في مثلث حلايب.. التفوق في الثانوية العامة يحتاج "60 يوم سفر"
كتبت- إشراق أحمد:
تصوير- صفحة حلايب شلاتين أبورماد:
ما إن ينتقل الطلاب إلى الثانوية العامة، يبذل الأهالي وسعهم لأجل التحاق أبنائهم بالجامعة، فإذا بلغوها تناسوا المشقة، لكن على بعد نحو 900 كيلو متر من القاهرة وبينما يسجل تلاميذ قرية أبورماد في مثلث حلايب تنسيقهم الجامعي وينتظر آخرون موعد مرحلتهم، لا تنسى عائشة محمود الحسن تضحية أسرتها بالسفر معها خارج منطقتها لشهرين، كي تتمكن من تحصيل مواد لا يتوفر لها مدرسون في قريتها الواقعة جنوب محافظة البحر الأحمر.
خلاف أشقائها، غيرت عائشة المسار؛ لم تلتحق بالتعليم الأزهري "أنا أول حد في البيت أدخل ثانوي عام" تقول الطالبة لمصراوي، لهذا كان الاهتمام بها مغايرًا، خاصة أن ميولها نحو الدراسة العلمية. التحقت "ديدي" –الاسم المعروفة به بين أسرتها- بشعبة علمي العلوم ضمن 10 فتيات في فصلي الثانوي الملحقين بمدرسة أحمد عرابي الإعدادية في قرية أبورماد.
في قرية عائشة النائية هناك مدرستان إعداديتان –حسب بيانات موقع وزارة التربية والتعليم- فيها يدرس طلاب المرحلة الثانوية في فصول منفصلة، وأما المدرسون أغلبهم من خارج مثلث حلايب وهو أصعب ما واجهته الحاصلة على نسبة 92.44% "أيام الدراسة مكنش في دروس خصوصية والمدرسين كانوا بيسافروا كتير"، إذ تحتل محافظة البحر الأحمر المرتبة الثالثة بين محافظات الجمهورية الأقل عددا في المعلمين في التعليم الثانوي العام، فهناك 649 معلمًا معينا ومتعاقدًا، مقابل 7149 طالبًا، مسجلا في 255 فصلاً و47 مدرسة تتبع 7 إدارات تعليمية، وفق إحصاءات الوزارة للعام الدراسي 2018/2019.
لاحق القلق والخوف الطالبة خاصة نحو المواد العلمية حتى قررت أسرتها دعمها؛ مع مطلع شهر يوليو المنصرف، قبل بدء الدراسة، غادرت عائلة عائشة بأكملها أبورماد، توجهوا نحو القصير، استقروا شهرين على بعد 510 كيلو مترات من قريتهم، ومسافة تستغرق قرابة 6 ساعات لقطعها. "أخدت دروسا في التلات مواد العلمي طول الفترة دي وبقية الأيام اعتمدت على نفسي. البرامج التعليمية كانت على طول شغالة"، وجدت الحافز في قرب أهل بيتها "كلنا سافرنا معاها وبالمرة نصيف وكمان عشان نشجعها ومتبقاش لوحدها" تقول جهاد الشقيقة الكبرى لعائشة.
تلك المرة الأولى التي يغادر فيها آل الحسن منزلهم لفترة طويلة ولأجل دراسة ابنتهم "كلنا كنا أزهريين وأنا كنت أدبي فمسافرناش" كما توضح جهاد، ولم تخيب عائشة آمال أسرتها؛ في الرابع عشر من يوليو، يوم إعلان النتيجة التي ينتظرها منزل "ديدي". استنفر الجميع، توترت الطالبة، فيما راحت الشقيقات الكبريات والأقارب يبحثون على الإنترنت لكن الشبكة كانت سيئة، زاد الاضطراب ولم يهدأ إلا مع الوصول إليها "خالتي جابتهالنا عن طريق واحدة صاحبتها النت كان شغال عندها كويس" ثم ظهرت عند الجميع بعدها فارتاح البال بتفوق عائشة رغم الظروف.
بمجموع 379 درجة عمت الفرحة منزل عائشة، كانت الطالبة ضمن 208 آلاف حصلوا على نسبة نجاح تتراوح بين 90 و100% كما ذكر طارق شوقي وزير التربية والتعليم في مؤتمر إعلان النتيجة 13 يوليو المنصرف. ليست ابنة آل الحسن ذات سبق في التفوق "عندنا قرايبنا في واحدة في طب سنة الامتياز وواحدة في علوم تطبيقية"، تربت الطالبة في أجواء تشجيعية، ورغم عدم لحاقها بمرحلة التنسيق الأولى لكن ما زالت الأسرة تشعر بالفخر بابنتهم لتجاوزها الصعوبات، ويواصلون مساعدتها لتسجيل رغباتها إلكترونيا، فيما تتمنى عائشة أن يكتمل تحقيق طموحها بالالتحاق بكلية الصيدلة، جامعة 6 أكتوبر.
فيديو قد يعجبك: