إعلان

صفقة ترامب بين إسرائيل وفلسطين.. مكر وصمود ورهان خاسر (تقرير)

05:46 م الخميس 30 يناير 2020

كتب- محمد زكريا:

كأي فلسطيني تابع حسام أبو غنام مجريات المؤتمر الصحفي، على منصته وقف دونالد ترامب إلى جانب بنيامين نتنياهو، معلنا ما أسماه خطة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن بقرية "عقابا" في الضفة الغربية ملأ الشاب الغضب، ليس من فحوى الاتفاق؛ فلم يتوقع صاحب الـ35 عاما إنصافا من أمريكا وإسرائيل، كما أنه يعايش بنوده يوميا على أرض يغتصبها الاحتلال، بينما استفزه تعالي وعنصرية أبداها ترامب -عاقد الصفقات كما أطلق هو على نفسه، متناسيا أن عرضه هذا مقدم لشعب -يقول أبو غنام- إنه لا يملك غير وطنه.

بعد أكثر من عامين، على اقتراح الرئيس الأمريكي لأول مرة خطته لاستئناف عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية المتوقفة منذ سنوات طويلة، أعلن دونالد ترامب الثلاثاء 28 يناير 2020 تفاصيل ما عرفته أوساط السياسة بصفقة القرن، ووصفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد دقائق فقط من الإعلان بصفعة العصر، مؤكدا أنها "لن تمر وستذهب إلى مزبلة التاريخ".

بموجب اقتراحات ترامب ستعترف الولايات المتحدة بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وستبقى القدس المحتلة عاصمة غير مقسمة لإسرائيل. وبحسب الخطة التي نشرها البيت الأبيض في نحو 180 صفحة، ستكون عاصمة الدولة الفلسطينية المحتملة في بلدات على أطراف القدس مثل أبوديس وشعفاط، و"يمكن تسميتها القدس أو أي اسم آخر"، كما أن للصفقة شق اقتصادي يتمحور في إقامة صندوق استثماري بقيمة 50 مليار دولار لدعم الاقتصاد الفلسطيني واقتصاد الدول العربية المجاورة.

1

"هي جنين مشوه لا يمكن أن يتجاوز رحم أفكار ترامب ونتنياهو" هكذا يصف أبو غنام الصفقة؛ فهي لا تعبر في نظره إلا عن رؤية نتنياهو للسلام، فيما يعتبر حكم طالب، عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، أن المخطط الإسرائيلي هو محاولة "استبدال لقرارات الشرعية الدولية".

في العام 2017، أعلن دونالد ترامب اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبعد حوالي العام نقلت أمريكا سفارتها من تل أبيب للمدينة المقدسة، كما وقّع الرئيس الأمريكي في العام 2019 إعلانا يعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، كما أوقف تقديم مساعدات إنسانية بمئات الملايين من الدولارات للفلسطينيين للضغط على القيادة الفلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات.

لكن تلك التهديدات، لم تردع سليمان أبو سرور، الذي شارك في التظاهرات صباح اليوم التالي للإعلان الأمريكي عن الصفقة.

تحرك صاحب الـ35 عاما من مدينته أريحا، وانضم إلى مسيرة توجهت إلى منطقة الأغوار- والتي بموجب صفقة القرن يفرض الاحتلال قانونه عليها، حال كل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية -للتأكيد على الهوية الفلسطينية للمدينة، رغما عن البطش الإسرائيلي والتهديد بالاعتقال في حال استمرت كاميرته بتوثيق انتهاكات الاحتلال بحق المحتجين.

2

بدأت المسيرة للأغوار بنحو 4000 شخص، بينما وصل إلى الوجهة المقصودة حوالي نصف العدد، بعد أن عرقلتهم إسرائيل بالقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، كما يقول معروف الرفاعي، مسؤول في هيئة مقاومة الاستيطان والجدار، والذي يحكي عن كواليس التحضير لمسيرة الأغوار، في نفس يوم إعلان ترامب لخطته "المشؤومة".

3

بعد المؤتمر الصحفي، استعدت هيئة مقاومة الاستيطان والجدار وحركة فتح ولجان المقاومة الشعبية لتنظيم احتجاج في منطقة الأغوار، كما يحكي الرفاعي لمصراوي، "فقبل حوالي الشهرين، صادر الاحتلال الإسرائيلي 11 جرارا زراعيا، أثناء زارعة فلسطينيين لأراضي هناك، تمهيدا لاغتصاب الأغوار الشمالية وضمها للمستوطنات، وبخاصة أنها سلة غذائية"، فاختار الفلسطينيون تحدي الصفقة والإسرائيليين معا في يوم واحد، "اشترينا 30 جرارا، لزراعة 50 دونم من الأراضي الزراعية، وبصحبة كل جرار 100 شخص يحميه من بطش الإسرائيليين".

4

يعيش الرفاعي في القدس، ولا يتخيل أن تكون عاصمة لدولة تغتصب حقوقه، لذا تملكه غضب وقت أعلن ترامب أطروحاته، لكن الغضب لم يفت من عزيمة الرجل، معبرا عن ذلك: "قالت جولدا مائير -رئيسة وزراء سابقة للحكومة الإسرائيلية- الكبار يموتون والصغار ينسون، لكن أثبت الشعب الفلسطيني بثباته وصموده أن الكبار يموتون ليأتي بعدهم شباب تحيىَ فلسطين في ضمائرهم"، لذا "لا تساوي صفقة القرن ثمن الحبر الذي كُتبت بها"، ولا أبلغ دليل على ذلك في نظره من نجاحهم في حرث أرض الأغوار بعد ساعات من "الصفعة الأمريكية".

5

على مدار أشهر، تسربت تفاصيل الصفقة قبل أن تُعلن رسميا تلك الأيام، لكن يُرجع مراقبون اختيار التوقيت لصرف الانتباه عن مشاكل تواجه الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، فالأول يُحاكم بهدف عزله، والثاني يوجه إليه اتهامات بالفساد، فأرادا لو أن يلفتوا الأنظار بعيدا عن أزماتهما الداخلية.

وهو ما يتطلب تكاتف كل الفصائل الفلسطينية، في رأي عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، والذي يضيف لمصراوي أن القيادة الفلسطينية تسعى إلى تدويل القضية، أبعد من الفك الأمريكي الذي يصادر وساطتها، بالتوجه إلى "الأمم المتحدة، الجامعة العربية، الدول الإسلامية، دول عدم الانحياز، الصين وروسيا"، فلم يعد في نظر القيادة الفلسطينية اعتبار واشنطن وسيطا في أي محادثات سلام مع إسرائيل بعد إظهارها تحيزا واضحا لصالح الأخيرة.

6

رغم تكريس إسرائيل لواقع الصفقة، حتى قبل إعلان ترامب لها رسميا، وسط ابتسامات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، لا يعترف وائل حنايشة، ابن مدينة جنين بالضفة الغربية، بواقع الاحتلال المفروض بقوة "المكر والسلاح"، يقول: "الضفة الغربية احتلت عام 1967، واحتلالها منذ ذلك التاريخ أمر واقع بنظر أمريكا والكيان الصهيوني، وبعض المتخاذلين من العرب، ولكن بالنسبة لشعبنا الأبي، الذي خاض المعركة تلو المعركة، هو احتلال غاصب وزواله فرضا على كل فلسطيني ما يزال يحيا ويتنفس".

7

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان