"غُمة وانزاحت".. مشاهد من رجوع مصريي "ووهان" بعد الحجر الصحي
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
كتب - إشراق أحمد وشروق غنيم ومحمد زكريا:
تصوير - شروق غنيم:
لم تصدق أماني ضاحي أن الأربعة عشر يومًا انقضت أخيرًا وأنها على بُعد عدة ساعات لرؤية زوجها المهندس محمد بلال، العائد من مدينة ووهان الصينية، والذي أمضى في الحجر الصحي نحو أسبوعين ضمن نحو 369 مصريًا. يخبرها جيرانها: "معقول الأيام عدت بسرعة كدة؟"، في حين أنها شعرت وكأنهم دهرًا.
وكأنها ليلة العيد استعدت الأم لثلاثة أبناء وأعدت أكلته المفضلة، ثم بدأت رحلتها من القنطرة شرق بالإسماعيلية قدومًا إلى ميدان عبدالمنعم رياض في وسط القاهرة لاستقبال زوجها رفقة صديقه "ميسرة"، فيما أبت اصطحاب الأبناء خوفًا عليهم من مشقة الطريق.
وصلت أماني قبل زوجها بقرابة تلاث ساعات لم تنقطع فيها مكالمته، تستفسر عن عدد الساعات المتبقية، ما هي وِجهته الحالية، تشتاق للحظة لقياه بينما تفكر بأن تأخيره يعني أنه سيعود إلى منزله متأخرًا "والولاد قاعدين مستنيينه خايفة يناموا"، فيما تعرف أن أكثر ما ينتظره الأب "يشوف ابننا الصغير لأن سافر قبل ما يتعود عليه".
فطن أطفال بلال لما يجري، سألها ابنها الأكبر قبل عودة الأب "ماما هو إيه كورونا اللي عند بابا ده ؟!"، فيما أخذت تشرح الأم لتطمئن أولادها "الناس حوالينا كانوا بيهولوا الموضوع"، بينما فاجئها حينما أنهى صلاته وقال لها ببراءة "أنا دعيت إن كورونا ميأذيش بابا"، وقد كان.
مع السادسة والنصف مساءً وصلت ٦ حافلات تحمل المصريين، فيما سبقها تأمين من قِبل رجال الشرطة، وتوافد الأهالي والمعارف.
وسط ميدان عبدالمنعم رياض؛ لم يمنع المهندس ميسرة نفسه من تأمل تصاريف القدر، ففي لحظة كان من الممكن أن يصبح داخل تلك الحافلات مارًا بتجربة الحجر الصحي مثل رفاقه، لكن "فُسحة" كانت نجاته هو وزوجته مما جرى.
قبل انتشار فيروس كورونا في ووهان وعزل المدينة بيومين، سافر ميسرة برفقة زوجته إلى تشنجهاي للتجول "كانت أجازتنا فقولنا نشوف بلد مختلفة"، وما لبث أن أغلقت ووهان بما فيها، فصارت العودة إلى هناك انتحارًا "حاولنا لأن حاجتنا هناك، مكنش معانا غير شوية لبس بس طبعًا اترفض"، قرر مد إقامته بالمدينة السياحية "فضلنا 10 أيام هناك لحد ما الفلوس قربت تخلص وكورونا خطورته بتزيد فقررنا ننزل مصر".
عاد المهندس الثلاثيني سليمًا، يحمد الله أنه خرج من ووهان قبل الأزمة، فيما كان خير ونيس لرفاقه العالقين هناك، وحتى بعد وضعهم في الحجر الصحي بمصر، وحين انتهت المدة كان لزامًا عليه المجيء للترحيب بهم "وارد جدًا أكون مكانهم لولا إن حظي كان حلو".
"دول الناس اللي جاية من الصين" كانت الإجابة على مشهد الحافلات الموحدة المقبلة نحو ميدان عبد المنعم رياض في تتابع.
اعتلت الفرحة وجوه المنتظرين من الأهالي، فيما كان الإرهاق من نصيب ملامح العائدين.
٥ ساعات في الطريق إلى القاهرة، يزيد عليها محمد علي نحو ساعتين أخرى كي يصل إلى منزله في بني سويف، لكن ذلك كان هينًا عليه. لم يعد يفكر الباحث في جامعة ووهان للتكنولوجيا سوى في أن زوجته وابنتيه عدن بلا مصاب "جبتهم بعد سنة ليا لوحدي في الصين ومش هيروحوا تاني لو الدنيا اتعدلت هبقى ارجع أنا بس".
ضغط نفسي أصاب "علي" حتى مع نهاية اليوم الرابع عشر للحجر الصحي للعودة إلى أسرهم، لا يتوقف عن الحمد على الرجوع، بينما يحمل ابنته التي غطت في النوم.
حقائب سفر ملأت ساحة موقف عبد المنعم رياض، كلمات ترحيب، أحضان، وشوق طويل هدأ باجتماع الغائبين.
بلهفة قفز صغير من إحدى الحافلات مرتميًا في أحضان جدته "أخيرًا شوفت ستو"، قالها بصوت عالي فيما عانقت ذراعيه جدته، كان العودة لمصر دربًا من الخيال بالنسبة لأميرة سامي، اعتقدت أنها ستظل رهن ووهان "مكنتش مصدقة إني هاجي مصر لأهلي تاني".
دفء اللقاء بعد انتظار ثقيل طغى على برودة حلت مع المغيب؛ ما إن رأت آية محسن أبيها حتى صرخت "بابا.. بابا". نحو عام ونصف لم تر الباحثة الزراعية أسرتها، منذ قدمت آخر مرة لولادة طفلها أبو بكر، لكن ما مر هذا الشهر كان وقعه أصعب عليها، حتى أنها تذكر كم تضاعفت اتصالاتها بأسرتها "في الصين بكلمهم مرة في الأسبوع لكن وأنا هنا جنبهم لغاية النهاردة كنا على الأقل بنتكلم مرتين في اليوم".
منذ وصول الحافلات ولم يتوقف رنين الهواتف، حال أحمد نجاح، استمر الباحث في استقبال المكالمات بينما يقف منتظرًا رفقة تقله للمنزل مع زوجته إيمان وطفلته ميرال.
فيما تأكد شعور الأب بالأمان منذ عاد إلى مصر وهدأ الارتباك بشأن الإصابة بفيروس كرونا، لكن ثمة قلق لازمه "كان المفروض اناقش الدكتوراه في شهر ٥ دلوقت مش عارف الدراسة هتمشي إزاي". ٤ سنوات مضت على نجاح في الصين انتهت قبل ميعادها بثلاثة أشهر، ولم يعد سوى التواصل الإلكتروني، غير أن سعادته بالوصول بأسرته سالمة ورؤيته عائلته يعيده لأمانه النفسي بعيدًا عن أي خاطر آخر يراوده.
داخل عربة "سوزوكي"، كان الانتظار ينهش والدة مروان عادل حتى رأته، عاشت السيدة أيام وليالي صعبة، من وقت أن علمت بتفشي فيروس كورونا المستجد في مدينة ووهان.
لم تتخل الأم عن مهاتفة ابنها طوال أيام الأزمة، ولا تملك غير الدعاء، إلا أن علمت باستعداد مصر لإجلاء المصريين "كنت بتفرج على التلفزيون، أول ما عرفت أنهم هيرجعوا، سجدت وقعدت أعيط"، ليعود الابن إلى الحجر الصحي في مدينة مرسى مطروح "أرتحت آخر راحة، ورغم أنه واحشني، مكنتش تعبانة، إنشالله يقعد شهر المهم أنه بأمان".
ما إن استقبلت الأم ابنها، احتضنته بينما تقول: "النهاردة عيد"، قبل أن تستعد الأسرة للعودة إلى بنها "مجهزين له في البيت محشي وحمام".
مع الثامنة مساءً؛ انفض الجمع، وعاد ميدان عبد المنعم رياض، لمشهده المعتاد، ورغم لهفة العائدين للعودة إلى منازلهم، لكن أسماء شكري لم ترد للوقت أن يتقدم، فالفتاة العشرينية كونت صداقات خلال قضاء مدة الحجر الصحي بمرسى مطروح، وفي اللحظة التي تحتضن أسرتها مرحبا بها، تودع أيضًا أصدقاء كونتهم "بقى لي صحاب كتير على حِس كورونا".
فيديو قد يعجبك: