ليالي "أكري" الحزينة.. مصور "ناشيونال جيوجرافيك" يسرد كواليس حرائق الأمازون (خاص)
حوار- رنا أسامة ومحمد مهدي:
تصوير- مارسيو بيمنتا:
ماتزال محاولات السيطرة على حرائق الأمازون مستمرة، خاصة في المناطق الأكثر تضررا شمالي البرازيل، من بينها ولاية أكري التي شهدت زيادة في معدلات الحرائق هذا العام بنسبة 138 بالمائة، فيما تتصاعد الانتقادات الدولية ضد الرئيس البرازيلي جاير يولسونارو، بسبب إخفاقه في حماية غابات الأمازون المطيرة.
وللوقوف على المشهد عن قُرب تواصل "مصراوي" مع المُصوّر البرازيلي مارسيو بيمنتا، الذي يعمل لدى مجلتيّ "ناشيونال جيوجرافيك" و"وول ستريت جورنال" الأمريكية و"الجارديان"البريطانية وغيرهم، ليحكي تجربته أثناء تصوير الحرائق في ولاية أكري البرازيلية.
يصطحب "بمنتا" مصراوي في جولة داخل الغابات المشتعلة في "أكري"، للوقوف على ما آلت إليه الجهود هناك، الأسباب الرئيسية وراء اندلاع النيران، ودور فرق الإطفاء في السيطرة على الحرائق.
- بدايةً، ما الوضع الذي تعيشه في موقع تواجدك داخل منطقة الأمازون؟
أنا الآن في ولاية أكري، شمال البرازيل، داخل غابات الأمازون المطيرة. وفي هذه المنطقة تندلع حرائق في كل مكان؛ من الحرائق الصغيرة إلى الضخمة. وكنت محظوظًا لأنني تمكّنت من الوصول إلى هنا قبل أن تضطر السلطات لإغلاق المطار أمام حركة الإقلاع والهبوط بسبب وجود الكثير من الدخان جراء الحرائق.
- صِف لنا حجم الكارثة من خلال معايشتك لما يحدث داخل الغابة؟
لطالما كانت الحرائق المُتعمّدة شائعة في الأمازون. المزارعون الكبار لديهم الكثير من المال لكنهم لا ينفقونها على تطوير أدواتهم التي يستخدمونها منذ 30 عاما والنتيجة وقوع كوارث.
وهذا العام كان أسوأ، فقد شجع الرئيس جايير بولسونارو-منذ حملته الانتخابية- على أن يحتل الأمازون منتجون بدون التزامات بيئية.
- بحكم تواجدك في الأمازون.. ما سر التدهور الذي تسبب في الكارثة؟
قرارات "بولسونارو" عندما تولّى منصبه، إذ عيّن وزير البيئة ريكاردو ساليس - الذي أدانته المحاكم البرازيلية بسبب ممارسات إدراية بيئية غير منتظمة- بهدف تدمير التنظيم البيئي.
كما اشتبكت الحكومة مع ألمانيا والنرويج، وهما دولتان موّلتا صندوق الأمازون. وساعدت أموال هذا الصندوق فرق إطفاء الحرائق.
والآن، مع غياب هذه الأموال وفي ظل الهيكل الإداري المُفكّك والخطابات المناهضة للبيئة التي تُشجّع على التخلص من الأشجار، سارع مزارعون لإضرام النيران في الغابة بشكل غير مسبوق. هذه هي المرة الأولى في تاريخنا التي يشجع فيها الرئيس على إزالة الغابات.
- خلال لقاءاتك بالسكان الأصليين للمكان.. كيف كان وضعهم؟
هناك العديد من الجماعات العِرقية الأصلية في منطقة الأمازون. لم يسبق لبعض هذه الجماعات التواصل مع الحضارة الحديثة. ورغم أن بعض محميّات الغابات مازالت تحافظ على الثقافة الأصلية، إلا أنها ستزول مع نيران الأمازون.
- إلى أي مدى تضررت الحيوانات والنباتات جراء الحرائق؟
الأمازون غنية بالتنوع البيولوجي! لكن في ظل الحرائق أصبحت الحيوانات تهرب قدر المُستطاع. والنباتات التي لا نعرف عنها شيئًا اليوم دُمّرت. لقد ضاع تراث البشرية جمعاء لأنه لا يمكن لشخص واحد أن تُدرك مدى أهمية هذه الغابة.
- كيف ترى عمل رجال الإطفاء لإخماد تلك الحرائق الضخمة؟
يبذل رجال الإطفاء قصارى جهدهم. ولكن العديد من المعدات الأساسية لمكافحة الحرائق لم تعد متاحة لهم بأمر حكومي رُبما يكون صدر بسبب نقص الأموال (تأتي من صندوق الأمازون).
كما سحبت الحكومة الموارد الأساسية لمكافحة الحرائق حتى لا يتمكن رجال الإطفاء من العمل بكفاءة.
- من أين يأتي رجال الإطفاء؟ هل لديهم أماكن محددة بالقرب من الغابات؟
العديد من رجال الإطفاء من السكان الأصليين للأمازون. إنهم يعرفون كل متر مربع من الغابة وماهرون للغاية في الوصول إلى مكان الحريق في أسرع وقت ممكن. وبدونهم، سيزداد الأمر سوءًا. إذا توقفت الحكومة عن تقديم المساعدة، كما تفعل الآن، سوف يبحث هؤلاء الأفراد عن وظائف أخرى وستُصبح الغابة عُرضة للخطر.
- عملك كمصور وسط الحرائق يحتاج إلى تدابير وقائية.. ما هي استعداداتك للحدث؟
في هذا الوقت من العام تكون الحرارة شديدة. وعندما تقترب من الحريق، تتعرّض للجفاف بسرعة. ولتجنّب حروق الجلد تحتاج إلى ارتداء ملابس خفيفة تغطي جسمك بالكامل. ومن المهم للغاية أن ترتدي أقنعة للحماية من الدخان. والأهم ألا تدخل وسط الحريق بمفردك أبدًا، أبدًا!
- في قلب الحرائق.. ما أبرز الصعوبات التي واجهتك؟
منطقة الأمازون كبيرة للغاية. إنها هائلة، وبالتالي فإن التنقّل فيها يتطلب أن يكون لديك اتصالات ممتازة بمصادر من داخل المنطقة والكثير من المال، حيث تحدث الحرائق الكبيرة في الأماكن التي يصعُب الوصول إليها. أنت تقود سيارتك لساعات حتى تصل إلى بؤرة الحريق، وحينما تصل ستجد نفسك في حاجة إلى الدخول للغابة.
- ما هي المخاوف الأبرز التي يتحدث عنها المواطنون في ولاية "أكري"؟
معظم القصص التي سمعتها من الحاضرين في الحدث كانت تقريبًا حزينة للغاية. حيث التهمت النيران المناطق المحميّة. ولم يعُد بإمكان جيل كامل أن يرى غابات الأمازون بعد إعادة زراعتها مُجددًا لأن هذا الأمر من شأنه أن يستغرق نحو 30 عامًا.
- ما أسوأ اللحظات التي عايشتها خلال تصوير الحرائق في الأمازون؟
أسوأ اللحظات التي مرّت عليّ أثناء التصوير هو مشاهدة كل شيء يتدمّر أمامي مباشرة، بينما أنا عاجز عن فعل أي شيء لوقف هذا الخراب.
- بعد الضغوط الدولية على الرئيس.. كيف تعاملت الحكومة مع الكارثة؟
اعتقدت الحكومة أنها ستتجاوز الأزمة بالأكاذيب. لكن المجتمع الدولي كان يراقب ويُندّد. فتشجّع البرازيليون وصرخوا.
لذلك فإن هذه الحرائق ربما نبّهت البرازيليين إلى أهمية الغابة لمستقبل البشرية. صحيح أن معظم منطقة الأمازون تقع في الأراضي البرازيلية، لكنها تنتمي إلى البشرية جمعاء. وسيكون على البرازيل أن تفهم أن على عاتقها مسؤولية كبيرة لحمايتها.
- قمت بتغطية الحرائق في مرات سابقة.. ما المختلف في تغطيتك هذه المرة؟
إنها ليست المرة الأولى التي أقوم فيها بتصوير حرائق غابات. لكنه أمر محزن للغاية أن أرى كل هذا يضيع بسبب جهل رجل واحد. لن أقبل بذلك مُطلقًا.
تابع باقي الموضوعات:
خاص- من جحيم الأمازون.. مصور برازيلي يروي لمصراوي مشاهد الكارثة
من الشرارة الأولى.. 10 معلومات عن حرائق غابات الأمازون (فيديوجراف)
على خط النيران.. محاولات إنقاذ الأمازون (تسلسل الأحداث)
الأمازون تحترق وتحتاج إليك.. كيف تحاول منظمة "جرينبيس" إنقاذ "رئة الأرض"؟
فيديو قد يعجبك: