لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مُحاصر بين وباءين.. شاب مصري عالق في تشاد بسبب إجراءات "كورونا"

12:28 م السبت 11 أبريل 2020

شاب مصري عالق في تشاد بسبب كورونا

كتبت- شروق غنيم:
رسوم- سحر عيسى:

في الرابع من مارس كان يمتلأ محمد المرشدي بالحماس، إذ بدأ رحلته إلى تشاد لتوثيق افتتاح آبار مياه في مناطق فقيرة بالدولة الأفريقية. على أطراف البلدة كانت مهمة الشاب العشريني، انقطع عن العالم بأكمله، لا وجود لشبكات الاتصال أو الإنترنت إلا قليلًا، ألف المرشدي الأجواء، تعايش مع غياب المرافق الأساسية مثل الكهرباء، انهمك في عمله برفقة اثنين من أصدقائه كويتي الجنسية، يفتتحان آبار المياه بينما تُحيطهم المحبة من أهل المكان، غير أنه يوم الأربعاء 18 مارس المنصرف، ارتبكت كل حساباته.

1

التقط هاتف المرشدي شبكة مكنته من فتح الإنترنت، كان العالم قد تغّير من معالمه كثيرًا، وفي زمرة الأخبار برز الآتي؛ غدًا تُغلق مصر مجالاتها الجوية وتعلق حركة الطيران للحد من انتشار كوفيد19. سرت رعشة في جسد الفتى المصري، ارتبكت خطاه، إذ لن يتمكن من الحجز واللحاق بآخر طائرة تعود إلى وطنه "لإني في مكان حدودي، عشان أرجع لعاصمة تشاد محتاج بس 3 أيام".

في تلك اللحظة كان لزامًا عليه العودة إلى نجامينا، برفقة أصدقائه بدأت رحلة المغادرة، سلك طرقًا ومدقات صحراوية، 72ساعة قضاها الشاب العشريني في الوصول إلى العاصمة، لم يمنح نفسه فرصة لالتقاط أنفاسه، بدأ جولة على المواقع الإخبارية يستطلع مدة الحظر المفروضة، تصفح موقع مصر للطيران "كان في حجوزات بعد 31 مارس مدة وقف الطيران، حجزت طيارة يوم أبريل وكان عندي أمل إني أرجع فيها لبلدي".

ترك المرشدي هاتفه، حاول الاسترخاء، طرد الهواجس عن نفسه، لكنه لم يقوَ على ذلك فالأجواء المحيطة تزيد من الأمر صعوبة. داخل غرفته في إحدى فنادق العاصمة، تنقطع الكهرباء عن المكان قرابة الـ13 ساعة يوميًا، تشتد درجة الحرارة وطأة "الأوضة بتبقى فُرن، لكن مقدرش أفتح الشباك خوفًا من الناموس أو الدبان"، صار الشاب المصري محاصرًا بين وباءين "ممكن يجيلي ملاريا بسبب ناموسة واحدة، وفي نفس الوقت بدأ كورونا ينتشر في تشاد".

وسط عتمة الغرفة وانقطاع سُبل الحياه عنه قضى المرشدي عشرة أيام داخل الغرفة والتي تُكلفه يوميًا 60 دولار، كلما يقترب من الأول من أبريل يخفق قلبه أملًا في العودة، لكن سرعان ما تلاشى حُلم العودة للوطن حين تم تمديد فترة الحظر حتى 23 من أبريل الجاري.

ابتلع المرشدي همَّه، حاول رسم الابتسامة على وجهه، أمسك بهاتفه الجوال للتواصل مع والدته يُطلعها عما جرى، بضغطة زر ذابت مسافة قدرها 4 آلاف كيلومترًا بين البلدين، يأتيه الصوت من القاهرة فتسكن الطمأنينة قلبه قليلًا "لما بكلم أمي بحاول أهزر وأقولها أنا حالي جميل عشان خايف عليها".
رغم ذلك لا تتبدد مخاوف الأم المصري، تنفلت الدموع من عينيها "هي متعودة على سفرياتي، بس أول مرة متبقاش قادرة تقولي أرجع، لإن الموضوع مش في إيدي"، يُهدأ صاحب الـ24 ربيعًا من حال والدته، يعاود إلقاء المُزحات عليها، يبسط شفتيه فتنم عن ابتسامة، وما إن تنتهي المحادثة يغرق المرشدي في نوبة بكاء، يتفتت قلبه حُزنًا "عمري ما مريت بأذى وضغط نفسي بالشكل ده. نفسي كل ده يخلص في أقرب وقت".

2

لم يترك المرشدي سبيلًا إلا وقد طرقه، من يوم لآخر يذهب إلى السفارة المصرية، يسلك طريقًا محفوفًا بإمكانية الإصابة بفيروس كورونا وهو عاري من أي سُبل وقاية "مفيش هنا كحول أو كمامة"، لليوم العشرين يسمع العبارة نفسها "إحنا مستنيين طيارة تيجي تاخدكم، لما يكون في جديد هنكلمكم"، يعود إلى غرفته بالفندق، يغسل يديه جيدًا، ينزع ملابسه ثم يغرق في العتمة من جديد.
لم تخلُ أبواب السفارة المصرية من قصص شبيهة بالمرشدي، ذات يوم وجد قرابة 35 عاملًا مصريًا يستغيثون للعودة، تبادل الأحاديث معهم "عمال جم تشاد يوم 17 مارس للعمل في شركة، لكن طلعت نصابة ومن وقتها ولا ليهم سكن ولا عارفين يعملوا إيه".

3

لا يغادر المرشدي غرفته سوى للذهاب إلى السفارة والسوبر ماركت "ده بروحه مرة في الأسبوع"، يحاول خلالهما تجنب الاختلاط قدر الإمكان "ومفيش تواصل بيني وأي حد. أنا في بلد غريبة معرفش فيها أي حد ولا حد يعرفني"، انغمس الشاب المصري في ذلك الشعور مع التاسع والعشرين من مارس "لما الكويت عملت إجلاء لصحابي الاتنين، وفضلت أنا وحيد هنا".
مع صباح كل يوم جديد، يستيقظ الشاب المصري على أمل نبأ جديد، لا يبرح الهاتف من يديه إلا مع نفاذ بطاريته "بفضل أدور على أخبار عن أي طيارة ممكن تاخد المصريين من هنا"، يتابع ما يجري مع المصريين بالخارج، إجراءات الحكومة لإجلاء العالقين "وبيبقى نفسي ده يحصل معايا هنا في تشاد".

يتدبر المرشدي أوضاعه المادية، أوشكت أمواله على النفاذ لاسيما أن تكلفة الإقامة في نجامينا عالية "كل حاجة غالية هنا، المياه والأكل والإنترنت"، وبسبب انقطاع الكهرباء المستمر تفسد الأطعمة التي يخزنها في ثلاجته "الفلوس اللي معايا هتكفيني لحد يوم 20 أبريل مش عارف بعدها هعمل إيه.. معنديش أي خطة".
عشرون يومًا انقضوا ولم يتغير حال الشاب المصري، كلما انفلت منه الأمل يذهب إلى السفارة القريبة من نطاق غرفته، لا يكف عن البحث عن مخرج، يقبض على هاتفه ويتصفح المواقع الإخبارية والتواصل الاجتماعي، يتجاهل الأخبار المتعلقة بالفيروس المستجد "الأذى النفسي اللي أنا فيه أكبر بالنسبة لي من كورونا"، يتمنى زوال الكرب بأسرع وقت "نفسي حد يكلمني يقولي في طيارة هترجعك مصر".

4

*خصصت وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج 3 وسائل للتواصل مع المصريين العالقين بالخارج بسبب كورونا.. البريد الإلكتروني

Egyexpcare2020@gmail.com
وعن طريق خدمة الواتساب 01069613755 / 01062437210

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان