"من اجتهد حصد".. كيف أصبح الطفل ميسرة "شخصية العام" في النمسا؟
كتبت-رنا الجميعي:
لم يتوقع محمود مقلد أن البذرة التي زرعها داخل أبنائه، سيحصدها مُبكرًا مع ميسرة، ابنه الأوسط ذو الخامسة عشر عامًا، حين حصل على لقب شخصية العام في النمسا.
جاء مقلد إلى النمسا منذ 28 عامًا، أسس أسرته، ورزقه الله بأربعة أبناء، رباهم على حب الخير كما يقول لمصراوي، "بقولهم عيشوا مع الناس بالإنسانية، وكل واحد ليه دينه، المهم نحترم بعض"، تربى ميسرة على هذه القيم "دايمًا بيحب يساعد الناس"، كان مقلد يرى ذلك في مساعدة ميسرة لجيرانه في الحي الأرستقراطي الذين يعيشون فيه بالعاصمة فيينا "الجيران كانوا بيطلبوه، حد عايز يصلحله الكومبيوتر ولا التليفزيون، وميسرة يروح يساعد".
لذا لم يكن غريبًا حين تلقى ميسرة خبر إغلاق المدارس، مع بداية أزمة فيروس كورونا المستجد، في مارس الماضي، أن يفكر في كبار السن، وقتها كان ميسرة برفقة أصدقائه في آخر يوم دراسي "كنا في البريك وفكرنا أنا وأصحابي ان احنا مش عايزين نقعد في البيت نلعب بلايستيشن، وفيه ناس مش هتعرف تنزل وتجيب حاجتها من السوبر ماركت"، يوضح ميسرة لمصراوي، وبعد الفسحة المدرسية قرر الأصدقاء تدشين المبادرة التي احتفت بها النمسا كلها "بعد الفسحة لقينا الجرايد والتليفزيون النمساوي بيتصلوا علينا، وقالولنا دي حاجة حلوة احنا عايزين نعرف الناس بيكم".
بالفعل أخذت المبادرة الخاصة بكبار السن صدى كبير في أرجاء فيينا، تقسم ميسرة وأصدقائه على أحياء العاصمة البالغ عددها 23 حي، استجاب للمبادرة الكثيرين من كبار السن، وعلى مدار شهرين في ظلّ أزمة كورونا كان الأصدقاء يعملون منذ الثامنة صباحًا وحتى السابعة مساء، غير أن آثار الإجهاد تملكتهم، مما جعل ميسرة يُفكر في فتح الباب للتطوع بالمبادرة "ودورنا على الناس اللي ساكنين في الأحياء البعيدة ويقدروا يساعدونا"،وبالفعل قلّ ضغط العمل بشكل كبير "وفي الأسبوع بقيت أطلع تلات مرات".
خلال تلك الأثناء كانت الأسرة تُشجّع ميسرة رغم الخوف من الإصابة، حتى تلقى تليفونًا غامضًا في نهاية أكتوبر الماضي، لم تحمل المكالمة الخبر السعيد، غير أن مقلد اصطحب ابنه إلى مقر رئاسة مجلس الوزراء، وهناك عرف المفاجأة السعيدة بحصول ميسرة على لقب "شخصية العام" من جريدة "دي بريسه"، لدوره المجتمعي خلال أزمة فيروس كورونا "مكنتش مصدق لما استلمت الدرع من رئيس الوزراء".
كما هنأت وزيرة الهجرة، نبيلة مكرم، ميسرة، عبر اتصال هاتفي، تحدثت فيه معه عن سبل للتعاون عن طريق مبادرة "اتكلم مصري"، التي أعلنت عنها وزارة الهجرة في مطلع شهر أكتوبر، وتهتم بنشر الوعي الثقافي والقومي بين أبناء المصريين المقيمين بالخارج.
وقد تحمس ميسرة للتعاون، كونه مهتمًا بالتعريف بوطنه الأصلي، فقد حرص على إعداد بحث عن مصر سنويًا في مدرسته "بكتب عن الناس والاقتصاد والنيل والأهرامات"، ويدرس ميسرة بالمرحلة العليا التي تعادل الثانوية في مصر.
لم تقتصر اهتمامات ميسرة على ذلك فقط، بل امتدت إلى التغير المناخي أيضًا، حيث يشترك بإحدى المبادرة المهتمة بذلك، نشاط ميسرة لا حد له، حتى أن المبادرة الخاصة بكبار السن لم تنتهي بإنتهاء أزمة كورونا "احنا حابين نساعد الناس المريضة مش بس مرضى كورونا، عشان كدا قولت نسيب المبادرة منقفلهاش".
فيديو قد يعجبك: