"بضاعة بملايين راحت".. تفاصيل ما جرى في حريق الموسكي (معايشة)
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
كتب- أحمد شعبان ومحمود عبد الرحمن:
تصوير- فريد قطب:
في أجواء معبّأة برائحة الحريق، وقف العشرات أمام عقار "الشابوري" بشارع بورسعيد في منطقة الموسكي، يتابعون رجال الحماية المدنية، وهم يحاولون إخماد نيران انطلقت شرارتها الأولى في الساعة الثانية ظهر أمس، الجمعة، واستمرت حتى بزوغ فجر اليوم، التهمت طوابق العقار الخمسة، وحوّلت ما فيه إلى رماد، فيما وقف أصحاب المحلات المُحترقة في حيرة وعجز، يبكون خسارتهم " بضاعة بملايين جنيه كلها راحت"، يقولها بأسى وائل عبد النبي، صاحب محل بالعقار.
وسط زحام الحاضرين، وقف وائل، عاجزاً، بعد أن التهمت النيران محلّ العطور الذي يملكه بالعقار المحترق، يتذكر لحظات الحريق الأولى بأسى "حصل زي انفجار في كابل الكهرباء العمومي اللي بيغذي كل محلات العمارة"، أمسكت النيران أولاً بمحل عطور "علم الدين"، الموجود في الممر المُفضي إلى حارة اليهود، انتفض الشاب الثلاثيني من محله في آخر الممر، هلع من سرعة امتداد النيران، التي ملأت الممر الضيّق، في غضون عشر دقايق، وفق ما يقول، التقط طفاية الحرائق، غير أنه عجز عن فعل أي شيء من شدّة ألسنة اللهب.
"محدّش قدر يعمل حاجة، أول مرة تحصل ونشوف حريق زي كده"، على الرغم من قدوم كثير من أصحاب المحلات بطفايات الحريق "كنا بنجري من النار، والطفايات كانت بتزود الحريق، لأن السبب ماس كهربائي مشي في كل أسلاك الكهرباء للمحلات"، يقول الشاب الذي يعمل بالشارع التجاري منذ أكثر من 15 عاماً، زاد من قوة النيران انتشار محلات بيع الملابس والأقمشة والعطور وأدوات التجميل، في العقار الذي بني في أوائل تسعينيات القرن الماضي، ويضم بين جنباته حوالي 500 محل تجاري، وفق ما يقول أحد أصحاب المحلات بالعقار، تحفّظ على ذكر اسمه.
بينما تعلّقت عينا "وائل" برجل الحماية المدنية، الذي حمله السلم الهيدروليكي إلى الطابق الثالث بالعقار، محاولاً كسر واجهة محل ملابس، حمل اسم "السنّي"، يساعده الواقفون أسفل العقار وأعلى سلم المشاة بإلقاء قطع من الحجارة "ربنا يستر وميكونش المحل مولّع من جوّه"، خرجت الجملة من فم أحد الواقفين قبل أن يعلو الصراخ مجدداً مع سقوط الواجهة، وظهور ألسنة النيران، كان ليل السبت قد انتصف حينذاك، فيما يقول "رامي سعد"، صاحب محل بالشارع، إن اشتعال النيران تجدد 3 مرات "كل مرة نفتكر إنه خلاص طفوها ترجع النار تاني".
الشوارع المحيطة بالعقار ضيّقة؛ عبارة عن ممرات وأزقة، يصعب دخول سيارات الإطفاء إليها، كذا عدد المحلات التجارية بالعقار كبير، وأصحابها استعدوا جيداً للموسم الصيفي الذي يبدأ في رمضان ويستمر حتى أيام عيد الفطر.. كل ذلك أسباب يراها رامي كافية كي يستمر الحريق لمدّة 12 ساعة كاملة، تغيّرت فيها ملامح العقار وتحولت تفاصيله رماداً، ووصلت خسائره بالملايين "الخساير أعلى من الطبيعي، مش هخسر أقل من 5 مليون جنيه"، يقولها بحسرة أحمد بكر، الذي أكلت النيران محتويات 3 محلات ملابس يمكها بالعقار المنكوب.
الفترة الزمنية الكبيرة التي استغرقها هذا الحريق، عادت بذهن رامي سعد إلى الحريق الذي نشب، قبل 3 سنوات بالتمام والكمال في منطقة الرويعى بميدان العتبة، استمر 24 ساعة كاملة، ودمّر ما يزيد على 10 عقارات في السوق التجارية، حريق لا ينسى تفاصيله الشاب العشريني، من هول ما خلّفه من خسائر، يحكي الشاب بينما يشير إلى سلسلة الحرائق التي تلتهم شارع الموسكي ين الحين والآخر، فالحادث الأخير يُعد الحادث رقم 13 في سلسلة الحرائق التي وقعت بالشارع على مدار السنوات الخمس الماضية، وفق ما يوضح هذا الإنفوجرافيك.
كانت الساعة الواحدة صباحاً، حين وقف "أحمد بكر" بذهن شارد، بعيداً عن الزحام، يتابع استمرار عمليات الإطفاء، لا يريد أن يتذكّر تفاصيل الحادث، يطردها بعيداً، فيما يقول بتأثر أنه جاء إلى العقار منذ إنشاءه في التسعينيات "أول فاترينة تفتح كنا احنا، عملنا محل ملابس، المحل لغاية النهادة كان موجود"، راح محلّه ضمن ما راح، فيما يذكر أن هذا الحريق هو الثاني الذي يحدث في عمارة الشابوري، الأول وقع قبل 10 سنوات "كان في الدور الأخير بس، وعدى على خير مش زي ده".
خسارة مادية كبيرة، لن تتوقف عند أصحاب المحلات بالعقار فقط؛ بل تُلقي بظلالها على حركة البيع والشراء بالشارع التجاري الضخم، الذي يقصده كثيرون، غير أن عبارات الحمد والشكر لله تتردد على ألسنة المتضررين، كلما تذكروا مشاهد "الرعب" التي حملها الحريق إليهم، دون أن يخلّف وراءه حالة وفاة واقتصر الأمر على 51 مصاباً، أغلبهم حالات اختناق، خرجت جميعها من المستشفيات بعد تحسّن حالاتهم، باستثناء 6 حالات فقط بمستشفى أحمد ماهر، فيما يُنتظر خروج 4 حالات بعد تلقيهم العلاج حيث عانوا من اختناقات، ويتبقى حالتين واحدة تعاني من حروق من الدرجة الأولى 10%، والأخرى اشتباه كسور، وفق ما أعلنت وزارة الصحة والسكان، أمس.
لم يتوقف الضجيج في الشارع حتى الثالثة فجراً؛ الشوارع المحيطة بالعقار مغلقة، غمرتها المياه، أغلق بائعوها محلاتهم، آثار الحريق تَظهر رماداً على ملابس أصحاب المحال، وبينما كان عدد من الشباب يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه من البضائع السليمة، وينقلونها إلى مخازن آمنة؛ تجمّع بعض أصحاب المحال أمام كشك صغير في الناحية الموازية للعقار الذي احترق، يدونون بياناتهم وحجم خسائرهم لدى موظف الحي، فيما خرجت الجملة من فم أحدهم قائلاً "كل حاجة راحت، عوضنا على ربنا".
أخبار متعلقة:
"الموسكي".. لماذا يحترق الشارع التجاري كل عام؟
فيديو قد يعجبك: