إعلان

"الكادحات هُن الجميلات" .. مشروع مصور ضد سوء معاملة الخادمات الأجانب في لبنان

05:42 م الثلاثاء 26 مارس 2019

كتبت-دعاء الفولي:

عام 2010، كانت المرة الأولى التي سمعت فيها شذا شرف الدين عن انتحار عاملتين إثيوبيتين من شُرفة منزل في بيروت. صُدمت المصورة اللبنانية فقررت الاقتراب أكثر من حيوات خادمات المنازل في لبنان، اكتشفت حكاياتهن الموجعة؛ كيف تضطرهن الظروف للسفر وتحمل مشاق المعاملة السيئة أحيانا، أو حتى التعذيب النفسي والجسدي، وجدت شذا نفسها تتشابك من تفاصيل عمل هؤلاء النساء، استمعت لهن فصنعت مشروعا مصورا بعنوان maidams، ترتدي فيه العاملات أزياءً راقية من العصور القديمة، يخترنها بأنفسهن لتعبر عنهن، يخرجن من واقعهن المُرهق لرحابة الخيال، يظهرن في أبهى الصور ويشعرن أنهن سيدات المنزل، فيما تُوصل شذا رسالة اعتراضها على ما يحدث تجاههن.

1

منذ خاضت المصورة اللبنانية تجربة التعرف للعاملات "لم أكن أعرف ما يمكنني تقديمه لهن"، حتى اختمرت الفكرة مع بدايات عام 2017، حين اُتيحت الفرصة لشذا أن تقابل تسع سيدات من سيرلانكا، إثيوبيا، الكاميرون والفلبين، فيما اختارت إحداهن لتساعدها "أردت وجود شخص يعرف بيئة العاملات الأجنبيات أكثر مني ويكسب ثقتهن أسرع، من جهة أخرى وجدت أن إعطاء الفرصة لإحداهن بالعمل كمساعدة مصور لا كعاملة منزلية يعرفها على جانب جديد من نفسها سيعرفها على عوالم جديدة".

2

80 صورة وضعتهم شذا في كتالوج لمشاهير أو أيقونات موضة أو نساء يرتدين ثيابا ذات مرجع تاريخي "كان على العاملات أن تخترن منهن ما تريده". لم يكن هدف صاحبة المشروع تصوير العاملات في شكل أبهى فقط "أنا مهتمة بتلك اللحظة حيث ترتدي العاملة الفرو، العقد اللؤلؤ، ومهتمة برد فعلها كما ردة فعل مستخدِمتها. هل ستتقبل المدام هذا الوضع، أم ستكره رؤيتها كمنافسة لها، أم ستتمكن من النظر إليها كامرأة مثلها وليس فقط كعاملة". الحديث مع العاملات كان مفتاح شذا لمعرفة اختياراتهن "بعضهن أرادت الظهور مثل جاكلين كينيدي، أخريات اخترن شاكيرا"، كان الأمر أشبه بورشة عمل لأجلهن.

3

انتحار العاملات الأجنبيات في لبنان بات أقرب لظاهرة، ففي ظل عدم توافر قوانين تحمي العمال الأجانب، تحدث حوالي حالة انتحار لعاملة بمعدل أسبوعي، طبقا لمنظمة هيومان رايتس ووتش، إذ تزداد وطأة السوء عليهن حتى تصل للاغتصاب. تلك التفاصيل جعلت عمل شذا على مشروعها صعبا "كان عندي أزمة في إنشاء ثقة بيني وبينهن"، حاولت كسر الحواجز معهن "أخبرتهن عدم مناداتي مدام لأنني فنانة وهن عارضات في المشروع ولسن عاملات لكنهن لم يستطعن"، كان شعور الأسى يترسخ يوميا داخل شذا تجاه أوضاعهن "أظن أنه ما دام نظام الكفالة قائما فالقانون يقف إلى جانب المستخدِمة بغض النظر عن الأذى والإهانة اللذين قد تُلحقهما بالمستَخدَمة، سيما وأنها عاملة أجنبية، فقيرة، سوداء البشرة، أو صفراء".. تحكي المصورة.

4

في رحلة المشروع، اصطدمت شذا بتفاصيل شتى، خفت أثر بعضها، وظلت أخرى عالقة بذهنها وقلبها، كتلك العاملة التي سألتها المصورة عن حلمها "أجابت بأنها تريد أن تكون أما. كان ذلك مؤثراً لأنها بالفعل أم لصبي في السادسة من عمره اضطرت لتركه في بلدها عند أمها لتربيه وها هي الآن تربي أطفالاً غربا"، وجدت شذا ذلك حزينا؛ أن ينخفض سقف طموحات سيدة فتتمنى فقط أن تكون ما هي عليه بالفعل.

5

لم يكن لشذا شروطا معينة في العاملات "الأهم أن يمثلن أكبر عدد من البلدان والأعمار"، اضطرت المصورة أن تقتصر مشروعها على أربع جنسيات فقط "نظرا للأعباء المادية"، رغم الحكايات المرهقة، لكن ثمة سعادة خفية كانت تتسلل لقلب المصورة حينما تنتهي من إحدى الصور "ولا يوجد فيها تعديلات"، كانت تراقب ردود فعل العاملات وانبهارهن بالأزياء والصور، فينسيها ذلك صعوبات العمل قليلا.

6

في أكتوبر 2018، عُرض مشروع شذا للمرة الأولى بمعرض أجيال في بيروت، لاقى ترحيبا واسعا، غير أن أكثر ما أثلج قلب المصورة هو توصيل فكرتها "أردت القول أن الاختلاف بين العاملة الأجنبية ومستخدمتها ناتج عن عامل الحظ، لا غير. نرى ذلك ما إن يتغيّر مظهر العاملة المنزلية من خلال ملبسها ووقفتها وتعابير وجهها التي تشي بثقة بالنفس، ليصبح الفارق الوحيد بينها وبي سيدة المنزل".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان