ده، كنا ستات بيوت قاعدين، والجمعية حركتنا، الحياة بدأت بالنسبة لنا بعد الخمسين زي ما بيقولوا".
لأول مرة في حياتها تشارك منال ماهر في معرض، اقتصرت على بيع الملابس النوبية في محيط أسرتها، لكنها حين سمعت عن معرض منتجات الأسر النوبية التابع لجمعية أبو سمبل، وجدتها فرصة لتوسيع دائرة العمل، كان كنزها في المكان ليس البيع وحسب "إننا نتجمع ونحِس إن عيلة واحدة، ده كان فارق معايا جدًا في المعرض"، يتجلى ذلك في لحظات تناول الغذاء "مفيش حد بياخد طبق منفصل، بنغرف الأكل في طبق كبير وكلنا ناكل سوا منه".
كالعائلة الكبيرة تتعامل أعضاء الجمعية، لا يغفلن دور كل واحدة منهن حتى الفتيات الصِغار "إحنا كلنا مربوطين ببعض من قرية واحدة وفي صلة رحم ما بينا"، تقولها بدرية فيما تقطعها مديرة الجمعية لتذكر دور زوج الأولى في مساعدتهن "من أول ما قولنا يالا نعمل جمعية وبقى يدعمنا ويعملنا التصميمات وحاجات تانية كتير فرقت في شكل المكان"، تتسع ابتسامة بدرية إذ تقول "دا جوزي"، تعقبها جملة من عضوة أخرى بالجمعية "وأخويا"، فيما تضحك مديرة المكان موضحة "إحنا كلنا متجوزين من بعض، ده موجود عندنا في القرية، فكلنا قرايب وعارفين بعض".
تحلم سيدات الجمعية بأن يستطيعن توسيع المكان ليشمل نشاطات أكثر، وأن يظل بيتًا لكل نوبي في القاهرة في أفراحه وأحزانه كما "العيلة الواحدة"، فيما تفكر عبير ورفاقها في إضفاء مهارات أخرى لأهل النوبة في القاهرة "نعمل ورش وكورسات يتعلموا يصناعة حاجات نوبية يدوية عشان يقدروا يعملوا مشروعهم الخاص".
فيديو قد يعجبك: