كيف أضحى "معهد الأورام" بعد يومين من "الانفجار"؟
كتب - محمد زكريا:
زحام معتاد في الشوارع المحيطة بالمعهد القومي للأورام.. خفتت آثار الحادث بمنطقة المنيل في وسط القاهرة، اللهم إلا من رماد على أرصفة ذاقت النار، وعشرات من عمال استغرقوا في عمل مضني لترميم ما حطمه انفجار بقيت تفاصيله حاضرة في نفوس ذاقت مرارة الإرهاب.
في شارع خلفي لمعهد الأورام، كان رجب عبدالحميد، الذي يعمل "فني دوكو"، يمارس عملاً معتادًا في الشارع، الذي يبتعد أمتار قليلة عن بيته، بينما ينهمك في الحكي مع زميل له عن الانفجار الذي وقع أمام معهد الأورام، الأحد الماضي.
وزارة الداخلية قالت إن سيارة بها كمية من المتفجرات وراء الحادث، الذي راح ضحيته 20 شخصًا وأصيب 30 آخرين، بحسب وزارة الصحة.
لحظة الإرهاب، لم تكن بنفس الهدوء الذي يتمتع به الرجل الآن، ساعتها كان عبدالحميد داخل منزله، بينما أحس أن "البيت بيترج.. أنا قولت القيامة قامت"، فزع الرجل، بينما غابت ابنته عن الوعي، فيما هرع الرجل نحو الشارع، يبحث عن ابنيه، وأكبرهما 24 عاما، لتدفعه قدمه إلى موقع الانفجار، شاهد لهب يحتضن المعهد القومي، وأشلاء تسكن الشارع المطل على النيل، وأناس يجرون في هلع وصل حد التصادم بينهم.. لم يجد عبدالحميد مفر غير احتضان أولاده، والعودة بهما إلى المنزل، الذي عاش في صدمة لساعات.
الصدمة نفسها، سكنت عين شريف حسن لحظة الإرهاب، كان الشاب يطل بسنارة على فرع لنهر النيل، وما ينتظره أن يغمز له بسمكة، ليصل الشاب رعبا لن ينساه طيلة حياته؛ اهتز الكوبري الذي يصل بين شطين من تحت قدميه، في غفوة لمح النار تحتل المكان، وأشلاء بشرية تتطاير أمام عينيه.. الشاب ساعد آخر سقط من فوق دراجته البخارية لحظة الانفجار، لكن لم يحتمل الاشتراك في نقل المتوفين وإسعاف المصابين.. طوى سنارته وذهب إلى المنزل، قبل أن يعود إلى نفس المكان، بعد يومين من الحادث، ليعاود هواية علمته الصبر.
على واجهة المعهد القومي للأورام، كان عشرات العمال منشغلين في لمّ جراح المبنى، العمل يدور على قدم وساق، بينما في الأسفل عاملين يرتاحوا من مشقته، قبل أن يشتروا ترمس من بائع مرّ أمامهم، ويدور بينهم ومواطنين حديثا عن آثار الحادث وتوابعه، وواحد من توابعه هو ارتباط العمال بالعمل لأيام وربما أسابيع في إصلاح ما خلفه الحادث.. واحد من المارين قال موجها حديثه للعاملين: "مصائب قوم عند قوم فوائد"، ليرد أحدهم: "ياعم أنا نفسي يجي عيد ومشتغلش".
حديث الانفجار لم يغب أبدًا عن محيطه، الأمر بالتأكيد ينطبق على مقهى صغير، يبتعد أمتار قليلة عن مكان الحادث، ورغم قلة زبائن المقهى وهدوء محيطه، إلا أن واحدا من الزبائن انشغل بالحديث تليفونيا حوله، يعمل الرجل في موقع قريب من معهد الأورام، سمع صوت الانفجار وشعر رجة جراءه، ورغم عدم اضطلاعه على تفاصيل العمل الإرهابي، أو من يكون وراءه، إلا أنه راح يعيد على محدثه ما سمعه من الناس في الشارع، يوقن الرجل من كلامه أنه عمل إرهابي خسيس، وأن منفذيه بلا إنسانية ولا دين.
فيديو قد يعجبك: