الخير مردود من الصين... دليل للمصريين لمكافحة "كورونا" وتبرع بـ"كمامات" وكلور
كتبت-إشراق أحمد:
حين تبرع أحمد السعيد للصين بنحو ألفين كمامة، مطلع الشهر المنصرف، لم يتخيل أن تواجه مصر وباء كورونا المستجد، ولا أن يسترد في غضون شهر جزيل ما صنع؛ فما إن كتب مؤسس بيت الحكمة للثقافة عن بلوغ فيروس "كوفيد 19" مصر، حتى سارع أصدقاؤه الصينيين –كما فعل- لتقديم المساعدة، واليوم أصبح لدى الشاب المصري ومؤسسته دليلاً مجانيًا للجميع لمكافحة "كورونا"، فيما يعكف أخرون على شحن "كمامات" ومواد تعقيم للمستشفيات المصرية.
قبل أسبوعين، بعد الإعلان عن ظهور حالات مصابة بالوباء في مصر، بدأ السعيد التحرك "حبيت يكون ليا دور أساعد بيه في الأزمة". بحكم دراسته وعمله يتابع الشاب باستمرار ما يحدث في الصين، ومن تجربتهم أدرك أن التوعية أقوى وسيلة للمكافحة، لذلك سعى للتواصل مع دور نشر صينية لإمداده بمعلومات عن تعامل الصينيين مع هذا الوضع الصحي الاستثنائي، ومن ثم تجميعها كدليل وقاية للأفراد، وبالفعل أمدته الشركة الصينية لاستيراد وتصدير الكتب، بكتيب معتمد من لجنة المكافحة الطبية، ويضم كل ما يخص أساليب الوقاية من المرض.
أثناء العمل على ترجمة الكتيب المكون من 80 صفحة، كتب السعيد منشور على الموقع التواصل الاجتماعي المعروف في الصين "وي شات"، قال إن "كورونا" وصلت مصر، فيما أوقفت الحكومة المدارس ورحلات الطيران، ليجد رسالة من أحد العاملين في مركز مكافحة الفيروسات والأوبئة بمقاطعة "جيانغسو" يبدي مبادرته للمساعدة، وأرسل إلى السعيد دليلاً مصورًا شاملاً مخصص لجهات العمل "اتبرعوا بيه وقالوا لي تصرف فيه كما يحلو لك بدون أي حقوق ملكية وبعتوا لي عقد بده".
كان المركز المصنف بأحد أهم الأماكن المكافحة للأوبئة في الصين، أعد ذلك الدليل المصور، قبل أسبوع، لتوعية الصينيين الذين بدأوا العودة لأشغالهم تدريجيًا بعد العزل الصحي.
بمجرد استلام السعيد للكتيب. لم يكذب خبرًا، سارع بنشره بالعربية، أمس، عبر صفحته على فيسبوك ليكون متاحًا لمن يرغب، على أن يتم نشره باللغة العربية خلال يومين كما يقول.
(لتحميل دليل مكافحة وباء كورونا في أماكن العمل باللغة الإنجليزية)
51 صفحة تضم أدق التفاصيل الموجهة لجهات العمل كي تقي أفرادها من انتشار المرض. لم يرغب السعيد في نقل ما بها من محتوى، فقط نقحها بما فيها من تفاصيل تتعلق بالصينين، ونشرها كاملة كما حدث في الصين "الموضوع لما يبقى قدام الناس متجمع هيبقى في اهتمام أكبر"
تلقى السعيد ردود فعل إيجابية، أحدهم يقول إنه أرسله لمجموعة العمل، وأخر يخبره أن شركته ستطبعه وتوزعه على العاملين، بينما يأمل صاحب مؤسسة بيت الحكمة أن يصبح الدليل على هاتف المواطنين "أفضل من طباعته كنوع من الوقاية من ناحية"، وكذلك كي يلازمهم كمرجع إن تطلب الأمر.
لم يكتف السعيد بكتيبين من وحي التجربة الصينية، ثمة مرجع ثالث لا يقل أهمية في نظر الشاب المصري، أصدرته الجامعة الشعبية الصينية. "دليل الحماية النفسية للتعامل مع كورونا 20 سؤال وجواب". 150 صفحة أعدها نحو 20 طبيبًا نفسيًا في الصين وخرجوا بها قبل نحو شهر.
لا يحوي الدليل النفسي فقط خلاصة تجربة الصين خلال الشهور الماضية، بل "التجارب القديمة. بعد تجربة سارس رصدوا الأثر السيء اللي سابه المرض"، لهذا خرج الصينيون بالكتاب لتوعيه الشعب، وهو ما وجده السعيد ملائمًا بينما يلوح في الأفق المصري فرض العزل للحد من انتشار المرض، بعدما وصل عدد المصابين لـ196 شخصًا، بينهم 6 وفيات حسب وزارة الصحة المصرية.
يسعى السعيد لنشر الكتيب النفسي خلال الأيام المقبلة، بينما يجده أكثر إفادة بالنسبة له "لأنه مهم نعرف إزاي نشيل حالة الهلع عند الناس". التفت مؤسس بيت الحكمة، إلى كيفية استغلال الظرف العصيب بإيجابية "نعرف الناس طالما قاعدين في البيت أحنا في أمان وأننا ممكن نستغل الوقت في حاجات افتقدناها"، يشير الشاب إلى كونها فرصة لتحسين العلاقات الاجتماعية "لو جيران ممكن نقف في البلكونات في الشمس نتكلم مع بعض. نتصل ببعض".
يعتبر السعيد الظرف الراهن فرصة لعودة الحياة لمسارها الإنساني، وقد لمس ذلك، ليس لأنه صار بين يديه خلاصة تجربة بلد خلت 13 مقاطعة فيها من انتشار المرض من إجمالي 34، لكن لأنه ذاق السعادة مرة أخرى بينما يملأ الذعر قلوب البعض، فمنذ كتب منشورة عن وصول كورونا إلى مصر، ولم تتوقف الرسائل من أصدقائه في الصين، يسألون عن احتياجات المستشفيات، وعن إذا ما كان بالإماكن إرسال شحنات كمامات للمساعدة.
تأثر السعيد بشدة، كانت المبادرات جدية، حتى أن مديرة "بيت الحكمة" فرع الصين تسارع الوقت حاليًا لإرسال طرد كمامات طبية، فيما ذاب الشاب حينما تلقى اتصال من السكرتيرة الأولى في المركز الثقافي بمصر "لقيتها بتقول لي الناس اللي بعتنا لهم كمامات في الصين اشتروا طن أقراص كلور خام المستخدمة في مستشفيات العزل للتعقيم وهيبعتوها لمصر".
تسمرت كلمات الشاب المصري أمام ما يحدث، تلك المادة فعالة لكنها مكلفة ولا تتوفر بسهولة "الصين نفسها بتستوردها من ألمانيا"، فيما تمازحه الصديقة الصينية بقول "صعبان عليا المسؤولين بتوع الشحن تعبناهم المرة اللي فاتت وهيتعبوا المرة دي عشان نوصل الشحنة لمصر"، إذ يسعى السعيد أن تصل المساعدات جميعها إلى الجهات الرسمية المصرية والمستشفيات كما سبق أن فعل مع الصين.
حالة إنسانية فريدة يعيشها السعيد؛ بدأها قبل شهر بمبادرة فردية، تغافل لوم البعض له، ولم ينتظر جزاءًا ولا شكورًا، فإذا به يتلقى أكثر مما تصور "بقيت على يقين أكتر أن الواحد لما يسعى للخير هيترد له بالخير ولو بعد حين".
أقرأ أيضاً
"أوقفوا طائرة الصين الأخيرة من أجلها".. حكاية مصري أرسل "كمامات" لمواجهة كورونا
فيديو قد يعجبك: