زارت 18 دولة حول العالم.. رحلة ريهام من الثانوية العامة لماليزيا
كتبت-دعاء الفولي:
مازالت ريهام الشرقاوي تتذكر حلمها القديم، أن تدرس الصيدلة، تسترجع الأيام الثقيلة؛ حين لم يسعفها مجموع الثانوية العامة لدخول الكلية، وقتها ملأت استمارة الرغبات دون اهتمام، زيّلتها بكلية الألسن، وهي ما التحقت به لاحقا، مرت أشهر الدراسة الأولى بصعوبة، لكن ابنة الإسكندرية أتقنت دراستها، حصلت على 3 منح في سنوات مختلفة، ما أهّلها للسفر للمجر وكوريا. في تلك السنوات اكتشفت ريهام أن حبها للسفر، عوّضها عن كلية الصيدلة، ورغم أن عمرها لم يتجاوز الرابعة والعشرين، إلا أنها زارت 18 دولة حول العالم، وباتت صفحتها عبر موقع فيسبوك قِبلة مُريدي السفر.
منشور مكون من عدة أسطر، كتبته ريهام منذ أيام على صفحة تهتم بالسفر عبر موقع فيسبوك، لتجد تفاعلا ضخما معها، بين آلاف التعليقات والأسئلة "كان الموضوع يخض"، لكنها قررت استغلاله لمساعدة الذين يبحثون عن الطريق "خاصة اللي بيدرسوا ثانوية عامة ومحبطين، كنت عايزة أقولهم يعملوا اللي عليهم والخطة اللي ربنا كاتبها دايما أحسن".
لم تكن ريهام من مُغرمي السفر، لكن ما مرت به في مرحلة الثانوية العامة غيّر الكثير " كنت جايبة 97% وكنت فاكرة إني هدخل صيدلة بس لما معرفتش قلت خليني أغامر"، كان انتقال الشابة من الإسكندرية للقاهرة قبل 6 سنوات هو الخطوة الأولى "كانت حياتي قبلها بين البيت والدروس، عمري ما عرفت حاجة عن القاهرة"، في العاصمة تشكّل وعي ريهام، أيقنت أن التخبط ليس سيئا "عشان خلاني أجرب حاجات جديدة"، فهي لم تكن تعرف شيئا عن القسم الكوري والمجري في الكلية "ورغم كدة دخلتهم عشان أجرب، وبسببهم قدرت أسافر".
لذة السفر الأولى لا تنقضي. تذكر ريهام حين حصلت على تقدير مرتفع في العام الأول بالجامعة، فتم اختيارها كي تسافر للمجر لمدة شهر "هي أول دولة روحتها وأحلى دولة حبيتها"، كانت البلد بالنسبة لها زهيدة الثمن مقارنة بما سمعته عن دول أوروبا، كما أنها تتكلم لغتها "فمكنش صعب أتعامل"، منذ ذلك الحين "بقيت مركزة في حياتي عشان أسافر وأزور أماكن جديدة".
تشجيع الأهل كان دافعا قويا لريهام لتستمر "في الأول كانوا خايفين من فكرة السفر الكتير وبعدين وافقوا"، فيما تبقت أزمة توفير المال اللازم "عشان كدة بشتغل من أولى كلية". لم تترك الشابة مجالا متعلقا بالترجمة إلا وخاضته، درّست اللغة العربية للكوريين، ثم الكورية للمصريين في أماكن مختلفة بين القاهرة والإسكندرية، تنازلت عن فرص كثيرة للراحة أو الرفاهية "مكنتش بخرج.. كان خروجي الشغل بس"، حصدت الشابة ثمار اجتهادها، تعرّفت على جنسيات كثيرة خلال سفرها "وبقيت أسافر معاهم من برة ودة أسهل من مصر"، بين النمسا، السويد، ماليزيا، المجر وغيرها من الدول تنقّلت ريهام، تارة للعمل، وأخرى للزيارة.
السفر جعل ريهام أفضل كثيرا "بقيت بتكلم لغات وبقابل ناس مختلفين عني كليا وبتقبلهم وهما بيتقبلوني"، الأشخاص هم زاد رحلة ريهام "هما اللي بيهونوا الغربة والبعد عن عيلتي في مصر"، لكن ذلك لم يمنع حدوث المشاكل "زي العنصرية اللي بقابلها بسبب الحجاب أو الجنسية، خاصة في أوروبا وعلى الحدود بين البلدان وحتى في الشغل"، غير أنها تعرف أن ذلك جزءً من التجربة سيضيف لها.
بعدما نشرت ريهام تجربتها عبر موقع فيسبوك "الرسايل مبطلتش تجيني"، أسئلة عديدة بين كيفية توفير نفقات السفر واختيار مجال الدراسة بعد الثانوية العامة، لذا قررت تخصيص وقت يوميا للرد على الأسئلة "بجمع كل كام سؤال في بوست واجاوب عليهم"، كما صنعت أكثر من مقطع فيديو مباشر لتشرح أكثر عن اللغات والسفر.
رغم العبء، تسعد ريهام كثيرا بذلك الدور "لو ساعدت حد واحد بس إن حياته تبقى أحسن هتبسط"، تضحك إذ تحكي عن بعض الرسائل التي جاءتها تقدم لها عروضا للزواج "وفيه ناس قالت لي إنتي متكبرة عشان مبترديش، طب انا جايلي فوق الألف رسالة هلاحق إزاي".
تعيش ريهام حاليا بماليزيا وتعمل هناك، لا تعرف أين ستذهب فيما بعد، لكنها مُمتنّة لمجال الترجمة وللكلية "بسببهم قابلت حاجات حلوة"، لا ترفض أي فرصة عمل طالما ستضيف لها المزيد من المعارف والخبرات والبلدان المطبوعة على جواز السفر الخاص بها.
فيديو قد يعجبك: