إعلان

الموجة الأولى ليست كالثانية.. المصابون الجدد بكورونا بين خوف أقل ودعم أكبر

03:05 م الأحد 27 ديسمبر 2020

مستشفي صدر العباسية

كتب- عبدالله عويس:

ليس ثم تشابه بين من أصيب بكورونا مطلع العام الجاري، وبين المصابين في نهايته. الخوف والرعب اللذان تملكا النفوس في بداية الموجة الأولى، كانا كبيرين. المعلومات شحيحة، بروتوكولات الأدوية تخضع للتشكيك، الشائعات تنتشر، الهلع سيد الموقف، إلى الحد الذي دفع أهالي قرية بمدينة أجا في محافظة الدقهلية بمنع دفن طبيبة ماتت بسبب الفيروس في أبريل الماضي، وكان التكتم في إعلان الإصابات سمة لدى كثيرين، غير أن الموجة الثانية لم تكن كذلك.

بينما تظهر سلالات جديدة للفيروس، وتنتشر الإصابات به في الموجة الثانية بمصر، لم يجد عماد يسري حرجا من أن يدون عبر صفحته الشخصية على فيس بوك خبر إصابته، الرجل الذي تخطى الـ40 عاما، شعر بالإعياء والسخونة، وتناول أدوية من شأنها خفض حرارة جسده، لكنها لم تقدم تحسنا ملموسا، ومع الوقت اتجه إلى إحدى المستشفيات، فعرف بإصابته، وظل على مدار شهر كامل يخضع للرعاية الطبية بين الرعاية المركزة، وحجرة العزل: «في البداية الناس كانت خايفة تتكلم، لكن لما كل الناس جالها كورونا والأعداد كترت أوي، مبقاش حد عنده قلق إنه يحكي حتى عن تجربته».

لم تكن فترة إصابة عماد سهلة، كان يصارع الموت، اضطر للبقاء في غرفة العناية المركزة لمدة أسبوعين، وتناول الكثير من الأدوية، بحسب إرشادات الأطباء، وكان ينصح المقربين منه بضرورة ارتداء الكمامات على الدوام، ماحيا عنهم العبارة التي تتردد كثيرا بأن الإصابة تشبه نزلات البرد لكنها أكثر حدة: «ده ملوش علاقة بدور برد رخم، ده فيروس قاتل، وأنا نجيت من موت محقق» يحكي الرجل، الذي يتابع ما يعلنه المصابون في دوائرهم المقربة أو حتى على صفحاتهم على مواقع التواصل، إما لتحذير من اختلط بهم، أو للتوعية بشكل عام: «لكن على الأقل، مبقاش في الخوف من المصاب، والتعامل معاه على إنه قاتل متحرك». تلقى عماد دعما من المقربين منه، رسائل بتمني الشفاء، وعبارات محبة، ساعدته في تجاوز محنته، وتأهيليه نفسيا للتعامل مع الفيروس، يرى أنها كانت بالغة الأهمية في حالته.

في المقابل، وبينما كانت ذروة انتشار فيروس كورونا، وارتفاع أعداد المصابين في يوليو الماضي، شعر محمد علي بالإعياء، سارع إلى صيدلية قريبة من منزله، وتناول عددا من الأدوية، حتى خارت قواه تماما ولجأ إلى مستشفى حكومي قريب منه، وتم أخذ مسحة له، ليتبين له أنه مصاب بالوباء، لكنه لم يعلن عن الأمر، وخضع للعزل بأحد المستشفيات المخصصة لذلك: «كان ساعتها الناس لما تعرف إن عندك كورونا، يتعاملوا معاك كإنك جربان مثلا، وده بيحصل في الوقت اللي إنت بتكون محتاج فيه الدعم» يحكي محمد، الذي أخفى الأمر عن المقربين منه، بما في ذلك كثير من أقاربه وأصدقائه، ولم يعلن عن الأمر إلا بعد شفائه تماما، بما أعلنته نتيجة المسحة الأخيرة التي أجراها.

خلال تلك الفترة، كانت التوعية على مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع الإخبارية والقنوات التلفزيونية، على أشدها، والصحة العالمية توصي بعدم وصم مصابي كورونا، وبانتشار الحالات في كافة محافظات مصر، صار الأمر متقبلا على نحو كبير، بعكس ما كان في بداية الجائحة بمصر، في منتصف فبراير الماضي، حين أعلن عن أول إصابة في مصر بالفيروس.

نظرا لوجود تجارب سابقة، وإصابات قديمة في محيط المصابين الجدد بالفيروس، فإن ذلك يقلل من درجة التأثر والخوف، بحسب الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، الذي يرى أن دعم المصابين نفسيا يجب أن يكون بالتوازي مع تلقيهم للأدوية: «في المرة الأولى والإصابات المبكرة الناس كانت بتصارع المجهول، وباء غير معلوم عنه تفاصيل كتيرة، بعكس دلوقتي، وده اللي بيخلي الناس عندها تقبل لفكرة الإصابة وعدم الوصم». وكانت وزارة الصحة والسكان المصرية قد سبق وأن دعت إلى عدم وصم مصابي كورونا، ووجهت بضرورة دعمهم للمساهمة في رفع حالتهم المعنوية، ودعما لصحتهم النفسية، عبر بياناتها التي تنشرها من خلال صفحتها الشخصية على فيس بوك.

فيديو قد يعجبك: