بعد تطويره.. حكايات 5 مرضى داخل معهد السمع والكلام
كتب - محمود عبدالرحمن:
صباح أمس الاثنين، اصطحبت صابرة نجم الدين طفلها - الذي يعاني من إعاقة سمعيه وكلامية- إلى معهد السمع والكلام، بمنطقة إمبابة بالجيزة، لحضور إحدى جلسات التخاطب الدورية، التي يواظب عليها بعد إجرائه جراحة "تركيب قوقعة بالأذن"؟
تميزت هذه الجلسة عن غيرها بإجرائها بالمبنى الجديد للمعهد الحكومي الذي خضع لعملية تطوير على مدار العامين الماضيين. "أول مرة يكون المعهد مش زحمة ومفيش دور وانتظار"، تقول الأم التي تتردد على المعهد منذ 10 سنوات، فالإعاقة التي يعاني منها ابنها الذي كان بصحبتها، هي نفس الحالة المرضية التي يعاني منها شقيقه الأكبر، الذي تصاحبه حتى اليوم في رحلة العلاج إلى المعهد ذاته.
خلال فترة الترميم والتطوير، "كانت عيادة واحدة اللي شغاله طول العامين، وكان في عليها طوابير ولازم نيجي بدري علشان نحجز دور"، تحكى صابرة: لو في تحليل أو فحوصات مطلوبة، كنت أتردد على المعهد أكثر منه مرة في الأسبوع، لأن يومًا واحدًا لا نستطيع فيه الكشف وإجراء الفحوصات الطبية معا، فنضطر لزيارة المعهد أكثر من مرة.
قدر الدكتور محمد صلاح الدين رئيس الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية تكلفة عملية التطوير والترميم بـ150 مليون جنيه.
وشملت أعمال التطوير رفع كفاءة وزيادة العيادات الخارجية بمختلف التخصصات وتجهيزها بأحدث الأجهزة؛ لتشخيص أمراض السمع والاتزان بأحدث الكبائن المعزولة لضمان دقة التشخيص، وتفعيلها بنظام الاستدعاء الإلكتروني المزودة بشاشات رقمية؛ لتنظيم عمليات دخول المرضى للكشف حسب أرقام التسجيل، بحسب، رئيس الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية.
في ساحة استراحة المرضى المواجهة للعيادات الخارجية، كانت فادية عبدالمعطى، تنتظر دورها للكشف على ابنتها، تقول الأم التي تتردد على المعهد منذ 6 أشهر، "كنت أقف في طابور على العيادة علشان أحجز دور، لكن نظام الأرقام حلو كل واحد ليه دور والانتظار محدود بعكس الأول".
ترى "فادية" التي جاءت إلى المعهد الحكومي من محافظة بني سويف، لإجراء كشف قياس سمع لطفلها، ومطابقته بالسماعة التي يرتديها؛ نظرًا لانخفاض تكلفة الكشف بالمعهد مقارنة بسعره بالعيادات الخاصة، حيث يصل إلى 400 جنيه، ولا يتوافر بها الإمكانيات التي تتواجد بالمعهد.
الخدمات الطبية التي قدمها المعهد المتخصص في إجراء العمليات الجراحية وتركيب القوقعات للمرضى لا تقتصر على تكلفة العلاج المخفضة، ولكن تمتد على العلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحي للمواطنين بدون أي مقابل مادي، حيث يجري المعهد ما بين 3 آلاف لـ3500 عملية جراحية سنويا، بمتوسط 12 عملية أسبوعيًا، كما يقول مدير المعهد الدكتور أحمد مصطفي.
يعتبر المعهد القومي للسمع والكلام الذي أنشئ عام 1968، أول معهد في الشرق الأوسط لعلاج أمراض السمعيات وإجراء عمليات ومناظير الأنف والأذن والحنجرة بمختلف أنواعها، كانت قوائم انتظار المرضي تمتد لفترات قد تطول في بعض الأحيان وتمتد إلى شهور، كما حدث مع صابرة نجم الدين التي انتظرت 5 أشهر حتي يتم تحديد موعد لإجراء العملية الجراحية لابنها الأكبر. بينما محمد صبحي القادم من مدنية أبوحماد بمحافظة الشرقية، يقول"انتظرت أكثر من عام لتركيب قوقعة ابنتي روفيدة"، لا يشغل بال الرجل التطوير الذي بات عليه المعهد، لا يعنيه سوى توفير الخدمة التي يحتاجها.
يقول الدكتور أحمد مصطفي مدير المعهد أن قوائم الانتظار سوف تختفي من قاموس المعهد خلال السنوات المقبلة، موضحا أن المعهد يتردد عليه يوميا من 600 إلى 800 مريض من جميع أنحاء الجمهورية.
قبل 5 سنوات، اتخذ محمد قراره بتركيب قوقعة لطفلته روفيدة، بعدما أخبره الطبيب المعالج لابنته بمحافظة الشرقية، بأنها تحتاج تركيب قوقعة. قصد معهد السمع والكلام للبدء في إجراءات تركيبها وعمل التحاليل والفحوصات من قياس سمع ثم خضوع الطفلة إلى لجنة طبية انتهت بتركيب القوقعة لابنته على نفقة التأمين الصحي "الحالة مكنتش تسمح إن اعملها على حسابي" يقولها محمد.
لكن المشكلة التي واجهت الأب: "بعد سنتين من تركيب القوقعة رجعت مش بتسمع تاني"؛ ليعود بها إلي المعهد، ويخبره الطبيب بضعف بطارية القوقعة وضرورة التوجه إلى المركز الطبي الذي ورد القوقعة للتأمين الصحي لشراء قطع الغيار، يقول: "لما سألت عرفت إن البطارية سعرها 4 آلاف جنيه، ومضطر أجيبها مينفعش أسيب بنتي كده"، لذا يتمنى الرجل "قطع الغيار تكون ببلاش، وأن تتحمل وزارة الصحة تكلفة تركيب قطاع الغيار للمرضى، نظرًا لارتفاع سعرها".
يقول الدكتور أحمد مصطفي، مدير المعهد، إن تركيب قطع الغيار من اختصاص المراكز الطبية التي تورد السماعات للتأمين الصحي، وذلك بناء على تعليمات وزارة الصحة، لا تدخل ضمن التأمين الصحي، موضحا أن الخدمات المقدمة للمرضى سواء الكشف أو إجراء العملية أو تركيب القوقعة والتي يصل سعرها إلى 110 آلاف جنيه، يتم تقديمها مجانًا من خلال التأمين الصحي أو على نفقة الدولة.
على باب عيادة اختبار الذكاء، وقف فرج علام، بجانب طفله وزوجته استعدادا للدخول إلى الطبيب، بعدما نصحته المدرسة التي يدرس بها نجله بضرورة إجراء كشف طبي "اختبار ذكاء" بأحد المستشفيات الحكومية لمعرفة سبب تدنى مستوى الطفل في الاستجابة للمدرسين، "الخدمة هنا كويسة يا ريت كل المستشفيات تكون كده" يقول فرج، الذي جاء للمعهد بترشيح من أحد أقاربه أكد له أن الإمكانيات والأجهزة المتواجدة بالمعهد تجعله في صدارة المستشفيات الحكومية.
فيديو قد يعجبك: