"أنا والسرطان راجل لراجل".. أميرة تُحوّل قُصاصات المرض لرواية
كتبت-دعاء الفولي:
حين أمسكت أميرة عبدالمعبود القلم، ارتجفت يداها، مر عليها الألم كشريط أسود، أعاد إليها الأيام الثقيلة "كأني تعبت من تاني"، لكنه ذكّرها أيضا بقوّتها، وكيف حاولت الانتصار على السرطان لمدة عامين، فيما مازالت تتعافى إلى الآن.
قبل 3 أشهر، صدرت رواية أميرة الأولى بعنوان "أنا والسرطان.. راجل لراجل"، في دار نشر مدبولي "الكتابة أرهقتني بس لو فيه واحدة هتحس إن فيه أمل بسبب الرواية هبقى سعيدة".
في نوفمبر 2017 اكتشفت السيدة الثلاثينية إصابتها بسرطان الثدي في المرحلة الثالثة "الدنيا بقت ضلمة فجأة"، سيطر التخبط على أميرة لفترة من الزمن حتى استوعبت، لم تُخبر أحدا سوى زوجها "كنت خايفة أقول لعيلتي عشان ميقلقوش زيادة"، اتجه تفكيرها لولديها فقط "هيعملوا إيه لو حصل لي حاجة"، غير أنها بالتوازي بدأت العلاج "واكتشفت إني ممكن أبقى أخف.. مش سهل بس مش مستحيل".
تخرجت أميرة عام 2004 في كلية الآداب قسم لغة عربية "كنت قبل المحنة سيدة منزل وحياتي مقفولة"، لم تتطلع للكتابة يوما "أيام المدرسة والجامعة كنت بكتب واقطّع الورق.. مجرد هواية"، فتحت لها تجربة المرض أبوابا كثيرة، عايشت تجارب الآخرين بجانب تجربتها، كوّنت مخزونا ضخما من الحكايات، فكان لزاما عليها إفراغه "لما بدأت أتعافى أخويا قاللي اكتبي.. الكتابة هتفرق معاكي جدا".
بعد التشخيص، استدعت حالة أميرة الحصول على علاج كيميائي بالإضافة لعلاجات أخرى، تعيّن عليها إخبار ابنتها نور (13 عاما) وابنها مصطفى (10 أعوام) بالحقيقة "هما لما لاحظوا إن أنا ووالدهم متضايقين دايما.. مبقيناش نخرج كتير أو نقعد معاهم بدأوا يسألوا"، صدمهما الخبر "بس بعد كدة كانوا أقويا جدا وبيشجعوني أكمل".
ثمة أيام، كادت أميرة تستسلم خلالها "كنت بقول مش هستحمل العلاج الكيماوي تاني"، كان كل شيء بحساب "النوم.. الأكل.. الحركة"، افتقدت الأم وقتها أبسط مُتع الحياة "الحاجات اللي الناس بتعتبرها روتينية.. زي إني أنزل أتمشى بدل ما أروح المستشفى"، غير أن "رحمات ربنا كانت موجودة دايما"، تُرسل لأميرة آخرين يمرون بنفس التجربة، يشدون من أزرها، بعضهم حتى لم تقابله سوى مرات معدودة، مثل الكاتب أحمد خليفة الذي اُصيب بسرطان الدم قبل أكثر من عام "بس مش بيشعّ غير طاقة أمل وحب للي حواليه ودعم".
في أوقات أخرى، وعلى مدار عامين، عاشت أميرة حياتها بشكل شبه طبيعي، كانت تسافر مع عائلتها "بس بمحاذير معينة"، كانت تنظر دائما أسفل قدميها "مش بفكر بكرة هيحصل إيه.. المهم اليوم يعدي وانا كويسة"، كان ذلك مبلغ أحلامها.
المرض علّم أميرة الكثير، وكذلك أولادها، باتت الأم أقرب لهما، تستمع لرأيهما، خاصة حينما بدأت الكتابة منتصف 2018، كانت تقرأ على نور بعض المقاطع "فتقولي ساعات يا ماما بلاش الجملة دي.. عايزين ندي للناس أمل"، في بداية المحنة ارتعبت أميرة على ولديها، لكنها تعلمت بعد ذلك أن تكون أقوى لأجلهما "عشان محدش هيخلي باله منهم زيي"
استغرقت أميرة حوالي شهر ونصف للانتهاء من الكتابة، ثم بحثت عن مكان نشر حتى تم الموافقة على العمل من قبل دار "مدبولي"، لا تنسى كاتبة الرواية حين أمسكت النسخة الأولى بيديها؛ شعرت أن تجربة الكتابة ربما أفضل شيء في المرض "وإنه لولا اللي حصل لي مكنتش هكتب"، وقتها كان معرض الكتاب 2019 أوشك على القدوم "ساعتها روحت المعرض وكنت بقول يا سلام روايتي تنزل فيه"، تحققت الأمنية عقب عام، إذ يُطرح عملها الأول في معرض الكتاب الذي يبدأ آخر يناير الجاري.
عقب نزول الرواية للأسواق، استقبلت الأم ردود أفعال جيدة "ألطف حاجة إن فيه ناس قالت لي إحنا قرأنا الرواية مرتين تلاتة"، قابلت أخريات أصابهن المرض، حكين لها عن تجاربهن قاسية وأن بعضهن لا تستطيع استكمال الحرب، فيما تشكرها أخريات على ما أعطته لهن في سطور الكتاب.
ذلك العام ستذهب أميرة للمعرض ككاتبة "وهحاول أوّعي السيدات بضرورة الكشف المبكر"، باتت السيدة أكثر انفتاحا على العالم، تحاول التخلص من آثار المرض، نفسيا وجسديا، تنظر للخلف فيغمرها الفخر تجاه نفسها وأسرتها، والامتنان "ناحية ربنا والمرض لأني اتغيرت كتير عما كنت"
فيديو قد يعجبك: