قصص شباب يحققون الحلم: "مش شرط تكون غني علشان تسافر"
كتب- آية الله الجافي:
كان الشاب الثلاثيني رام ماضي ينظر دائما وهو في سن صغير إلى الجهة الأخرى من شاطئ بحر إسكندرية ولديه الرغبة القوية في استكشاف ما وراءه: " كنت عايز أشوف الناس الناحية التانية شكلهم أيه وبيتعاملوا ازاي. وهنا أحسن ولا هناك.. وكان قريبي بيبعتلى زمان جوابات فيها صور مطبوعة لمعالم هولندا وشرايط كاست بيحكيلى عن أيامه في السفر".
قرر رام أن يحقق حلم السفر وهو في سن صغير. فعمل بعد مواعيد دراسته "صبي نقاش" و"عامل شماسي على البحر" كما كان يقطع تذاكر على طاولات البلياردو، حتى استطاع أن يجمع مبلغ من المال. قدم طلب تأشيرة لليونان وبريطانيا وكانت النتيجة هي الرفض.
قدم بعد ذلك طلب تأشيرة سياحة في أسطنبول "موظف السفارة سألني عايز تسافر ليه. قولتله عايز أشوف الدنيا. قالي بس أنت باسبورك فاضي أنت مسافرتش مع أهلك قبل كدة؟. قولتله لأ ولا هما سافروا بس أنا عايز أسافر، فقالي: أسف مش هينفع أديلك التأشيرة".
ابتسم رام وسحب الباسبور وبمجرد خروجه من السفارة غلبته دموعه وظل يبكي، وأثناء ذلك رآه الموظف في الكاميرا، حتى نادى عليه أحد أفراد أمن السفارة ليخبره أن الموظف يريده بالداخل وعندما عاد أخبره بالبشرى "بدل ما عينك تدمع هخليها تشوف مكان جديد، روح احجز طيران وتعالى خد التأشيرة عشان تسافر"، وسافر لأول مرة في حياته لمدة أسبوع بمبلغ 2850 جنيه، استطاع أن يجمعهم من عمله. ولم يستطع أن ينسى ذلك الموقف الذي حدث له في السفارة التركية رغم مرور 17 عاما.
"مفيش حاجة اسمها الأغنيا بس هما إللى بيسافروا. اسمها إللى عنده حلم هو اللي بيسافر، العقبات مكنتش الفلوس بس أنا دبرت الفلوس. العقبة كانت في أهلي كانوا خايفين أسيب الدراسة في مصر وأعيش برة باقي حياتي بس قدرت أقنعهم أنى حتى لو أشتغلت برة هرجع مصر تاني"..
واصل رام تحقيق حلمه وسافر انجلترا ليدرس " اللغة الإنجليزية والبيزنس". وأثناء ذلك عمل في تنظيف الشوارع وتقليم الأشجار كما عمل مساعدا لعامل بناء، وبائع في محل بازار مصري.
تعرض خلال عمله في "مطعم فرنسي" بإنجلترا لموقف غريب لم ينساه: " كان العيش الفرنسي بييجي عن طريق البر في عربيات كبيرة بليل. وفي يوم وأنا بفتح العربية لقيت شخص جوة التلاجة قاعد وسط العيش وحالته صعبة أوي عرفت بعد كدة أنه جزائري ومهاجر من بلده هجرة غير شرعية علشان يحقق حلمه في السفر".
قرر أن يحقق رغبة أهله ويُكمل دراسته بعد تأجيل أربع سنوات بسبب سعيه الدائم نحو السفر حتى تخرج من كلية تجارة قسم إنجليزي جامعة الإسكندرية، واستطاع أن يجد وظيفة إدارية باليونان تُمكنة من نزول مصر بشكل مستمر.
وجد رام متعة كبيرة في زيارة الدول ذات الثقافات المتعددة كالهند، ويخطط في تلك الفترة أن يقوم بجولة في دول أمريكا اللاتينية، والدول القريبة من القطب الشمالي "عايز أجرب أعيش في التلج لمدة شهر مثلا".
لم تمثل التجارب لرام مجرد رفاهية فحسب: "خلال سفري لـ 20 دولة في العالم قدرت أخرج من حدود أفقي وأنفتح على العالم.. فهمت يعني ايه تعدد ثقافات وتقبل الاخر والتأمل بحب، وجنب كل ده أتعلمت أحب مصر أضعاف حبي ليها".
رغم كره أسامة أحمد لدراسته في كليه الطب البيطري ورسوبه في السنة الثانية، إلا أنه قرر أن يُكمل بهدف الحصول على العمل بأقصي سرعة ليتمكن من جمع المال وتحقيق حلمه في السفر.
سيطر حلم السفر واستكشاف العالم عليه في المرحلة الثانوية، متأثرا بصور وحكايات أهله وجيرانه الذين يعيشون في أوروبا: "كانت أوروبا بالنسبة ليا حلم كبير.. في يوم حلمت إنى ماشي في أرض مليانة فلوس فسألت حد في الشارع إحنا فين؟ قاللي إحنا في ألمانيا، وفيما بعد أتحقق حلمي ودخلت أوربا من ألمانيا".
زادت رغبته الملحة في السفر عندما عمل بإحدى القرى السياحية في الغردقة خلال إجازته الصيفية من الكلية "كنت شاب فقير باخد 600 جنيه في الشهر.. وأول مرة أشوف السياح وقد أيه بيستمتعوا بحياتهم.. وسألت نفسي هو أنا ممكن أكون في يوم سائح؟".
بدأ في مراسلة الجامعات الأوربية في السنة الأخيرة له بالجامعة. ولكنه شعر بصدمة كبيرة عندما عرف التكاليف المادية. لذلك بدأ بالتدريب في عيادة بيطرية ومن ثم في مزرعة أبقار، وبعد فترة قصيرة فوجئ أن موقفه من التجنيد "ضابط احتياط 3 سنوات".. فقام بتأجيل فكرة السفر حتى ينهي خدمته العسكرية: "مرتب الجيش كان كبير فحوشت منه وعملت مزرعة تسمين عجول صغيرة بدأت بـ 2 لحد ما بقا عندى 25 فيما بعد".
وبعدما فشل في الحصول على تأشيرة سفر لعدد من الدول وشعر بالإحباط، قرر أن يغير وجهته للسعودية لأداء العمرة: "أول ما شوفت الكعبة قلت اللهم أجعل العالم في قبضة يدي".. بعدها سافر لدول آسيا كبداية لتحقيق حلمه في الوصول لدول أوروبا" سافرت تايلاند وماليزا وإندونسيا.. واتبسطت جدا وقلت مش مهم أوروبا دلوقت". وبعدها قام بجولات سياحية في سيرلانكا والمالديف.
بعدما استقر عمله كطبيب، بدأ يخوض تجربة السفر لأوربا مرة أخرى: "قدمت طلب تأشيرة لألمانيا وأترفض. ميأستش وبعت إيميل تظلم للسفارة". فطلبت السفارة منه إثبات بأن هدفه السياحة فقط وأنه سيعود لمصر بعد إنتهاء مدة رحلته: قدمت أوراقي إني دكتور وعندى عيادتين وملتزم بشغلي في مصر".
اتصلت السفارة الألمانية يوم عيد ميلاده الـ 30 ليبلغوه أن التأشيرة تم الموافقة عليها وأن يحضر باسبوره ويستعد للسفر: "كنت بجري من الفرحة زي المجنون. حلمي أتحقق وسافرت ألمانيا ومنها لفيت أوربا كلها".
زادت تلك الجولات التي قام بها دكتور أسامة في 14 دولة من إيمانه بنفسه ورغبته في الإستكشاف والتطور بشكل مستمر: "حتى محاولاتي إللى فشلت زادتني خبرة، وعرفت أن فيه دول كتير حلوة تستاهل السفر زي دول آسيا مش أوربا بس".
يخطط دكتور أسامة حاليا للسفر في منحة دراسية بمجال الطب البيطري في إنجلترا بعد إنتهاء جائحة كورونا "عايز أدرس أكتر وأعمل طفرة في إنجلترا"، كما يستعد للسفر إلى دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا بهدف السياحة وتنظيم قافلة طبية لتوعية مربيين الحيوانات في القرى الفقيرة هناك.
فيديو قد يعجبك: