"كلام بالبهارات".. كيف تعلم "ياسين" النطق في المطبخ؟
كتبت- هبة خميس:
لم تتصور المهندسة منى شكري أن ولادتها ستقلب حياتها رأساً على عقب، وضعت "ياسين"، طفلاً أصم أبكم، لم تستسلم الأم العشرينية بسهولة فقررت البدء في مشوار طويل ورحلة خاضتها مع أسرتها كي يتمكن طفلها الوحيد من نطق الكلمة التي تتمناها وهي "ماما" .
"في البداية لجأنا لحلول كتيرة زي السماعات اللي بتعالج ضعف السمع ومراكز التخاطب وكل ده مجابش نتيجة خالص" تستهل الأم حكايتها لمصراوي. حينما بلغ طفلها الرابعة كان الحل الوحيد هو زرع القوقعة، لكن الأبواب الموصدة ظلت أمام "منى" بسبب وجود مشكلة لدى طفلها في جذع المخ فرفض الأطباء زراعة القوقعة لأنهم أخبروها باستحالة نجاحها.
لم تكن تلك الأبواب المغلقة أزمة بالنسبة للأم "منى"، قررت السيدة عرض طفلها على أطباء آخرين حينما أكمل عامه الخامس وقررت المخاطرة بعمل زرع للقوقعة "في اليوم ده كنا متوقعين أن الدكتور يقولنا إن العملية فشلت، وفعلاً كنت فاقدة الأمل أن ابني يسمع، لكن المفاجأة أن العملية نجحت ودي كانت أول بشرة أمل ليا في الطريق ده".
العالم الذي رسمته "منى" لنفسها وحياة طفلها اختلف بأكمله، استجابته للأصوات وانطلاق صوته العذب كان من أجمل لحظاتها، فقررت البدء في مرحلة جديدة تماماً وهي تأهيله وتعليمه اللغة والكلام دون حاجة للغة الإشارة التي ألفها منذ الصغر وباتت لغته الوحيدة .
عبر المطبخ تعرف "ياسين" على العالم، فالطفل الذي التصق بأمه منذ صغره، وعقب جراحته قرر العودة للأركان التي يألفها ويتعلم من جديد أسماء كل شيء. فاصطحبته أمه للمطبخ يومياً لتعليمه أسامي المعدات والطعام وكل شيء يستعمله، إلى أن قرر صنع أشياء بسيطة مثل سلطة الفاكهة والعصائر والسلطات والأصناف التي لا تحتاج النار بسبب خطورة ذلك.
زيارة للطبيب ألهمت الأم لإنشاء صفحة خاصة بأكلات طفلها الشهية، ففي تلك الزيارة أثنى الطبيب على تقدم الطفل الذي أصبح يتفاعل لغوياً بشكل سليم واعتبر ذلك إنجاز غير عادي وحينما ذاق الطبيب وفريقه بجمعية المنصورة المأكولات التي صنعها ياسين مع والدته، ألهم ذلك الأم لتصنع محتوى خاص بابنها على السوشيال ميديا يشعر من خلاله بتشجيع الناس و يجد شغفه "عملنا فيديوهات قصيرة لأكل بسيط وهو دوره عمل الأكل من الأول وأنا بس بتعامل مع تسوية الأكلات وده كان مناسب جداً له ولسنه".
حب "ياسين" للطهي سد الفجوة في الكلام بالنسبة له، فعادة يزرع الطفل "القوقعة" مبكراً لتلافي حدوث تلك الفجوة وذلك الحب والشغف أوصله للمركز الثالث في مسابقة للطهاة بمحافظة دمياط وتم تكريمه أكثر من مرة في مدينة المنصورة التي يعيش بها واستقرت الأسرة بها عقب جراحته لسهولة تواصله مع أطبائه.
2
مشوار طويل خاضته الأم "منى شكري" التي أًصبحت باحثة في مجال التربية الخاصة وتركت الهندسة منذ سنوات لتظل مخلصة لطفلها وما يحتاجه، والآن تدرس الماجستير في التربية الخاصة بالجامعة الأمريكية لأنها ترى أن تلك الدراسة صنعت منها أماً قوية تفهم طفلها واحتياجاته طوال الوقت دون اللجوء لآخرين فلا أحد يعرف طفلها أكثر منها.
فيديو قد يعجبك: