إعلان

"تطبيقا لحديث النبي".. قصة مُعلم سعودي تبرع بكليته لطالب مريض (حوار)

01:09 م الإثنين 09 مارس 2020

المعلم والطالب

كتب- محمد مهدي:

اختبارات القَدر لا تنتهي، تُغلَق منافذ النور بغتة عن حياتك، تتحول الأيام إلى ساعات طويلة من الظلام، العجز يُحلق في كُل مكان، لا أمل أو حلول، قبل أن يأتي الفَرج من جديد، هذا ما اختبره المُعلم السعودي "علي أحمد" من جازان، في رحلته المريرة لعلاج طفليه "أحمد وعهد" المصابان بالفشل الكلوي، ثم تلقيه موافقة من زميله المُعلم "حسن مجربي" على خوض عملية للتبرع بكليته إلى الطفل الصغير منحته الحياة من جديد "ما فعلته تطبيق لقول النبي (عليه أفضل الصلاة والسلام) المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" يقولها المُتبرع في حواره مع مصراوي.

صورة 1

الخيط الأول للقصة بدأت حينما تعرض الطفل أحمد-11 عاما- رفقة شقيقته عهد- 5 أعوام- إلى وعكة صحية كبيرة لينطلق بهما الأب إلى مستشفى الملك فهد المركزي بالقُرب من بيتهم، خضعوا للعديد من الفحوصات التي كشفت عن مفاجأة غير حميدة "أخبرني الأطباء أن أطفالي مرضى بمتلازمة الكلى النفروزي الذي يهتك بأنسجة الكلى" كما يروي الأب لمصراوي، الصدمة الأكبر أنهما في المراحل النهائية من المرض ويحتاجان للتدخل السريع "عمل غسيل كلوي بصورة عاجلة" حاول الأب تمالك أعصابه والبدء سريعًا في البحث عن حل للأزمة.

انقلب حال الأسرة رأسًا على عقب، حزن يدمي القلوب، سيناريوهات مُرعبة عن مصير الطفلين، صار لزاما على الأب الذهاب رفقتهما إلى المستشفى 3 مرات أسبوعيًا لعمل الغسيل الكلوي لكلٍ منهما، والذي يستغرق نحو 3 ساعات يوميًا "كنت أوفق بين عملي وجدول غسيل الولد والبنت" يحبس دموعه بينما يرى الألم على وجوه "أحمد وعهد" لكن لا يملك سوى الدعاء والصبر، نصحه البعض باللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي للعثور على متبرعين "كانت النتيجة في بداية الأمر أن المتقدمين غرضهم المادة فقط" غير أنه تلقى اتصالا من زميله "حسن مجربي" كان له أثر طيب في قلبه.

صورة-2

كان "مجربي" قد علم بأخبار زميله وما يمر به من أزمة كبيرة، طرأت في مخيلته فكرة بأن يتقدم للتبرع إلى الطفل الصغير "بدافع إيماني وإنساني" وفق حديثه، أراد الرجل الأربعيني الحصول على الثواب والأجر في شفاء المريض، استشار من حوله، واتخذ قراره "الله أوزع الرحمة في قلوب عباده، وشيء كبير أن أكون مساهما في حل مشكل مريض" بعد اتصاله بالاب التقى به سريعًا "طرحت الفكرة لكن والد الطفل طلب مني التريث وإعادة التفكير في الخطوة من جديد" لم يتردد أبدًا "حاولت مرات عديدة مع الأب حتى وفقني الله".

على الفور، تمت الفحوصات الطبية الأولية في مدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية "تحاليل وتطابق الأنسجة، للتأكد من سلامتي الجسدية قبل التبرع، وصرت جاهزا للعملية" جاءت رغبته في إتمام العملية بسرية تامة "لم أرغب في تداول الموضوع ومعرفة الناس بالتبرع نهائيًا" فقط أخبر زوجته ووالدته وأشقاءه، في الوقت نفسه تلقى الأب مزيدا من الأخبار السارة "تمت الموافقة بسفري إلى أمريكا لزراعة كلى لابنتي على نفقة الدولة" انطلق إلى هناك، انغمس مع ابنته داخل المستشفى، كان جسده وعقله في الولايات المتحدة وقلبه رفقة ابنه في العملية التي يخضع لها بالرياض رفقة المُتبرع الشهّم "فوضت الأمر لأشقائي لمتابعة العملية" كما يذكر الأب.

صورة 3

قبل ساعات من خوض عملية التبرع بالكلى، دارت الأفكار والأسئلة في عقل المُتبرع مرة أخيرة "كنت واثق من قراري، قرأت كثيرًا وعلمت أن الإنسان يقدر على العيش بكلية واحدة"، نُقل الرجل الأربعيني إلى غرفة العمليات بمستشفى الأمير سلطان العسكري رقد بجانب الطفل الصغير، تحدث إلى الله داعيًا إياه بنجاح العملية ثم غاب عن الوعي مع بدء الجراحة لساعات، فيما يدهس القلق أسرة المُتبرع والطفل في انتظار خروجهما بخير من التجربة "عندما أفقت من البنج سألت أولًا على الولد" علم بعودة وظائف الكلى عند الصبي إلى وضعها الطبيعي "صراحة فرحة لا توصف".

صورة 4

"ما قام به موقف بطولي تعجز الكلمات عن شكره" هكذا قال الأب عن زميله المتُبرع، بينما انتشرت القصة في أرجاء جازان وكافة الأماكن داخل المملكة السعودية "زارني في المستشفى المتحدث الإعلامي لإدارة التعليم بمنطقتي، ومندوب من وزارة التعليم، وعدد من زملائي، شكرًا لهم" فيما ذُكرت تفاصيل القصة في القنوات التعليمية بالسعودية للاحتفاء بالمُعلم، بعد أيام خرج من المستشفى ومعه الطفل، ابتسامة تعلو وجهيهما، وشعور بالفخر داخل المُعلم بما أنجزه لوجه الله والإنسانية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان