إعلان

أولياء الأمور في امتحان كورونا: «نودي عيالنا المدارس ولا لأ؟»

10:26 م الأربعاء 11 مارس 2020

طلاب مدارس- أرشيفية

كتب - عبدالله عويس:

هم فلذات أكبادها، وما يضرهم يضرها، ولذلك تملكت الحيرة من هداية محمد، قبل أيام قليلة من بدء الفصل الدراسي الثاني، فلها 3 أبناء في 3 مراحل تعليمية مختلفة، والأنباء المتداولة عن فيروس كورونا تخيفها، ليكون قرارها حاسمًا بإرسال أولادها للمدرسة متسلحين بأقنعة وقائية ومطهرات، غير أن اكتشاف مصر أول حالة مصابة بالكورونا ثم الحالات الأخرى غير ذلك كله.

في الـ9 من فبراير الماضي؛ أرسلت هداية أولادها الـثلاثة لمدارسهم، نصحتهم بالابتعاد عن أي زميل لهم عليه أية أعراض مرضية، وألا يستخدموا أدوات غيرهم، وأن يغسلوا أيديهم بين كل حصة وأخرى، فالأنباء عن فيروس كورونا المستجد، لا تزال تشغل العالم ولم تكن قد وصلت مصر بعد، فكان الاهتمام مُنصبّ حول الصين التي انتشر المرض منها في ديسمبر الماضي، قبل انتقاله لدول أخرى عربية وأجنبية، ليتحدث عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حول تأجيل الدراسة، وكان وزير التربية والتعليم قد أعلن في تصريح تلفزيوني أنه لا يوجد ما يقتضي تأجيل الدراسة قائلا: «معندناش حاجة تقتضي حالة من الهلع اللي تسببت فيها السوشيال ميديا لا في تأجيل دراسة ولا في حاجة تقتضي تأجيل الدراسة». لكن بإعلان مصر في 14 فبراير الماضي اكتشاف أول إصابة لديها بفيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، تضاعف قلق السيدة، وزادت نصائحها وتحذيراتها لأولادها الـ3، لكن الحالات التي اكتشفت فيما بعد دفعتها لأخذ القرار بمنعهم الذهاب إلى مدارسهم بدءا من الأحد الماضي: «لما سمعت عن إصابات المركب اللي في الأقصر، قلقت بصراحة وقلت مش مشكلة لو قعدوا يومين».

2020_2_9_11_37_16_863

لا تملك هداية حسابًا على مواقع التواصل الاجتماعي، تلك التي يتناولها وزير التربية والتعليم بالانتقاد، إذ يتناول فيها عدد من أولياء الأمور أحاديثًا تتعلق بفيروس كورونا ومستقبل أولادهم في المدارس، ومطالبات بعضهم إعلان تعطيل الدراسة مؤقتًا، خشية انتشار المرض، فالسيدة التي تذهب إلى أولادها في مدارسهم تلحظ الكثافة المرتفعة في الفصول، وما تمثله من خطورة عمومًا، ولذلك لم تجد مانعًا من اتخاذها القرار الذي وافق عليه زوجها دون تردد: «وبعدين وصلنا دلوقتي لـ60 حالة في مصر، فده مخوفني، ممكن أطلع غلط في الآخر بس مش قادرة أجازف بيهم».

في مصر 22 مليون طالب في مراحل ما قبل التعليم الجامعي، موزعين على 54 ألف مدرسة، وتصل كثافة الفصل في المرحلة الابتدائية إلى 50.61 طالبا، بينما تقل النسبة في المرحلة الإعدادية لتصل إلى 46.62 طالبًا، وتصل إلى 40.89 طالب في المرحلة الثانوية، وذلك وفقًا للإحصائيات التي نشرتها وزارة التربية والتعليم لعام 2019 -2020.

ورغم كثافة الفصول المدرسية، والتي يصل متوسطها في المرحلة الابتدائية إلى 50.61 طالبا للفصل، إلا أن وزارة التربية والتعليم أوصت بضرورة الحفاظ على مسافة متر بين الطلاب، ضمن توصيات أخرى، للوقاية من كافة أمراض الجهاز التنفسي. أمر بدا مستحيلاً لهداية ولأطفالها الثلاثة: «الدكة الواحدة بتشيل 3 عيال، فمتر إيه بقى اللي الوزارة بتتكلم عليه» بينما يرى طارق محمد ولي أمر طالبين بأحد مدارس القاهرة أن «أمان عيالي وصحتهم أهم من التعليم.. دي مفيهاش تجربة» وردًا على سخرية البعض على تلك التوصية، رد وزير التربية والتعليم عليها في تصريح تلفزيوني: «خلاص يا سيدي متقفش متر.. اقف ربع متر.. بوس زميلك» موضحًا أنه تم الاتفاق على 20 إجراء للمدارس بالتعاون مع وزارة الصحة، للحفاظ على الصحة العامة، وعلى الطلاب تطبيق أكبر قدر من تلك الإجراءات: «لو تقدر سيب المسافة، متقدرش انتهينا، بص على الـ19 التانيين».

باكتشاف حالات أكثر مصابة بفيروس كورونا المستجد كانت المطالبات على مواقع التواصل بتعطيل الدراسة قائمة، وكانت تصريحات الوزير واضحة برفض تلك الرغبة، بينما وجهت الوزارة ثم أصدر مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، توصيات خاصة للدول التي تشهد انتقالا داخليا لفيروس كورونا المستجد، في الـ9 من مارس الجاري، بجواز أن تأخذ في اعتبارها التفكير في إغلاق المدارس، وتعليق الدراسة، وإلغاء التجمعات الجماهيرية العامة، والمناسبات المشابهة بهدف تقليل نسبة التعرض للإصابة، ليعلن مجلس الوزراء المصري في نفس اليوم تعليق جميع الفعاليات التي تتضمن تجمعات كبيرة للمواطنين لحين إشعار آخر، وبينما اعتقد البعض أن القرار سيشمل الدراسة، بسبب كثافات الفصول، خرج وزير التربية والتعليم في مداخلة تلفزيونية ليؤكد أن المنظومة التعليمية لا تُدار بالسوشيال ميديا: «الإصابات نصف في المليون ولا تقتضي كل هذا الهلع».

0

لدى طارق طفلين في مرحلتين تعليميتين، بأحد مدارس القاهرة، وكان قراره بغياب أولاده عن المدرسة لا رجعة فيه: «من أول ما قالوا كورونا وأنا واخد القرار، مش هجرب في عيالي».

القرار الاختياري لعدم ذهاب الطلاب إلى المدارس كان واضحًا لدى إحدى المدرسات التي لاحظت غيابًا في صفوف الطلاب مؤخرًا، ووفقًا لها فإن الخوف من العدوى نتيجة كثافة الفصول السبب في ذلك: «الطلاب حرفيًّا لم يحضر أحد، نسب الغياب كبيرة جدًا، بعد ما زادت الأخبار عن كورونا» وهي مدرسة لمادة اللغة الإنجليزية بالمرحلة الإعدادية بمحافظة القليوبية. بينما تؤكد مدرسة أخرى بإحدى مدارس المرحلة الابتدائية بالجيزة، أن نسب الغياب تخطت الـ50% من طلاب المدرسة.

رغم خوف بعض الأسر وقرارهم ببقاء أطفالهم في المنزل، والاعتماد على الدروس الخصوصية، لا سيما بعد وصول حالات الإصابة بالفيروس 67 شخصا، إلا أن آخرين يرسلون أولادهم للمدارس مثلما تفعل سما سعيد، لكنها نفذت تعليمات الوزارة حين بدى على ولديها التعب، فأجلستهما في المنزل: «لكن مش مقعداهم عشان كورونا، ولما يخفوا هرجعهم». بينما ترسل إيمي عصمت ابنها، الذي يدرس في الصف الخامس الابتدائي إلى مدرسته في التجمع، وتمنحه كل أساليب الوقاية وتنصحه كل النصائح التي تعرفها، رغم يقينها أنه لن يطبق أكثرها: «بقوله استعملت الأدوات اللي جبتهالك يقوللي نسيت». طيلة بقائه في المدرسة تخشى إيمي على ابنها التعرض لأي عدوى عمومًا، لكنها في الوقت نفسه تهتم لدراسته، ولا تعطيه دروسا خصوصية: «وبالتالي ذهابه للمدرسة أمر ضروري بالنسبالي».

كان الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، قد قال في تصريح تلفزيوني إيقاف الدراسة تمت مناقشتها في مجلس الوزراء بشكل مستفيض، ولا نية لتعليق الدراسة، قبل أن يوضح أن بالعالم 193 دولة بينهم 166 دولة لا تزال الدراسة تسير فيها بشكل كامل. مشيرا إلى تعليق بعض الأنشطة بالمدارس كالتربية الرياضية والموسيقى بهدف تقليل التجمعات.

وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، قد صرح خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم الأربعاء، إنه يمكن تصنيف فيروس كورونا المتحور (كوفيد-19) بأنه وباء عالمي، واصفًا إياه بأنه «جائحة عالمية».

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان