الجاني في قبضة الشرطة| قصة مقتل مدرس مصري بالسعودية: "رحل وترك طفلين"
كتب- أحمد شعبان:
الإثنين الماضي، تلقى "عيسى سعد"، مهندس بالسعودية، اتصالات هاتفية من أقاربه في مصر يسألون "ماذا حدث لهاني؟"، لم يكن الرجل على علم بما جرى، لابن أخيه. تصفح هاتفه ليجد منشورات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تتناقل روايات مقتضبة عن حادث صادم تعرض له ابن أخيه "هاني عبد التواب سعد"، مدرس اللغة الإنجليزية بالسعودية.
في ذكر تفاصيل ما جرى، يروي "عيسى"، وفق ما أخبره زملاء هاني بالمدرسة، أن الأخير الذي يعمل بإحدى مدارس مدينة السليل السعودية، تعرض لحادث إطلاق نار، صباح الإثنين، على يد أحد طلابه في المدرسة الإعدادية، استقرت رصاصة في رأسه، فيما نقله قاتله الذي يبلغ 13 عاماً، بمساعدة شقيقه صاحب الـ16 عاماً، إلى مستشفى مدينة السليل، وفرا هاربين، أبلغت بعدها المستشفى زملاء هاني في المدرسة، الذين قاموا بدورهم بإبلاغ الشرطة، فيما قامت أسرة الطفلين بتسليمهما إلى الشرطة، حسب ما يقول "عيسى"، لمصراوي.
بحلول الظهيرة، دخل المدرس المصري إلى المستشفى في غيبوبة تامة، يعاني من نزيف حاد في المخ. حاول أطباء المستشفى جهدهم إيقاف النزيف، أدخلوه غرفة العمليات "قالوا محتاج عملية كبيرة وإمكانات المستشفى لا تسمح، الطبيب المعالج مقدرش يتدخل جراحياً وقال إنه حاول يوقف النزيف إلى حد ما لكن ما زال فيه تجمعات دموية كبيرة جدا في المخ والرصاصة موجودة"، فتواصلوا مع مستشفيات منطقة وادي الدواسر القريبة، لكن دون جدوى "المستشفيات قالوا نفس الكلام العملية كبيرة وإمكانياتنا لا تسمح"، حتى تقرر نقله إلى إحدى مسشفيات الرياض، التي وافقت على استقباله، وفق رواية عيسى سعد، عم المدرس المصري.
تحركت سيارة إسعاف مجهزة لنقل المدرس المصري، صاحب الـ35 عاماً، إلى مستشفى الإيمان بالعاصمة السعودية، قطعت طريقاً يبلغ نحو 600 كيلومتر، حتى وصلت في المساء إلى وجهتها، أجريت له عملية جراحية، واستمر داخل غرفة العناية المركزة، حتى رحل متأثراً بإصابته عصرالإثنين، وفق رواية عدد من أقاربه وأصدقائه الذين تحدثوا لمصراوي.
رحل المدرس المصري، ابن قرية النزلة، بمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، تاركاً وراءه زوجة وطفلين، إياد الأكبر صاحب الثلاث سنوات، وأنس الذي لم يتجاوز عمره عاماً ونصف العام. صدمة وفجيعة كبرى، قتل رب الأسرة بعد نحو 10 سنوات عمل خلالها مدرساً بالسعودية، دون ضجيج أو إثارة مشكلات "هاني من الناس الكويسة، سمعته طيبة وأخلاقه عالية، ولم يعتد الخناق مع أي طالب أو أي شخص، وبقاله سنين عمره ما عمل مشكلة واحدة"، يقول عيسى بحزن.
يرسم عبد الله عبد الوهاب ابن عم "هاني" صورة للمدرس الراحل :"كان شخصاً بشوشاً، محبّ للناس، وكل الناس تحبه، لما كان بينزل أجازات كان بيتطوع إن يدي الأطفال دروس إنجليزي مجاناً، وبيحفظهم قرآن، وكان بيحب الأطفال ويجبلهم هدايا، ويتعامل معاهم بأسلوب هادي لا يعرف العنف، كان مؤمن بمسألة إن المكافأة أفضل من العقاب، وكان محبوب من كل طلابه وتلاميذه الأطفال".
ولد هاني في أسرة متوسطة، هو الأكبر سناً بين إخوته السبعة، كانت بصماته واضحة فيما يتعلق بشؤون عائلته، يقول عبد الله لمصراوي. فيما يُبدي حزناً على حال أسرة الراحل الصغيرة، زوجته وطفليه الذين صاروا بلا عائل. حرم الصغيران منه مبكراً، لم تكد حياتهم في كنفه تبدأ بعد، حتى فارق الحياة مقتولاً على يد طفل يكبرهما بنحو 10 سنوات، يذكر عبد الله "قبل ما يسافر كان شغال بالعقد، ومش متعين في وزارة التربية والتعليم، فمالوش معاش".
خلال الأيام الماضية، كانت أسرة المدرس القتيل، تتابع تفاصيل الحادث مع السفارة المصرية بالرياض، يقول محمود هاشم، أحد أقارب الراحل الذي أقام معه بالمستشفى "السفارة بتتابع معانا بالتليفون علطول، وكان فيه مندوب من السفارة موجود يوم الحادث، وأكد وقال مش هنسيب حقه، وكلنا ثقة في بلدنا وسفارة بلدنا، وفي القضاء السعودي إنهم يقفوا معانا ويجيبه حقه. ده مصري مغترب تعرض للقتل على يد طالب في المرحلة الإعدادية"، فيما يأمل "عيسى" أن يجد هو وذوي القتيل إجابات عن أسئلتهم العالقة "إزاي الواقعة حصلت وإيه السبب بالظبط. وقبلهم إن حقه يرجع".
الآن، يرقد جثمان المدرس المصري القتيل في مستشفى الإيمان بالرياض، يتابع "عيسى" إجراءات ما بعد الوفاة وإنهاء التصاريح والأوراق اللازمة لنقله كي يدفن بمسقط رأسه، فيما تجمّع ذويه وأهالي قريته أمام منزله لمواساة العائلة في مصابها الجلل، في الوقت الذي أصدرت فيه وزارة الدولة للهجرة بياناً أكدت فيه ثقتها بالقضاء السعودي، وأشار إلى أن الجاني سينال جزاءه.
وعلقت وزيرة الدولة للهجرة نبيلة مكرم بثقتها بالقضاء السعودي، مشيرة إلى أن الجاني سينال جزاءه وفقاً للقوانين الحاكمة في المملكة، فيما ذكرت الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء على "فيسبوك" أن القنصلية العامة المصرية في الرياض مستمرة في التواصل والتنسيق مع السلطات السعودية المعنية لسرعة إنهاء كافة الإجراءات اللازمة لنقل الجثمان في أسرع وقت ومتابعة سير التحقيقات.
فيديو قد يعجبك: