"مُصيبة طالت 6 بيوت".. مصراوي في حارة "الفرح" المنكوبة بعد انفجار معهد الأورام
كتبت - مها صلاح الدين:
تصوير - زهوة محسن:
حارة صغيرة متفرعة من شارع سكة عبدالرازق، بمنطقة البساتين، مكونة من 6 بيوت متقابلة، في كل بيت منهم، أسرة بأكملها لن تعود مرة أخرى.
جيران العروس التي فقدت أهلها يوم فرحها، يرون أن المصائب التي حلت عليهم لم تأتِ فرادى: "لم نصدق أن زفة العروس انقلبت إلى مأتم كبير بعد انفجار معهد الأورام".
من نجا من الحادث من شباب ورجال الحارة؛ بسبب عدم ذهابهم للفرح، ذهبوا بعد الحادث إلى معهد الأورام ومنه إلى المستشفيات التي نُقل إليها الضحايا؛ ليتعرفوا على جثامين الموتى، بينما النساء يتشحن بالسواد أمام بيوتهن ينتظرن المزيد من الموتى الذين تحولت جثثهم إلى أشلاء، يترقبون في صمت دون بكاء أو عويل، وكأن الصدمة حجبت عنهم الدموع.
"يا ريتنا كنا في الميكروباص معاهم عشان منتكويش بنارهم" تقول آية زوجة أحد أبناء عائلة عروس "السماعنة" قبل أن تحكي الحكاية: "العربية اللي كانت فيها العروسة كانت سابقة.. والعربية اللي وراها تفادت التصادم بس اتقلبت.. طلعوا من جواها حمايا وحماتي مُصابين بخدوش".
سيارة مسرعة تسير عكس اتجاه السيارات أمام معهد الأورام، انفجرت بالميكروباص الذي كان ينقل أفرادًا من العائلة، لم ينج منهم سوى اثنين فقط هم "عفاف محمد راشد"، التي تحتاج إلى نقل الدماء داخل قصر العيني، وزوجة شقيق زوجها "هدير"، التي أجرت عمليتين بالعين والذراع: "مات جوزها وأبناؤها الاثنان.. واحد منهم 3 سنين والتاني عمره سنة وأربعة أشهر".
تشير آية إلى أحد بيوت الشارع "العروسة كانت ساكنة هنا.. لكن راحت المستشفى تتعرف على جثث أبوها وأمها".
"إنتِ متخيلة كل بيت من الـ6 بيوت دول راح منهم أسرة كاملة، الراجل ومراته وعيالهم، واحدة وجوزها وبناتها الاتنين".. تحاول آية أن تتذكرهم جميعًا من فرط كثرة الضحايا "فرج السيد فرج.. وعياله الاتنين، وسامح فرج الله ويوسف وفرج أولاده، ومراته ياسمين، وبنت عمهم مروة وجوزها وأولادها الاثنين، وطارق شوقي ومراته ووالد ووالدة العروس".
تصمت قليلًا ثم تستأنف بحسرة: "في أطفال راحوا.. كان معاهم أطفال كتير أوي"، العدد يتزايد كل ساعة، لكن 6 مفقودين من العائلة لم يتم التعرف على أشلائهم حتى الآن، ينتظر الجميع العثور عليهم "مش هيدفنوا غير لما يتعرفوا على باقي الجثث" تقول السيدة.
ظل الغضب سائدًا داخل الحارة المكلومة وحولها، تعرف "أم جنا" -صاحبة محل بقالة على ناصية الشارع- أسماء الضحايا، علمت صباحًا بالخبر، وكان مفجعًا بالنسبة لها: "فرح يتقلب لميتم.. ناس محترمين وفي حالهم، وعيلة كبيرة كلها تروح.. مصيبة كبيرة علينا كلنا".
وفي الجهة المقابلة تقف سيدة أخرى، وتقول: "إحنا منمناش من إمبارح، قرايب جوز أختي راحوا.. أخوه وأولاده التوأم"، هاتفتها شقيقتها بعد وقوع الحادث منهارة لتقول لها الخبر، ومن وقتها خيم الحزن على جميع العائلة.
"أنا ساكنة هنا بقالي سنتين بس.. لكنهم هما كانوا أكتر من أهلي"، تتذكر: "يوم ما حصلي مشكلة.. هما كانوا معايا مش أهلي".
يلتقط "إبراهيم" صاحب ورشة دوكو في الجهة المقابلة أطراف الحديث، ويحكي: "أنا هنا بقالي 45 سنة، وأعرفهم من يوم ما جيت"، كان آخر ما جمعه بأحدهم عصر أمس "روحت مع محمد فرج صاحبي عزا واحد جارنا.. اتكلمنا وضحكنا وبعدها مشي.. قال رايح فرح"، لم يكن يعلم إبراهيم أن الفرح سوف ينقلب إلى مأتم كبير، وأنه سيحضر عزاء صديقه نفسه لاحقًا.
فيديو قد يعجبك: