من حجرة (5×5) متر.. 22 "رسالة إلى العالم" من فنانين مصر (صور)
كتبت وتصوير-إشراق أحمد:
ليس سهلاً أن تضع نفسك في تحدي للمرة الثانية، لكن أحمد هيمن وزوجته ريم أسامة فعلا ذلك؛ في مهرجان الجونة السينمائي 2018، بدأ المصوران مشروعًا جديدًا عليهما، قدما إطلالة مختلفة لنجوم الفن، وحظيت بانتشار واسع. كسب هيمن وريم الرهان حينها، مما دفعهم لاتخاذ القرار بتكرار التجربة مع الدورة الجديدة للمهرجان "قلنا نعمل حاجة مختلفة تركز على فكرة بعد ما ركزنا السنة اللي فاتت على المشاعر" يقول هيمن، إذ أقاما الزوجان معرض "رسالة إلى العالم" بعدما شارك 22 فنانًا في التعبير عما يخالجهم من خوف بشأن المستقبل.
في سبتمبر الماضي، خلال فترة إقامة مهرجان الجونة، في دورته الثالثة، سابق المصوران الزمن خلال 5 أيام لتنفيذ مشروعهما الذي أعدا له "السنة دي حاجات كتير حصلت حرق غابات ومواقف كتير على السوشيال ميديا وغيرها كتير فحبينا كل فنان يقول رسالة تعبر عنهم كأشخاص"، وجد هيمن وريم أن الفنانين يمتلكون قدرة غير مستغلة بالشكل الأمثل "كل حد ليه متابعين فالرسائل اللي هيقولها هتوصل بشكل كبير. كل واحد هيحس أنه عنده نفس المشكلة أو هياخد باله منها".
قبل المهرجان وجه المصوران الدعوة للعديد من الفنانين، منهم مَن سبق تصويره العام الماضي وأخرين جدد، غير أن من توافقت ظروفه كانوا 22 شخصًا.
بالصورة الفوتوغرافية و"الفيديو" أراد هيمن وريم ترجمة ما يدور بعقل "النجوم"، لكن ذلك لم يكن سهلاً؛ في غرفة صغيرة، يقدر المصور الشاب مساحتها بـ"5×5"مترًا كان مكان التصوير، فيما لا يملك المصوران سوى أدواتهما وأخرى وجدا أنه بالإمكان الاستعانة بها، إلى جانب إيمان بالفكرة ينعكس على حوارهما لتهيئة المدعوين للخروج بأفضل نتيجة.
ما إن يدخل أحد الفنانين الـ22 إلى الغرفة، حتى يجلس على مقعد خلف طاولة وأمامه رزمة من الأوراق، فيما عليه سوى أن يترك كل ما يدور بالمهرجان خارجًا، ويرتخي تحت الإضاءة الدافئة وينغمس داخل نفسه بينما يجيب على السؤال "إيه مخاوفك عن المستقبل والعالم؟".
"أول حاجة بتخطر على بالي كأم لطفلين أن أولادي يدفعوا تمن الجشع والأنانية والاستهلاكية. مش قادرة اتخيل عالم هنحتاج فيه ننقل لقارة تانية عشان نلاقي مايه" بخط يديها دونت الفنانة هند صبري عن خوفها من أزمة المياه، فيما يخشى خالد الصاوي من الظلم، أما محمد فراج سكنته الحسرة من تغير العلاقات والمحبة عما كانت، بينما تهاب سلوى محمد المرض فكتبت "بفكر إزاي البشرية بكل العلماء والأبحاث ملاقوش حل لمرض السرطان".
كلمات تُرك الفنانون لكتابتها، ثم يعيدون قراءتها على مسامع هيمن وريم، اللذين لا يكون أمامهما متسع من الوقت لترجمة الخطاب "في خلال عشر دقايق نوصل لرمز الرسالة ويبدأ أحمد ياخد صور وأنا أصور فيديو" تقول ريم، بينما يصف هيمن المشهد بـ"المرعب جدًا".
كانت الصور الملتقطة دون تحضير، حتى أن محاولة توقع ما يمكن أن تقوله الشخصيات لم يساعدهما طوال الوقت "في ناس كنت متوقعة يتكلموا عن مشكلة معينة ولقيتهم قالوا حاجة تانية خالص"، وهو ما أضاف متعة خاصة رغم المشقة كما استشعر المصوران.
على مدار نحو 10 ساعات عمل يوميًا، أمضى هيمن وريم الوقت في مهرجان الجونة، ابتغيا لقطات طبيعية "مفيش واحدة تشبه التانية" وتعبر عما تحمله نفس كل فنان، ومن بعد التنفيذ خاضا المصوران الجولة الثانية مع المشروع؛ قضيا تلك الشهور الماضية لإخراج ما بحوزتهما في شكل مختلف عما سبق "قلنا بدل ما ننزله سوشيال ميديا زي ما عملنا قبل كده. لا نعمل معرض والناس تعيش التجربة" يقول هيمن.
داخل بيت الصورة بالمعادي، المكان الذي أسسه هيمن وريم ليكون ملتقى المصورين والمهتمين بالصورة، قبل نحو أربعة أعوام. كان رد فعل أصحاب الصور مثل الزائرين "محدش فيهم شاف الصور بعد ما اتاخدت. اتفاجئوا بها"، فوقف الفنان محمد فراج مأخوذًا إلى صورته بينما يقرأ المدون أسفلها كأنه يراه للمرة الأولى وليس ما خطته يداه من قبل، وكذلك حال الفنانين مَن حضروا افتتاح المعرض في 22 فبراير الماضي.
لم يكتف المصوران بعرض الصور بشكلها التقليدي في لوحات، بل قدماها خلف شاشات مضيئة تضفي بعدًا بصريًا في القاعة المظلمة إلا من إضاءات الصور، فيما جاء المعرض كتجربة، فلا تتوقف عند الاطلاع على لقطات الفنانين، ففي ممر ممتد علقت أبرز مقتطفات الرسائل موقعة باسم صاحبها، ووضعت كاملة بخط يد الـ22 شخصية في براويز متجاورة في ركن آخر، أما المقطاع المصورة، فيأتي مكانها داخل عرفة خاصة تحوي شاشة عرض، فيها يسمع صوت النجوم ويرون بينما يسردون مخاوفهم.
ولا تنتهي التجربة أمام شاشة العرض، أراد المصوران أن يصلا بالزائر لقمة المعايشة بالمشاركة، فبعد مشاهدة المقاطع المصورة، يحين دور الزائر بتدوين تجربته؛ أمام لوحة كُتب عليها السؤال ذاته الذي وجه للفنانين "إيه أكبر مخاوف عندك من المستقبل؟"، وبالجوار رزمة أوراق وقلم وصندوق مغلق لوضع الرسالة.
بعد جولتها، تحمست ياسمين خالد للكتابة، منذ عامين وتتردد صاحبة السادسة والعشرين عامًا في التعبير عما يخالجها من خوف، فيما شجعها رسالة الفنانة علا رشدي عن الإحساس بما يدور في المحيط من إنسان وحيوان "من فترة اكتشفت أن أكتر حاجة خايفة منها وبتضر البيئة هو استخدام الحيوانات"، أصبحت ياسمين نباتية منذ 6 أشهر لكنها طالما تراجعت عن مناقشة ما حولها فيما تراه خشية عدم التقبل أو التقليل مما تراه.
يرى أصحاب معرض "رسالة إلى العالم" أن الفنانين من شأنهم التأثير على جمهورهم إن ما قرروا توجيه رسالة، فيما يتمنى هيمن "المعرض يسافر محافظات مصر ويخرج للوطن العربي ويلف العالم كمان".
فيديو قد يعجبك: