لجل بركة "أبونا".. مُسلمات على أبواب كنيسة قنا في أحد الشعانين

كتبت - شروق غنيم:

تصوير - روچيه أنيس وشروق غنيم:

كانت الأجواء عادية، مع بداية الصباح احتفل أبناء قرية الطويرات في قنا بأحد السعف داخل كنيسة سلطانة الملائكة، المكان مُزيّن بأعواد السعف، المقاعد ممتلئة بالحضور، بينما الأصوات تُعبأ المكان بالصلوات ونداءات الرحمة والمحبة لله.

لمدة ساعتين أقيمت الصلوات في رحاب سلطانة الملائكة اليوم، لم يكسر اعتيادية المشهد سوى جلوس أربعة سيدات مسلمات على أبواب الكنيسة، ترتدي العجائز منهن عباءة وغطاء رأس أسود اللون.

لمدة ساعة لم تتحرك حسنية شاهين من مكانها، اتخذت من الركن الأيمن لبوابة الكنيسة مستقرًا، تُنصت باهتمام لما يُتلى من صلوات، لا تنقطع حالة سكونها إلا مع عبور صغار الكنيسة للبوابة، تبتبسم فينكشف ما فعله ثمانين عامًا بأسنانها، تضحك للصغار وتناديهم "كل سنة وأنت طيب يا عسل"، ثم تقبل أياديهم.

للمرة الثالثة تأتي صاحبة الثمانين ربيعًا للكنيسة، تقول إنها تتبرّك بصلوات الأب، تعتقد أن كلماته ستهدي لجسدها المنهك الراحة بعدما نال منه كلب "عضني ولسة أنيابه الأربعة معلمة فيّا"، فيما كان اليوم الأحد مختلفًا بالنسبة لها "عشان عيد، انبسطت وأنا بشوفهم بيحتفلوا" وما كان من الحاضرين سوى إعطاؤها سعف.

اعتادت "حُسنية" على وجود الكلاب في منطقتها، إذ تبيع الحلوى في الشارع بعد رحيل زوجها عن الدنيا قبل 15 عامًا "بيتنططوا حواليا دايمًا بس واحد منهم اتجنن وجري عليا وعضني، بقيت أصرخ وأبكي لحد ما جيت سمعت قراية أبونا ارتحت شوية".

لنفس السبب قدمت صباح رفقة ابنتها لأكبر وابنها، لم تنل أنياب الكلب من صغيرها "هو دايمًا يشاكلهم لحد ما واحد جري وراه معضهوش بس هو اتخض ومن ساعتها خايف"، نصحها الجيران حولها بالذهاب إلى الكنيسة للاستماع إلى الصلوات "أول مرة آجي ومكنتش عارفة حتى إنه عيد النهاردة".

اندمج ابنها في الأجواء، صاحب صغار الكنيسة فصار يلهو بينهم، تناديه الأم بين الحين والآخر ليعود للجلوس على أقدامها فيستمع معها للصلاة.

على يسار البوابة اتكأت أم أحمد؛ ترافق باقي السيدات في أمنتيتهم، لكن لم يكن هناك سببًا واضحًا لمجيئها سوا "اتخلعت - اتخضيت - على ولادي".

لطالما اعتادت السيدة الستينية على زيارة الكنيسة خلال صلوات الأحد "لما اتخلع على حد قريبنا مات مثلًا، ولا حد من ولادي يجراله حاجة، باجي هنا اقعد شوية وأمشي".