إعلان

صورة وحكاية (5).. الغرفة 441 وأيام "الحكيم" الأخيرة

08:52 م الأحد 19 أبريل 2020

الكاتب الكبير توفيق الحكيم في أيامه الأخيرة

تصوير- حسام دياب

كتب- محمد مهدي:

تلفزيون صغير، صُحف يومية، وعصا، هي رفقة الكاتب الكبير "توفيق الحكيم" داخل الغُرفة 441 بمستشفى المقاولون العرب، الذي قضى فيه أيامه الأخيرة.

الجو خانق في صيف عام 1987، لكن ذلك آخر همه في الحياة، قَلبه مُثقل بما هو أسوأ، وفاة ابنه الحبيب "إسماعيل" قبل سنوات، التوقف عن الكتابة، آلام المرض ومرارة الوحدة، كان الملل حاضرًا، والحزن ضيف غير مُرحب به، لكنه رغم ذلك استجاب سريعًا لطلب المصور الصحفي "حسام دياب"- الذي داوم على زيارته خلال تلك الأيام كصديق- بالتقاط صورة له لتُصبح آخر صورة لـ"الحكيم" قبل وفاته.

كان "الحكيم" يتمتع بصحة جيدة لعقود عديدة، يداوم على ممارسة الرياضية يوميًا، لم يعرف طريق الأطباء قبل سن الستين- كما قال لدياب- لكن مسار القدر دفعه إلى العيش بمستشفى المقاولون العرب لفترات طويلة داخل "جناح الحكيم" كما أُطلق عليه؛ إذ تدهورت حالته بعد أشهر من وفاة الابن الأكبر- إسماعيل- في عام 1978 نتيجة إصابته بتليف في الكبد، وهو ما تسبب في غرق صاحب "أهل الكهف" في نوبات اكتئاب تشتد كلما اقتربت ذكرى وفاة ابنه في أكتوبر من كُل عام.

طغى الحزن على أيام "الحكيم"، وتأثرت صحته، وكشرت أعراض الشيخوخة عن أنيابها خاصة في عام 1981، وصار الذهاب إلى المستشفيات زيارة اعتيادية، حتى سقط ذات يوم في 1984، نُقل إثرها إلى مستشفى المقاولون العرب، قضى أياما في غيبوبة متأثرًا بأزمة في القلب، ظن من حوله والأطقم الطبية باقتراب النهاية- وفق حنفي المحلاوي، في كتابه الأيام الأخيرة في حياة هؤلاء- لكنه تعافى بعد 9 أشهر من محاولات الشفاء، خرج من المكان إلى بيته، ثم عاد من جديد إثر انتكاسة جرت بعدها بـ3 سنوات.

بين النوم على سريره الصغير والتأمل أحيانًا والزيارات القليلة، قضى صاحب الـ89 عاما، ساعات يومه في الغرفة 441، يستقبل يوميًا ابنته "زينب" وعددا من الأصدقاء والصحفيين بين الحين والآخر، من بينهم "حسام دياب" رفقة الأستاذة "نادرة وهدان" لإجراء حوار معه "خلال كلامنا اشتكى من الوحدة وقلة الزيارات" على الفور استأذنه "دياب" في زيارته كلما سنحت الفُرصة "بقيت بروح كل ما الوقت يسمح، نقعد نتكلم، أبلغه بسلامات الناس وإن أعماله لسه في وجدان المجتمع ومؤثرة" تكونت صداقة بينهما، وصار الأخير شاهدا على كيفية قضاء الكاتب الكبير ليومه "بياكل بسيط، ويتكلم قليل، ويتحرك لمسافات صغيرة ويرجع لسريره".

4

بعد أيام من التقاط "دياب" للصورة النادرة لـ "الحكيم" داخل جناحه الخاص بالمقاولون العرب، تحديدًا 26 يوليو 1987، كان الرجل الثمانيني يلفظ أنفاسه الأخيرة، تكور بجسده على سريره، وساءت حالته، وتلقت الابنة اتصالا من المستشفى بضرورة المجيء في أسرع وقت "شعرت أن هذه هي الليلة الأخيرة في حياته" كما تذكر السيدة زينب، نُقل إلى غرفة الإنعاش، حتى فاضت روحه في الساعة العاشرة مساء، لتفقد مصر أحد أهم كتابها.

اقرأ المزيد:

صورة وحكاية (1)- خروج آخر جندي إسرائيلي من رفح

صورة وحكاية (2)-"البابا شنودة" داخل ملاذه الروحي ومستقره الأخير

صورة وحكاية (3).. "كوباية شاي".. الطلب الأخير لقاتل قبل إعدامه
صورة وحكاية (4) في الصعيد الجواني.. مغامرة الأطفال مع قطار القصب

صورة وحكاية.. جولة عبر الزمن بعدسة المصور "حسام دياب"

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان