الهروب من "كورونا".. تفاصيل الليلة الأولى للمصريين العائدين من "ووهان"
كتب- محمد مهدي وأحمد جمعة:
لم تكن ليلة عادية، حينما وصل الدكتور أحمد جويدة إلى مطار العلمين بمصر، ضمن 302 مصري عادوا من "ووهان"، أدرك أنه يعيش ساعات استثنائية في حياته، رعاية كاملة شملتهم من قِبل وزارة الصحة والمسؤولين في المطار، قبل أن يغادروا جميعا في عدد من الحافلات في طريقهم إلى فُندق خُصص لهم للعيش داخله لنحو 14 يوما "كنا مرهقين بس حاسين بالأمان إننا وصلنا بلدنا" يقولها جويدة لمصراوي.
قبل أن يلتقط أنفاسه، اندفع "جويدة" إلى الهاتف للحديث مع أسرته "كلمت زوجتي وأولادي أطمنهم عليا، والدي ووالدتي وإخواتي، كانوا بيعيطوا مش مصدقين إني وصلت بالسلامة" عرضوا عليه بسلامة نية المجيء إليه في مرسى مطروح للاطمئنان على صحته "قولتلهم صعب حد يقابلنا أو نحتك بيه لحد ما فترة الحجر تخلص" حينما أنهى أحاديثه استقبل كم هائل من الاتصالات الأخرى "من الأساتذة في الجامعة وأصحابنا، كانت محاولة منهم لدعمنا نفسيًا عشان منبقاش حاسين بالوحدة أو الضيق" بينما وصلته حقيبته من المطار.
على نفس المنوال، كانت تلك المشاعر تداعب الدكتور مصطفى أبوالعز، وهو الذي قضى عدة شهور داخل إحدى الجامعات في ووهان، أصعبها تلك التي انتشر فيها فيروس كورونا فحوّل "مدينة الجمال" إلى أشباح. للمرة الأولى منذ شهر يلمس الاطمئنان قلبه بعد أن نام ليلته الماضية في بلده، تقلصت مخاوفه، وعلى بعد أيام قليلة من العودة لحياته الأولى "حسيت بالاطمئنان نوعا ما عن الأيام في ووهان، اللي كان فيها قلق من الإصابة بالفيروس".
كان النوم يداعب الجميع، لكن حضرت اليقظة حين استقرت الحافلات أمام الفندق المخصص لهم "مكان مريح، مجموعة من المباني بتطل على البحر، الأسر سكنوا في مباني خاصة بيهم، وإحنا- الأفراد- اتوزعنا في مباني تانية" كُل أسرة تعيش في جناح أشبه بشقة، والأفراد تم تسكين كل شخصين في جناح "عبارة عن أوضتين كبار وصالة كبيرة فيها تلفزيون وانتريه ومطبخ وحمام" حين دخل إلى غرفته وجد في انتظاره "السرير جاهز ودولاب جواه ملابس لينا" أيضًا مجموعة من الأطعمة وأدوات تعقيب وكمامات "عشان نلبسها وإحنا بنتحرك بره الغرف" فضلًا عن هاتف محمول داخله "خط مصري شغال".
رغم حاجته إلى النوم لكن حرص الشاب الثلاثيني على التواصل مع اثنين من المصريين في "ووهان" لم يتمكنا من العودة معهما إلى مصر لارتفاع درجة حرارتهما "كانوا متابعينا لحظة بلحظة، واطمنت عليهم إنهم بخير، درجة حرارتهم نزلت ورجعوا تاني لمساكنهم في ووهان" يتمنى "جويدة" أن تزول الأزمة سريعًا ويخرجان قريبًا من هناك "كلمنا كمان زمايلنا من الجزائر وليبيا اللي مشيوا معانا في طيارات لبلادهم" أيضًا من خلال موقع التواصل الاجتماعي الصيني "وي تشات" بعث برسائل إلى زملائه من الصينين في الجامعة للاطمئنان على الوضع في المدينة المنكوبة "عرفت إن المدينة بقيت تحت سيطرة الجيش وتم منع الحكومة إننا تتصرف من خطورة الموقف".
مضى أكثر من 36 ساعة دون نوم، لذلك دون أن يشعر عند حلول الساعة الثانية فجرا غاص في نوم عميق، في الوقت نفسه حاول رفيقه في السكن الدخول إلى الشقة لكنه فشل "فضل يخبط عليا ساعة عشان أفتح بس أنا في سابع نومة" شعروا بالقلق عليه، سرت حالة من الارتباك في المكان خوفا عليه، تم استدعاء المسؤولين بالمكان والأمن، انطلقوا إلى الجناح سريعًا "كسروا الباب عشان يدخلوا يطمنوا عليا" وجدوه في حالة سبات "صحيت لقيتهم كلهم في أوضتي كنت مستغرب لحد ما فهمت الزحمة دي في أوضتي ليه" طار النوم من عينيه وقضى ساعات مع زملائه في تلك الليلة الطويلة.
دار الحديث عن "الفيلم اللي إحنا عشان فيه جوه ووهان" تحول المكان الهاديء إلى مدينة للأشباح، الأيام القاسية التي مرت عليهم بينما يسقط كُل يوم مريض جديد في "ووهان"، الخروج من هذا الكابوس شعورهم بالفخر لاهتمام الدولة المصرية بهم وتخصيص طائرة لهم من أجل نقلهم إلى الوطن "دا أثر في نفسيتنا، وعمل انطباع عن الصينيين قد إيه احنا مهمين في نظر بلدنا" تسامروا حول المواقف التي جرت في الطائرة خلال وجودها في السماء "لحظة ما أعلنوا إننا في الأجواء المصرية الناس كانت بتحضن بعض زي فيلم الطريق إلى إيلات بالظبط" قبل أن يغرق في النوم لتنتهي ليلته الأولى في مصر بعد عودته من الصين.
خضع "أبوالعز" ضمن باقي المصريين للعديد من الفحوصات الطبية قبل الصعود إلى طائرة العودة، وهي ما تكررت عند الوصول إلى مطار العلمين. قياس لدرجة الحرارة، ثم فحوصات أولية للتأكد من سلامته بشكل تام من أي أعراض لكورونا. "الجميع كان بخير" حسبما قال، لينطلقوا بعد ساعات كمجموعات في حافلات إلى الفندق الذي تم إعداده كمعسكر طبي خصيصًا لهم.
يوم العودة كان صعبًا عليه بطبيعة الحال بعد ساعات السفر الطويلة وإجراءات الفحص المتكررة "اليوم كان صعبًا، لكن هذه الصعوبة لا تقارن بأي قلق في ووهان"، قبل أن يصل إلى الفندق بحلول الساعة 11 مساءً، ووقتها بدأ توزيعهم على غرف الإقامة وتسليمهم أدوات الإعاشة "الدكتور علاء عيد رئيس قطاع الطب الوقائي قعد معانا وأشرف على تسكيننا في غرف الفندق، وكلمونا عن الإجراءات الوقائية لحين الاطمئنان بشكل كامل على سلامتنا".
بعدما شاهد "أبوالعز" غرفته المجهزة، تسلم عددًا من الأدوات "أدونا هدوم جديدة وموبيلات ومطهر كحول وجل منظف"، لكنهم لا زالوا جميعًا يرتدون الكمامات الطبية "خدنا علبة كمامات نلبسها، الجميع هنا يرتدي كمامات، الأطباء والموظفين والعمال جميعًا بالفندق".
طمأن العائدون أسرهم على استقرار إقامتهم في الفندق، على أمل أن يلتقوا بهم بعد انتهاء فترة الحجر أي بعد 14 يومًا "اطمنا على أهلنا، لكن ممنوع الدخول أو الخروج حالياً"، لكنه على غير المتصور يعيش حياة طبيعية "الدنيا لطيفة واستقبال الناس كان كويس جدًا، بننزل تحت وفيه رياضة وما نطلبه يتم توفيره"، آملًا أن يعود الجميع سالمين إلى أسرهم.
فيديو قد يعجبك: