من "شقة أوضتين" لـ3 فروع.. "إبداع" مشروع ثقافي و"بيزنس"
كتبت وتصوير- إشراق أحمد:
لم يتخيل أحمد ياسين ونوران سعيد أن السنين ستأتيهما بما يطمحا؛ قبل نحو ثلاثة أعوام انضموا إلى رفاق رغبوا في إطلاق مبادرة ثقافية، اسموها "ميكروفون"، استأجروا لتنفيدها شقة في الدقي تتسع لحجرتين، فيها وضعوا طاقتهم وأحلامهم لإخراج مجلة تنقل صوتهم، غير أن نفس ياسين ونوران وشركائهما تحمل المزيد؛ فأقامت الفتاة "السكندرية" في القاهرة، وواصل الشاب السفر إلى الخارج كل عام ليستجلب الخبرات ويعود، حتى صار السكن فروع عدة، وأصبحت المبادرة معرض يقام للمرة العاشرة، ومؤسسة تساعد شركات ناشئة لتلتمس خطاها في عالم "البيزنس".
أول أمس أنصت نوران ليلتها في الفيلا رقم 28 في شارع جابر بن حيان بالدقي، مقر مؤسسة "إبداع"، لتستعد ورفاقها من أجل الحدث المهم في حياتها منذ أن تخرجت؛ "معرض الكتاب المخفض" يأتي هذه المرة باستعدادات خاصة مع حضور وزيرة التخطيط دكتورة هالة السعيد، ظل القلق يراود خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية حتى الافتتاح، فهو مشروعهم الصغير الذي يعايشونه بينما يكبر بينهم.
مع العام 2016 بدأ مشوار شباب "إبداع"، بأيدي خريجان في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وثالثهما كانت نوران، أخرجوا مجلة باسم ميكروفون، لكن ذلك لم يكن كافيا؛ انشدوا نشر الثقافة على نطاق أوسع، فطوروا الفكرة إلى مكتبة تضم "كتب ببلاش"، من رفوفهم وأصدقائهم ومعارفهم جمعوا الكتب وأقاموا معرضا. "مكناش متوقعين رد فعل كبير وأن يكون في إقبال" تتذكر نوران كيف خالف ما حدث ظنونهم.
3 آلاف كتابًا أقاموا بها شباب "ميكروفون" أولى فاعلياتهم حتى أنهم خصصوا جزءًا لتبادل الكتب "بقى الناس اللي جت أول مرة بتيجي تاني ومعاها كتب تبادلها مع غيرها أو يجيبوا كتب ويمشوا"، عرف الرفاق الثلاثة أن زرعهم يمكن أن يحصدوه يومًا، فقرروا استكماله بمعرض يقام كل فترة يضم كتبًا بأسعار مخفضة، في ذلك الوقت كان ياسين يلملم خبراته حول "إبداع"، لتصبح مساحة عمل مشتركة.
تخرج ياسين في كلية الهندسة. شغف بالإدارة غير أن رحلة سفر إلى جزيرة بالي في إندونسيا ومن بعدها الحصول على منحة لنحو شهر في أمريكا أثرت في مشواره "تطوعت في مكان بيساعدوا الناس اللي محتاجة تفتح مشروع في مكان صغير يكون مجهز بإنترنت وخدمة نضافة وكل اللي على الشخص أنه يفتح شركته ويطورها لغاية ما يتعرف المنتج بتاعه وبمساعدة الناس دي يوصلوه للمسؤولين"، انجذب ياسين لتلك الفكرة التي التقاها في أكثر من مكان خارج مصر، وقرر نقلها بما يلائم الظروف والإمكانيات، فكانت مؤسسة "إبداع"، وفي القلب منها "ميكروفون"، والتي عملت بالمنطق ذاته "من أوضة ممكن أعمل شركة".
لا يتوقف ياسين عن التقديم في منح تعليمية وتطوعية، يسافر الشاب ويعود محملا بالخبرات "السنة اللي فاتت الصيف كله قعدت 4 شهور اشتغلت في 12 دولة في أوروبا كل بلد أقعد فيها أسبوع أو اثنين".
طيلة سنوات الدراسة وبعد التخرج، لا يفضل الشاب مغادرة البلاد والعمل بالخارج، يضع الهدف نصب عيناه، ولا يرتضي بغير إقامة نموذج لـ"مساحة عمل مشتركة" لا تقل عن الموجودة في الدول التي زارها، موقنا أن "اللي حاطط قدامه حاجة عايز يوصلها بيدخل أي خناقة ولو موصلش وبقى الأول فمش هيسقط".
استقرت نوران في القاهرة، تسافر إلى أسرتها في الإسكندرية بين الحين والآخر تفرغت لإبداع وأصبح عملها بعد التخرج، ومن ثلاثة أشخاص إلى فريق يضم أكثر من 30 شخصا، تفخر الشابة بما وصل إليه حلمهم "السنة دي جمعنا حوالي 100 ألف كتاب ودور نشر كبيرة وثقت أنها تشارك معانا"، فيما يعدد ياسين الشركات التي احتضنها المكان "خلاف الشقة اللي بدأنا فيها بقى عندنا فيلا في الدقي ومقر في المعادي وشغالين على فرع في التجمع"، يقول الشاب إن نحو 18 شركة خرجت من الكيان لتستقل، فضلا عن وجود 25 شركة ناشئة تحتضنها مؤسستهم الآن فروع "إبداع"، يوجهونها نحو سوق العمل.
"الثقافة مش بس التجارة. مش سهل تغير البني آدم في يوم وليلة" لأجل هذا لا تتخلى إبداع عن "ميكروفون" وفاعلياتها الثقافية، يسيرا معًا "في كل مقر ركن لميكروفون ورفوف كتب" كما يقول ياسين.
يوقن ياسين أن "طول ما الدماغ شغالة الإيدين مبتعطلش". لا يغادر الشاب الحلم بالتوسع في مقرات "إبداع" بالعمل والتخطيط وليس التمني وحده "شغالين على أننا نروح دمياط عشان المشاريع الجديدة اللي هناك وكمان المنصورة عشان الجامعة وطموحنا نوصل للصعيد"، بينما يستعد للسفر إلى إنجلترا بعد أسبوعين، فيما يبلغ التمني بنوران عنان السماء " نفسي أي حد بيفكر في الثقافة ميجيش في باله غيرنا.. غير ميكروفون ومعرض الدقي".
فيديو قد يعجبك: