" تحكي بـ"العامية" والفصحى.. "أمل" مُعلمة و"خالة" وأبلة فضيلة" للأطفال
كتبت-إشراق أحمد:
أصبحت العطلة الأسبوعية مختلفة لأمل علاء الدين وأبناء أشقائها، لم تعد حدود السفر مشكلة للقاء؛ يوم الجمعة يتجهز الصغار أمام شاشة الحاسوب في مصر، تدير "الخالة" الكاميرا، تمررها على القصص المتواجدة بمكتبة منزلها في الإمارات، ينتقي الصغار إحداها، تتلقف أمل الكتاب وتحكي لهم "الحدوتة" المنتظرة، يسعدون وتحلق أمل معهم في عالم محبب لها، اتسع مداه ليصل إلى بيوت أطفال آخرين، إذ سجلت "الخالة" الحكايات واتخذت من طلب أولاد أخواتها إشارة انطلاق لـ"احكِ لي حدوتة".
قبل عامين غادرت أمل مصر، انقطع مِداد الحكايات الذي كانت تجود به على أبناء أشقائها الثلاثة إلا من يوم إجازتها، ولإنشغالها طيلة الأسبوع، طرحت والدتها عليها مقترح "قالت لي سجلي لهم كل القصص ونشغلها لهم وقت ما يطلبوها"، استجابت صاحبة السادسة والثلاثين ربيعًا وصارت تود الصغار بتسجيل "حدوتة بيحبوها"، ترسلها لهم إلكترونيًا، لكنها لم تقف عند هذا الحد "لقيت صحابي بيقترحوا عليا أحط الفيديوهات اللي بعملها في صفحة عشان ولادهم هم كمان يتبسطوا".
صنعت أمل صفحة لها "احكِ لي حدوتة"، بدأت دائرة "الانبساط" تتمدد، احتضنت أمل محبة صغار جدد لحكايات تقصها، وأخذت الأمهات تتبادل التسجيلات "وفي ظرف كام شهر بس لقيتني بحتفل بأول عشر آلاف مشترك". ما عادت حكايات الخالة أمل مقتصرة على أبناء أشقائها، أخرين ينتظروها كل يوم جمعة وسبت أسبوعيًا.
تعرف أمل وقع الحكاية، ذاقته وهي بعمر من تحكي لهم اليوم "جدي عبد الواحد الله يرحمه كان دايمًا يشتري لي الكتب أنا وأخواتي ويحكي لنا قصص جميلة جدًا ويقلد الأصوات وهو بيحكي"، ترك الجد أثرًا في نفس الحفيدة فصارت تحكي بأسلوبه.
كأن الجد رسم لأمل طريقها، درست الشابة اللغة العربية وعملت معلمة، وحينها استهلت حكايتها رسميًا مع "الحواديت"، كانت تختار لطلابها قصة تحكيها لهم، ولأن ما يخرج من القلب يصل إليه؛ لاحظت المعلمة أن أطفال المدرسة يحبون الاستماع لقصهها، فلم تبرح الحكاية.
لا تُبالي أمل لطريقة الحكي، تمارسه بالعامية المصرية والعربية الفصحى، تفضل الأخيرة وكثيرًا ما تمارس الحكي بها، لكنها استقبلت تعليقات جعلتها تجمع بين الأسلوبين "في أمهات قالوا لي ولادهم مبيركزوش مع الفصحى وده بيحرمهم من الاستفادة بالقصة ومحتواها"، لهذا أصبحت تسجل "الحدوتة" ذاتها مرتين، إلا أن فرحة خاصة تسري إلى نفسها حينما تجد طفل يتحدث بالفصحى نتيجة متابعته لقصة.
خلاف ما يُعتقد، الحكي بالعامية المصرية هو الأصعب "لأن القصة مكتوبة قدامي بالفصحى وعشان احكيها بالعامية بعيد الصياغة مش مجرد أني اقرأها"، لكن ليس لهذا تفضل أمل أن تقص الحكاية بالفصحى، إنما لأنها تجد في الاستماع للقصص بالعربية السليمة دور مؤثر "بيخلي الطفل يتعلم اللغة كلغة مش كمادة دراسية وده مش بيأثر على كلامه زي ما الناس بتفتكر".
تعشق أمل القصص، تقرأها بكل كيانها، حتى أنها لا تحكي إلا بشرط "القصص تعجبني واستمتع بقراءتها زي الأطفال بالظبط ويكون معناها جميل ومفيد"، تلتحم المعلمة والخالة الشابة مع الكلمات، تبتسم وتبكي معها، تتذكر قصتين بلغ فيها التأثر حد عدم تمالكها الدموع بينما تقرأ "وبصعوبة شديدة فكرت في حاجات تانية عشان أعرف اسجل بصوت كويس مفيهوش عياط"، فما يدخل قلب الشابة لا يخرج إلا حكيًا.
وكما تنسى أمل نفسها مع القصص التي تأسرها، هناك حواديت" تقيم بينها حاجز "ببعد تمامًا عن القصص اللي بتقول للأطفال متعملوش حاجة واستنوا الساحرة زي سندريلا أو العفريب زي علاء الدين عشان يحل لكم المشكلة"، مثل هذه الروايات ترفضها صاحبة "احكِ لي حدوتة"، فالأساس عندها أن "تكون القصة بتنمي شخصية الطفل".
لا شيء في الدنيا عند أمل يساوي لحظة سعادة طفل بقصة ترويها، تطير مع تعليقات الأمهات، لكن لا تنسى كلمة إحداهن "أنت أبلة فضيلة الجيل ده"، يلازمها التعليق بينما تواصل تسجيل الحكايات، تحرص أن تُعرف الصغار بمؤلفين "الحواديت"، فيما تغمض عيناها مع كل حكاية على حلم يتملكها "بتمنى صوتي يوصل لكل الأطفال في الوطن العربي وأشارك في تشكيل وجدانهم وأكون جزء جميل من طفولتهم يفتكروه دايمًا بالخير".
فيديو قد يعجبك: