لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور- رحلة كل جمعة.. زيارة لملجأ الكلاب والقطط "عشان الحيوانات تتبسط"

01:45 م الأحد 24 مارس 2019

ملجأ الكلاب والقطط

كتبت- دعاء الفولي:
تصوير- محمود بكار:

في بقعة منعزلة بمنطقة أبو صير بالجيزة، يقطع نباح 80 كلبا، هدوء المكان. يعيشون داخل ملجأ "بيتس جاردن"، رفقة 60 قطة. بين حين وآخر يطرق أحدهم باب المأوى، يبتغي إلقاء السلام على سُكانه. تطيب أنفس الكلاب والقطط بالزائرين، يستقبلونهم بالترحاب كأنما ربّاهم الدالف بمنزله. داخل الملجأ، يحاول الجميع التخفيف عن الحيوانات، يهتم العاملون بالطعام والعلاج، ويُسرّي القادمون عنهم باللعب والتقاط الصور.

طالما أحب مصطفى عبدالعاطي الكلاب والقطط "اتعودت أحط لهم أكل في الشارع". كان ذلك قبل علمه بوجود ملاجئ تؤوي بعضهم "ساعتها بدأت أروحها مع ناس مختلفة من 3 سنين"، اكتشف الشاب عالما جديدا، لا يعرفه إلا مُحبو الحيوانات، عززت الزيارات حالته النفسية وجعلته أفضل، لذا حينما بدأ مشروعا خاصا بالرحلات "كان لازم زيارة الملاجئ تبقى جزء أساسي منه".

صورة 1

Meow tours هو اسم الصفحة التي أنشأها عبد العاطي عبر موقع فيسبوك، دشن من خلالها مشروعه الجديد "المختص بعمل رحلات في مصر كلها وهيسهل لمربي الحيوانات اصطحاب حيواناتهم معاهم".

صورة 2

بعدد لا يتجاوز العشرة أشخاص، بدأ عبدالعاطي، الجمعة الماضية، أولى رحلاته لملجأ بيتس جاردن "انبساط الحيوانات جميل.. الكلاب مستعدة تدينا روحها في مقابل إننا بس نيجي وننلعب معاها"، فيما يعرف أن تلك الزيارات هامة للحيوانات "زي الأكل والشرب، لأنهم بيحسوا بالوحدة والعزلة".


بتحية حارة، كانت نانسي نجيب، صاحبة "بيتس جاردن" تستقبل القادمين. تُخبرهم عن نظام المأوى الذي اتخذته بيتا لها، تتهلل أساريرها كلما زاد الحضور "ده بيخلينا نقول للناس تعالوا شوفوا حيوانات الشارع اللي انتوا بتخافوا منها، لما بتعيش وتتربى صح بتبقى حلوة إزاي".

صورة 2

علاقة نانسي بالقطط والكلاب أكثر تماسكا من أي شيء آخر؛ لم تتوانَ مرة عن إنقاذ أحدهم في الشارع مهما كانت العواقب، ظلت تستضيفهم في منزلها "ولما البيت مبقاش مكفي خدت المكان هنا وبقيت أحوّل عليه من حوالي 3 سنين"، خلال تلك الفترة ترددت صاحبة المأوى في المكوث معهم لفترات طويلة، غير أنها قررت نقل حياتها داخل الملجأ منذ 9 أشهر "ده كان أفضل ليهم عشان العلاج والأكل وعشان اطمن عليهم".

صورة 4

رار الانتقال كان صعبا، ليس فقط بسبب ضغط العمل للعناية بالحيوانات "لأن كمان الاعتناء بأكلهم وتوفيره ماديا حاجة متعبة"، كثيرا ما تقف نانسي أمام الثلاجات، تُخمن إلى متى سيكفيهم مخزون الطعام، فالكلاب فقط تأكل بما يعادل 750 جنيه يوميا، يزورها الخوف كل فترة "بس ربنا دايما بيلحقني وبيبعت أكل مع ناس، ودايما بحس إنه رزقهم وبيجيلهم"، في الفترة الأخيرة تنقذها تبرعات أصدقائها، إذ أنفقت معظم مدخراتها نانسي على المكان، فيما تحاول صُنع الحُلي تارة، وتجهيز وجبات للحيوانات وبيعها تارة أخرى، لتضمن دخلا مستمرا.

صورة 5


ينقسم الملجأ لعدة فناءات؛ أحدهم يضم أغلبية الكلاب، آخر يحاوطه سور للفصائل الشرسة، فيما تعيش القطط بغرفة كبيرة منعزلة، تطل شرفتها على فناء ثالث داخله حمام سباحة صغير لتبريد أجساد الكلاب.

صورة 6

مساعدة الحيوانات ليست هدف نانسي الوحيد من إنشاء المكان "كنت عايزة أكبّر فكرة الزيارات". بدأت المحاولات على نطاق ضيق مع بعض الجمعيات الخيرية "وبعدين الموضوع وسع ووصلنا دلوقتي لـ15 زيارة في 9 أشهر". لا تطلب السيدة أي شيء مقابل الزيارة "مجرد وجود الناس ولعبهم مع الحيوانات بيفرق نفسيا معاهم ومعايا، بيبقوا عاملين زي الأطفال"، بينما تزداد سعادتها حين يتبرع أحدهم لإطعام الكلاب والقطط.

صورة 7

ثمة علامات مميزة لاستقبال الكلاب للزائر الجديد؛ يتشممون قدمه بسعادة، تهتز ذيولهم فرحا، يلازمونه كالظل أحيانا. ما أن يُعاملهم أحد المتطوعين بود، حتى يفيضون عليه من طاقة الحُب، يلعقون وجهه تعبيرا عن الامتنان، كما حدث مع إيلاف رسلان، التي افترشت الأرض تتعرف لأصدقائها الجدد، فذاك اسمه "بيانكو"، آخر "جولد"، ثالث "بولت"؛ لكلٍ منهم شخصية وحكاية "انا كنت بأكل الكلاب في الشارع أصلا، فبالنسبة لي المكان هنا جنة".

صورة 8

تنقضي أيام نانسي متشابهة بين حيوانات الملجأ، تجد النهار مُبهجا "أما بصحى الصبح وأقعد معاهم في الشمس وييجوا يحضنوني بيبقى أحلى إحساس في الدنيا"، بينما يُصيبها الليل بالملل والأرق أحيانا "خاصة لو قرروا يتخانقوا"، لكن السيدة اعتادت السيطرة على الكلاب "طالما بنأكلهم ونرعاهم فهما بيسمعوا الكلام وبيحفظوا الأوامر بالتكرار"، تتذكر حين انتقلت للمكان "كانوا كل ما أدخل ينبحوا عليا وأفضل أزعق عشان يدخلوا جوة ميرضوش، دلوقتي لو سمعوا صوت عربيتي بيبعدوا عن الباب تلقائي".

صورة 9

لا تعمل نانسي في "بيتس جاردن" بمفردها، يساعدها الشقيقان محمد وحسن الكاشف. 3 أعوام مرت منذ دخل الأول للملجأ، سبقتها سنوات أخرى من تربية الكلاب، يعتبرها الشاب أبنائه، يتعلم منهم، يُلاقي الحب والوفاء اللذان يهونان عليه صعوبات المهنة "لأن ليهم مواعيد أكل وشرب ودوا.. لازم أبقى شديد عشان ميتخانقوش ويعوروا بعض"، في دنيا الكلاب مرّ الكاشف بالكثير، أنقذ بعضها مما طالته يد الأذى، مثل "أبو صير" الذي أسماه تيمنا بالمنطقة "العيال كانت قاطعة ديله ووديناه لدكتور وعالجناه".

صورة 10

حينما يطرق الكاشف باب الملجأ في الصباح، تنبح الكلاب احتفالا بوصوله، تتساقط لحظات الإجهاد عنه "بيتلموا حواليا.. وينطوا ناحيتي، لو لابس هدوم حلوة بتتبهدل.. بس مش مشكلة مادام بيحبوني وبيفرحوا بوجودي". لذا يعرف الكاشف أن الزيارات هامة "لما بيشوفوا بني أدمين شراستهم بتقل".

صورة 11

الملجأ ليس لزيارات الكبار فقط، فيوسف عبدالعظيم البالغ من العُمر ثماني سنوات يعرف اسم كل كلب هناك "جيت هنا أول مرة ساعة عيد ميلادي".. اصطحبه الأخ وقتها دون إخباره عن وجهتهما "كانت أحلى مفاجأة ليوسف عشان هو بيحب الحيوانات".

الشوق هو ما جذب عُمر للملجأ؛ كان يمتلك قطة واضطر لإيداعها في مأوى بسبب رفض أهل البيت لوجودها "لما قطتي وحشتني عملت بحث على جوجل وطلعلي بيتس جاردن هنا وقريب من مكان سكني فقلت آجي انا ويوسف"، بات للشقيقين زيارة أسبوعية للمكان، كذلك تفعل منال محمد.

صورة 12

"عندي خمس كلاب هنا هما ولادي اللي باجي أطل عليهم".. قصة السيدة الأربعينية مع الكلاب والقطط قديمة، لا يخلو منزلها منهم أبدا، تبكيهم بحرقة إن ماتوا، تعرف خصالهم بشكل تام، كالكلبين اللذين التقطهما من الشارع منذ بضعة أعوام وتزوجا وأنجبا خمسة جراء "ومكنش ينفع السبعة يقعدوا معايا في البيت فجبت الخمسة هنا وبراعيهم".

لا تعرف منال شكل الحياة دون حيواناتها الأليفة، تُشفق على من يسخر مما تفعله "بقولهم اللي مداقش يبقى جنبه كائن حلو وبيحبه كدة ميعرفش انا بحس بإيه"، طالما سمعت تعليقات سيئة في الشارع بينما تُطعم الحيوانات "كنت بقول للناس لو مش عايزين تساعدوا متؤذونيش على الأقل"، تنازلت عن أشياء عديدة بسبب حُبها للكلاب، أكبرهم حين توقف زفافها قبل ميعاده بأيام "لأن العريس كان رافض آخد الكلب بتاعي لبيتنا"، حاول إقناعها مرارا بالتخلي عنه "بس مقدرتش.. الكلب ده انا مربياه من عشر سنين.. أسيبه إزاي؟". الذهاب للملجأ هو الزاد الأسبوعي لمنال "شوفتهم بتخليني مبسوطة وقادرة أكمل طول الأسبوع من غيرهم".

صورة 13

كثيرا ما يسمع صاحب صفحة meao tours الجملة المعهودة "طب ما تهتموا بالناس أكتر بدل الحيوانات"، ليأتي رده حاسما "طب ما نهتم بالبني أدمين والحيوانات إيه المشكلة؟"، يوقن عبدالعاطي أن مساعدة الحيوانات الضعيفة أمرا حتميا "مش هنحتاج ندور هما بيكدبوا ولا لأ زي ما بعض الناس بتعمل".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان